صديقتي حامل في نهاية الشهر الرابع، وحين ذهبت للطبيب لإجراء الأشعة فوق الصوتية كما اعتادت وللفحص الدوري، أخبرها بأن وضع المشيمة المسؤولة عن تغذية الجنين ليس طبيعيًّا، وأنها في وضع أمامي متقدم عن وضع الطفل نفسه، كذلك يغطي عنق الرحم وجرح الولادة القيصرية الأولى التي قامت بها صديقتي، في البدء أصابها الهلع والرعب ولكن الطبيب طمأنها بعد ذلك بشرح الحالة كاملة وأسبابها وتأثيرها على صديقتي وجنينها وعملية الولادة فيما بعد، والذي أنقل حديثه كاملًا لكِ في السطور التالية.
ما دور المشيمة؟ وما الوضع الطبيعي لتكونها بالرحم؟
المشيمة هي كتلة من الأنسجة والأوعية الدموية تتكون مع تكون الجنين وكبر حجمه شهرًا بشهر، وتتصل بالرحم ويخرج منها الحبل السري الذي يغذي الجنين بالأكسجين والغذاء اللازم لنموه طوال فترة الحمل. ويكون الوضع الطبيعي لتكون المشيمة داخل الرحم في الأعلى بعيدًا عن عنق الرحم وأسفل البطن، وذلك هو الوضع الأمثل والطبيعي والشائع بين جميع النساء خلال فترة الحمل، ويسمح بالولادة الطبيعية للجنين دون مضاعفات وكذلك القيصرية أيضًا. وبعد أن يتم توليد الجنين بسلام يقوم الطبيب بإخراج المشيمة من الرحم خلف الجنين مباشرة.
متى يمكن تحديد وضع ومكان المشيمة بشكل دقيق؟
كما ذكرنا من قبل فإن المشيمة تتكون منذ بدء تكون الجنين في الرحم، وتنمو وتكبر بمرور شهور الحمل ونمو الجنين، ويكون وضعها ومكانها واضحًا جدًّا منذ الشهر الرابع للحمل، ولكن عادة لا يُجزم الأطباء بوضعها ومكانها النهائي قبل الأسبوع الـ28 للحمل، أي قبل حلول نهاية الشهر السابع تقريبًا، لأنها في ذلك الوقت تكون قد اتخذت الوضع المستقر والدائم حتى الولادة بنسبة 90%.
في ذلك التوقيت يحدد الطبيب مكان المشيمة، فإما أن تكون في وضعها الطبيعي أعلى الرحم، أو في بعض الحالات الاستثنائية تتكون في أسفل الرحم منذ بداية الحمل، وتظل هكذا حتى موعد الولادة وتسمى حينها المشيمة النازلة أو المتقدمة أو الأمامية.
ما أوضاع المشيمة النازلة وكيف تؤثر على الحمل والولادة؟
وضعية المشيمة النازلة تمنع الأم من الولادة الطبيعية أو في أحسن تقدير تقلل فرص حدوثها لتجنب حدوث النزيف - لا قدر الله - وقت الولادة، ويكون القرار الأمثل هو الخضوع للقيصرية. وتؤثر كذلك وضعية المشيمة على وصول الغذاء بشكل طبيعي وكافٍ للجنين، ولكن يمكن تجنب ذلك تمامًا بالمتابعة الدورية بأشعة "الدوبلر" في كل مرة للتأكد من سلامة الدورة الدموية للمشيمة.
ويكون للمشيمة النازلة وضعان رئيسيان، هما:
الوضع الأول:
المشيمة النازلة بشكل جزئي، وفي هذه الحالة تكون المشيمة متقدمة عن الجنين أي في وضع أمامي ولكنها لا تغطي عنق الرحم بالكامل بل بشكل جزئي.
وفي هذه الحالة بنسبة كبيرة ترتفع المشيمة مرة أخرى لأعلى عنق الرحم مع تقدم الحمل وكبر حجم الرحم والجنين فيجذبها لأعلى مرة أخرى، ولذلك في هذه الحالة لا يُجزم الطبيب بوضع المشيمة النهائي قبل الشهر الثامن لأن احتمالية ارتفاعها تكون عالية جدًّا.
الوضع الثاني:
المشيمة النازلة بالكامل، وهي المشيمة المتقدمة التي تغطي عنق الرحم بالكامل وتسده، وإذا كان هناك ولادة قيصرية سابقة للأم فإن هذا الوضع للمشيمة يغطي مكان جرح الولادة الأولى أيضًا.
ويكون في أسوأ حالاته إذا كانت المشيمة ملتصقة بجدار الرحم مكان الجرح القديم، في هذه الحالة لا تتحرك من مكانها مهما تقدم الحمل وكبر حجم الرحم والجنين.
بل إن نسبة الخطورة تكون في أعلى معدلاتها من حيث حدوث نزيف - لا قدر الله- أو حدوث انفصال للمشيمة مع نمو الجنين، أو عدم وصول الدم والغذاء والأكسجين بشكل كافٍ لنمو الجنين واكتمال الحمل، وهذه الحالة تتطلب متابعة دورية ودقيقة من الطبيب حتى موعد الولادة لتجنب المضاعفات السيئة.
أسباب وأعراض المشيمة النازلة أو الأمامية:
النزيف المهبلي دون ألم هو العرض الرئيسي للمشيمة النازلة، والذي يكتشفه الطبيب لاحقًا بالسونار العادي أو أشعة الـ4D.
بشكل عام لا يوجد سبب مباشر لتكون المشيمة في الجدار الأمامي للرحم أي حدوث المشيمة النازلة، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من فرصة تكون المشيمة النازلة، وهي:
إجراء جراحات سابقة في الرحم مسببة ندبات واضحة.
الولادة القيصرية السابقة وحدوث التصاقات في الرحم.
تقارب الوقت بين موعد الولادة القيصرية والأخرى.
الحمل بأكثر من جنين مثل التوائم الثنائية والثلاثية.
الإصابة بحالة المشيمة النازلة نفسها في حمل سابق.
القيام بمجهود مضاعف في أثناء الحمل.
إصابة الأم بالضغط أو السكر، أو كان عمرها فوق 35 سنة.
كيف يمكن التعامل مع حالة المشيمة النازلة؟
الراحة التامة وتجنب المجهود والحركة المفاجأة وصعود أو نزول السلالم.
أخذ الفيتامينات والمقويات اللازمة وقت الحمل، والمتابعة الدورية مع الطبيب بشكل مستمر.
تجنب السفر وقيادة السيارة لمسافات طويلة.
النقليل من ممارسة الجماع - إذا طلب الطبيب- عند حدوث نزيف أو استمر وضع المشيمة حتى الثلث الأخير من الحمل لتجنب النزيف الشديد.
وأخيرًا، إذا كنتِ في بداية حملك وأخبركِ الطبيب بأنكِ تعانين من وضع المشيمة النازلة، فلا تقلقي، غالبًا سترتفع بعد ذلك بشكل طبيعي للأعلى إذا كانت غير منغرسة بجدار الرحم الأمامي، وحتى إذا لم يحدث وتابعت حملك بشكل طبيعي حتى الشهر التاسع دون مضاعفات سابق ذكرها وكانت حالة جنينك جيدة ومكتمل النمو، سيتخذ طبيبك قرار الولادة القيصرية بشكل نهائي، تجنبًا لحدوث نزيف قوي يهدد حياتك أو حياة الطفل وقت الولادة.
*نقلا عن موقع (سوبر ماما)