يسابق السياسيون في تونس الزمن ويعملون على توظيف الوفاق الحاصل لتطبيق خارطة الطريق والاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 14 يناير من خلال المصادقة على الدستور ومنح الثقة لحكومة التكنوقراط و انتخاب هيئة الانتخابات ، لكن التفاؤل و حسن النوايا لا يكفيان اذ تقبع بعض العقبات على الطريق قد تؤجل تحقيق هذه الأهداف كليا أو جزئيا .

يشرع المجلس الوطني التأسيسي صباح الجمعة في مناقشة مشروع الدستور فصلا فصلا في ظرف أقصاه أسبوع وهي عملية ليست يسيرة باعتبار أن المشروع يضم 146 فصلا و سبعة أبواب اضافة الى أكثر من مائتي مقترح تعديل وصلت من النواب وتتطلب التصويت عليها للنظر في قبولها و مناقشتها أو التخلي عنها .

وفي المقابل تدفع عدة أطراف الى القول بأن التوافق سيسود عند مناقشة فصول الدستور و المصادقة عليها بعد غياب نقاط خلافية بين الفرقاء السياسيين ورغبتهم ، وفي طليعتهم النهضة ، في تسريع المصادقة على الدستور ونبذ أية خلافات ممكنة .

وتخفي رغبة النهضة ، الحزب الذي يستعد لمغادرة الحكم وتسليم العهدة الى حكومة مستقلة يقودها مهدي جمعة ، وزير الصناعة الحالي ، تحقيق انجاز تاريخي يتمثل في امضاء رئيس الحكومة المتعهد بالاستقالة علي العريض على دستور الثورة ، وهو ما يفسر تأخره في تقديم استقالته الى رئيس الجمهورية المطالب وقتها بتكليف نهدي جمعة بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة تتعهد بعدم الترشح الى الانتخابات القادمة وتتولى اعدادها وانجاحها .

ولا يعرف متى سيقدم العريض استقالته بالرغم من أنه سيواصل تسيير أعمال الحكومة الى يوم نيل رئيس الحكومة الجديد ثقة التأسيسي وهو ما يجعله مؤهلا للانجاز التاريخي قبل خلفه .

الانتخابات في الخريف القادم 

يستبعد عديد المراقبين أن تجرى الانتخابات القادمة ، والتي لم يتأكد الى الآن بأنها ستكون عامة ، تشريعية ورئاسية ، أم تشريعية فقط ، في الربيع القادم لأسباب عديدة أبرزها أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، التي يتوقع تشكيلها هذه الأيام ، يلزمها بين ستة وثمانية أشهر لاعداد انتخابات بمواصفات دولية .

وكانت حركة النهضة عبرت عن أملها في أن تتم الانتخابات في شهر ماي القادم وان لم يتم ذلك ففي أكتوبر المقبل ، وفي الحقيقة فان موعد الانتخابات  يبقى من صلاحيات الهيئة العليا وحدها وقبل الحكومة و الأحزاب ,

وتبدو حركة النهضة أكثر استعدادا للانتخابات القادمة اذ تريد العودة الى الحكم بالصندوق ثانية وهو ما جعلها ومنذ اعلانها التخلي عن الحكم تدعو أنصارها والمكلفين بالانتخابات الى الشروع في العمل الميداني و العمل على التعبئة الجماهيرية خاصة وانها تدرك أن شعبيتها تراجعت في فترة الحكم نتيجة الاحتقان الشعبي الذي سرق المتعاطفين معها الذين صوتوا لها في انتخابات 23 اكتوبر 2011 .