أول سؤال تبادر إلى ذهني حين بدأ الوباء يجتاح العالم هل سيقف المختصون في علم الأوبئة، والفيروسات في ليبيا مكتوفي الأيدي، وينتظرون مثلنا نحن الناس العاديون اكتشاف لقاح ضد هذا الوباء، ولماذا لا يتم عزل الفيروس في معاملنا في ليبيا، هل قلة الإمكانيات هي التي تحكم أم ضعف الكوادر البشرية المختصة، هذه الأسئلة أجابنا حولها رئيس لجنة التوعية، والتثقيف بجامعة طرابلس، وأستاذ علم الفيروسات
بكلية الطب البيطري بجامعة طرابلس البروفسور إبراهيم الدغيس قائلا:
السبب الرئيس في عدم إمكانيات عزل الفيروس في ليبيا وإيجاد لقاح هو عدم وجود معمل خاص لعزل مثل هذه الفيروسات لدينا، فلعزل هذا الفيروس نحتاج لمختبر من مستوى السلامة الحيوية الثالث (BSL-3) أو المستوى الرابع (BSL-4).
ويضيف الدغيس بأن: هذه المختبرات يوجد منها في قارة أفريقيا ثلاث مختبرات فقط من المستوى الثالث، في كل من نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا، ومختبران فقط من المستوى الرابع في الجابون وجنوب أفريقيا.
فيما تتوفر المختبرات التشخيصية والتي تحتوي على عدة معدات وأجهزة وتقنيات بما فيها تقنية (RT-PCR) موجودة في معظم الدول بما فيها ليبيا.
وأوضح بأن مستويات السلامة الحيوية بالمختبرات ــ والتي عبارة عن مجموعة من احتياطات المكافحة الحيوية اللازمة لعزل المسببات البيولوجية الخطرة في مختبر مغلق ــ تشمل عدة مستويات وهي من أدنى مستوى للسلامة الحيوية رقم 1 إلى أعلى مستوى وهو رقم 4 .
يقول الدغيس بأن: عمل المستوى الأول من السلامة الحيوية مناسبا للعمل مع كائنات حية دقيقة، والتي لا تسبب المرض عند الأشخاص الأصحاء بشكل عام هذه الكائنات الحية الدقيقة تشكل الحد الأدنى من المخاطر المحتملة على موظفي المختبر، وعلى البيئة.
ويضيف بأن الاحتياطات في هذا المستوى محدودة وبسيطة مقارنة بالمستويات الأخرى منها: يجب على العاملين في المختبر غسل أيديهم عند دخول المختبر والخروج منه، كما يمكن إجراء البحوث بهذه المعامل دون استخدام معدات خاصة، ويجب تطهير المواد المعدية المحتملة قبل التخلص منها، إما باستخدام مواد كيميائية أو عن طريق التغليف وإزالة التلوث في مكان آخر، وليس من الضروري عزل مختبرات عن المبنى العام.
وعن السلامة الحيوية المستوى الثاني يقول: في هذا المستوى يتم اتباع جميع الاحتياطات المذكورة في السلامة الحيوية بالمستوى الأول، بالإضافة إلى ضرورة تلقي العاملون في المختبر تدريباً خاصا على كيفية التعامل مع مسببات الأمراض من قبل المدربين والخبراء، كما تؤخذ الاحتياطات القصوى مع العناصر الحادة الملوثة.
و يؤكد الدغيس على أن: بعض الإجراءات التي يمكن أن ينشأ من خلالها عدوى معدية بواسطة الرذاذ فيجب إجراؤها في "كابينات" السلامة الحيوية، ويعد المستوى الثاني من السلامة الحيوية مناسبًا للعمل مع كائنات حية دقيقة ذات خطر محتمل متوسط على الأفراد والبيئة، وهذا يشمل الكائنات الحية الدقيقة المختلفة التي تسبب مرضًا خفيفًا للإنسان، مثل فيروسات التهاب الكبد وفيروس نقص المناعة البشرية.
و عن السلامة الحيوية المستوى الثالث ـــ و هي المختبرات غير الموجودة لديناــ و يعد مناسبًا للعمل على الميكروبات التي يمكن أن تسبب مرضا خطيرا وقد يكون مميتا للإنسان عن طريق الاستنشاق (من ضمنها فيروس الكورونا المستجد)، و في هذا المستوى ستكون هناك احتياطات اعلى لمستوى السلامة ومنها:
توفير المتابعة الطبية لجميع العاملين في هذه المختبرات وتقديم التطعيمات ذات الصلة (إذا كانت متوفرة) لمنع خطر الإصابة العرضية بالمرض، والعمل على هذه الميكروبات المعدية يجب أن يتم داخل "كابينة" السلامة البيولوجية .
كما يجب أن يرتدي العاملون في المختبر ملابس واقية خاصة، ويمنع ارتداؤها خارج المختبر ويجب التخلص منها أو تطهيرها بعد كل استخدام، ضرورة فصل مدخل المختبر عن مناطق المبنى، ويجب أن يكون للمختبر بابين من الأبواب ذاتية الغلق، بناء المختبر بطريقة تسهل من عملية تنظيفه بسهولة، كما يجب أن تكون النوافذ محكمة الغلق، ويتم تثبيت نظام تهوية ووجود فلاتر خاصة لتنقية الهواء.
و يضيف عن السلامة الحيوية المستوى الرابع :يعد أعلى مستوى من احتياطات السلامة الحيوية، وهو مناسب للعمل مع الكائنات الحية الدقيقة التي يمكن أن تنتقل بسهولة عبر الهواء داخل المختبر وتتسبب في حدوث أمراض خطيرة أو قاتلة للإنسان والتي لا توجد لها لقاحات أو علاجات متاحة، يجب أن يتم كل العمل داخل كابينة السلامة الحيوية من الدرجة الثالثة، بواسطة أفراد يرتدون بدلة ضغط موجبة الدخول لهذا المختبر محدود فقط للفنيين المدربين والمرخصين للعمل به. وللخروج من هذا المختبر لابد من غسل كامل بالمواد المطهرة لإزالة أي تلوث، ثم الدخول لغرفة أخرى لإزالة بدلة الضغط الموجبة يتبعه بغسيل كامل.