مثلت ظاهرة تجنيد الأطفال في صفوف التنظيمات المتطرفة واستغلالهم في عمليات إرهابية، مشكلة تؤرق دول العالم، ومن بينها ليبيا، التي راهنت قوى الإرهاب على تجذير الفكر المتطرف فيها عبر القصّر والأطفال.
ويعتبر ملف التعامل مع "أطفال داعش" من أكثر الملفات الإنسانية تعقيدا حيث أن هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم فيما إقترفه الكبار من فضاعات لكن قامت بعض الدول و المنظمات الإنسانية جهودا في اتجاه حل هذا الملف الحارق.
بين عامي 2014 و2016 التحقت المئات من النساء من دول الجوار بتنظيم داعش في ليبيا بعضهن برفقة أزواجهن وأطفالهن، وأخريات تزوجن هناك أو تعرضن للاغتصاب على أيدي العناصر، فأنجبن أطفالا قتل العديد منهم في معارك تحرير مدينة سرت من التنظيم المتطرف، وبقي آخرون على قيد الحياة، فتم إيداعهم داخل سجون ومراكز رعاية في ليبيا، في انتظار البت في أمرهم.
ويقبع عشرات الأطفال الذين خلفهم داعش مثلما يصطلح على تسميتهم "أطفال داعش"، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 أشهر إلى 13 في سجن معتيقة بالعاصمة طرابلس وكذلك في مقر الهلال الأحمر بمدينة مصراتة تتراوح أعمارهم سنة، بعضهم مع أمهاتهم والبعض الآخر وحيدون.
وكانت القوات الليبية قد أنقذت عددا من الأطفال خلال حربها ضد "داعش" في مدينتي سرت وصبراتة عام 2016، لتجد الدولة نفسها مضطرة لرعاية قرابة 200 طفل تراوحت أعمارهم بين الشهر الواحد والثلاث عشرة سنة، تعود جنسيات آبائهم لأكثر من عشر دول عربية وإفريقية.
وقال مدير إدارة الشؤون القنصلية بالخارجية الليبية البي محمد إنهم راسلوا جميع دول الأطفال لإتمام إجراءات استلامهم وعودتهم لأسرهم، مؤكدا أن الدولة الوحيدة التي استجابت واسترجعت أطفالها هي السودان، بينما لم تستجب بقية الدول، ومنها مصر وتونس.
إلى ذلك،أفاد رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور، بأن السلطات التونسية تسلمت في شهر مارس 3 نساء و5 أطفال من أسر عناصر تابعين لتنظيم داعش بسرت.
وأكد الصور أن مكتب النائب العام لا يمانع في تسليم كل زوجات عناصر داعش وأطفالهن ماعدا المتهمات منهن في قضايا تنظر في المحاكم الليبية.
وكانت النائب بالبرلمان التونسي خولة  بن عائشة قد تلقت ردا من الخارجية التونسية على خطابها بشأن الأطفال التونسيين بليبيا، إلا أنها اعتبرته إعادة لمعطيات معلومة دون أن يقدم إضافات، مؤكدة وجود أبعاد سياسية لهذا الملف بحسب تعبيرها.
من جانب آخر، طالب رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين المصريين أحمد مصيلحي بتدخل الدولة المصرية عبر المفاوضات لحماية الأطفال والحفاظ على حقهم في الحياة في أسرع وقت ممكن، مؤكدا أن حقوق الأطفال كفلها الدستور، كما اتفاقية حقوق الطفل الموقعة من قبل الدولة المصرية.
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قالت إنها تسلمت 5 من أطفال دواعش يتامى ومنفصلين عن أسرهم، تصل أعمارهم 5 سنوات، مؤكدة ضرورة محاكمة الراشدين من الفرنسيين الذين انضموا لداعش، وأن عودة الأطفال والقصر يعد أمراً إنسانياً.
وكشف تقرير لمكتب حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، صدر في الأول ديسمبر 2018: "إنّ المحققين وثّقوا شهادات عن العمل القسري، في 6 مراكز احتجاز، بين عامَي 2017 و2018، بما في ذلك تاجوراء وطريق السكّة بطرابلس الكبرى".
ويقبع عشرات الأطفال الذين خلفهم داعش مثلما يصطلح على تسميتهم "أطفال داعش" اليوم، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 أشهر إلى 13 في سجن معتيقة بالعاصمة طرابلس وكذلك في مقر الهلال الأحمر بمدينة مصراتة تتراوح أعمارهم سنة، بعضهم مع أمهاتهم والبعض الآخر وحيدون.
في نفس الإطار،سلط مركز المستقبل للدراسات والأبحاث، الضوء على طرق التعامل مع أطفال الجماعات المتطرفة، متطرقا في دراسة له تحت عنوان "كيف يعكس الأطفال القُصّر في بؤر التوتر تفاعلات الإقليم؟" إلى سبل التعامل مع الأطفال المولودين والمنخرطين في بؤر الصراعات المسلحة العربية.
ولفت المركز إلى إنه نظرًا لأن عددًا من المقاتلين في التنظيمات الإرهابية، وبصفة خاصة "داعش"في ليبيا وسوريا والعراق، قُتِلوا أو فروا أو سُجِنوا أو احتُجِزوا، يظل مصير أطفالهم الذين ولدوا "عالقًا"لا سيما في حال فقدان أمهاتهم أيضًا، وعدم امتلاك أوراق ثبوتية  رسمية.
ويعيش بعض هؤلاء الأطفال مع أمهاتهم في السجون أو المخيمات داخل الدول السابقة، حيث يعانون من نقص حاد في الغذاء والملبس والدواء، وهو ما قد يتعرض له الأطفال المجندون، بشكل قسري، في صفوف الميلشيات المسلحة اليمنية والليبية، على نحو يثير اهتمام بعض المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية المعنية بحقوق الأطفال وخاصة في النزاعات المسلحة.
من ذلك،يرى مراقبون أنههناك تجارب استهانت بعودة أطفال وأسر التنظيمات الإرهابية، ما خلق أجيالاً جديدة من المتطرفين ظل العالم يعاني من إرهابهم"، كتجربة عودة أجيال تنظيم "القاعدة" الأولى إلى بلادهم، ما خلق أسر مثل أسرة زعيم التنظيم "أسامة بن لادن" التي توارثت الفكر المتطرف عبر الأجيال.