بالرغم من أن الدعوات الدولية المتتالية لوقف اطلاق النار في ليبيا والعودة الى طاولة الحوار بين الفرقاء الليبيين،أوجدت بصيصا من الأمل حول إمكانية الذهاب نحو الحل السلمي والوصول الى تسوية سياسية في البلاد،فإن الأطماع التركية وتدخلاتها السافرة التي تزداد وتيرها على وقع التحشيدات لمعركة سرت تضع ليبيا على صفيح ساخن يهدد بتفاقم الأوضاع أسوة بالسنوات الماضية.

إلى ذلك، عادت تصريحات المسؤولين الاتراك التي تحمل في طياتها تهديدات بمزيد اشعال الحروب في ليبيا لتترجم حقيقة سيطرة أنقرة على مقاليد السلطة في طرابلسففي تصريح مثير جديد،أعلن  وزير الخارجية التركية مولود تشاووش اوغلو، عن الشروط التي زعم أن حكومة الوفاق الليبية قد وضعتها لوقف اطلاق النار. 

وقال جاويش أوغلو، في تصريح لصحيفة "فاينانشيال تايمزنشرته الأحد، إن هناك "إصراراًداخل حكومة الوفاق، ومقرها العاصمة الليبية طرابلس وتدعمها تركيا عسكرياً، على استئناف هجومها ضد قوات حفتر إذا لم تتراجع في مدينتي سرت الساحلية الاستراتيجية والجفرة التي توجد بها قاعدة جوية كبيرة في وسط البلاد على حد زعمه.

https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1282319301140271104

ولمح الوزير إلى أن أنقرة قد تدعم أي هجوم، واصفاً "الشروط المسبقةالتي تضعها حكومة الوفاق بأنها "شرعية ومعقولة".ولفت الوزير التركي إلى وجود مدربين وفنيين أتراك في قاعدة الوطية التي تعرضت في وقت سابق للقصف،زاعما أن الطاقم التركي لم يصب بأذى جراء قصف القاعدة، على حد تعبير الوكالة.

وتأتي تصريحات أوغلو بالتزامن مع تواصل عمليات نقل المرتزقة الى الأراضي الليبية والتي تقوم بها تركيا في اطار مساعيها للسيطرة على الحقول النفطية.وفي هذا السياق،كشف ضابط في أمن مدينة مصراته الليبية،الأحد، عن قيام تركيا خلال الأيام الماضية، بنقل أكثر من ألف مقاتل تونسي، ينتمون لتنظيمات متشددة إلى ليبيا؛ لافتًا إلى أن طائرات مدنية ليبية وأخرى تركية نقلت عبر رحلات إلى مطار مصراتة حوالي 1400 متشدد جميعهم من الجنسية التونسية.

وأوضح الضابط في تصريحات نقلتها صحيفة الصدى السعودية أن المتشددين تم نقلهم على دفعات من بعض المناطق السورية وتحديدا من حلب وإدلب إلى غازي عنتاب وإسطنبول، ثم إلى مصراتة؛ فيما وصلوا إلى أربع مناطق في ليبيا وهي صبراتة، تليل، الوطية، ذهيبة، وراس جدير.وأشار إلى أن جميع هذه المناطق لا تبعد أكثر من 100 كم عن الحدود التونسية، بينما هذه المجموعات من المقاتلين لم تسلم سوى أسلحة شخصية لقياديين في كل مجموعة، كما أنهم لم ينقلوا إلى شرق مصراتة لمواجهة قوات الجيش.

ويسعى النظام التركي للتحشيد تمهيدا لمعركة سرت حيث يسعى جاهدا للسيطرة على الحقول النفطية ونهب ثروات البلاد.وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، عبر صفحة على "فيسبوك"، إن "هناك نحو 16 ألف مرتزق من حملة الجنسية السورية وصلوا إلى ليبيا، عاد منهم 5600 بعد أن انتهت عقودهم وحصلوا على أموالهم، ولا يزال هناك أكثر من 10 آلاف منهم في ليبيا، مستعدين للمعركة التي طلبها منهم الجيش التركي، وهي معركة حقول النفط وسرت... هذا هو الهدف الرئيسي لتركيا حالياً".

وكام قائد قوة عمليات إجدابيا التابعة للجيش الليبي اللواء فوزي المنصوري،كشف في وقت سابق أن قوات الجيش الليبي رصدت تحركات لقوات الوفاق المدعومة بالمرتزقة والأتراك في محيط مدينتي سرت أو الجفرة.وشدد المنصوري، على أن كل من "قاعدة الجفرة الجوية ومدينة سرتيعتبران خط الدفاع الأول عن الحقول النفطية والتي تمثل الهدف الأساسي لما وصفه بـ "المعتوه أردوغان".

ويسعى أردوغان للسيطرة على مدينة سرت كونها مفتاح السيطرة على منطقة "الهلال النفطيفي ليبيا ، والتي تساهم بنسبة 60٪ من صادرات النفط الليبية.ومدينة سرت التي لديها حقول نفط مهمة ومرافق تحميل الناقلات،ذات أهمية عسكرية أيضًا،كونها مدينة حامية تسمح بالسيطرة على الساحل الليبي بين طرابلس إلى الغرب وبنغازي من الشرق.أما الجفرة،فتحتوى على قاعدة جوية تسمح بالسيطرة على المجال الجوي الليبي بأكمله،بالإضافة إلى كونها طريقًا رئيسيًا يربط جنوب البلاد بالساحل.وخلاصة القول ، إن السيطرة على الجفرة يعني السيطرة على كل ليبيا.

https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1282319549661089794

لكن هذه الأطماع تصطدم باصرار الجيش الليبي على دحر العدوان التركي،حيث تواصل القوات المسلحة تحشيداتها تحسبا لهجوم مرتزقة تركيا على مدينتي الجفرة وسرت،وأعلنت الكتيبة 110 مشاة التابعة للجيش الليبي اليوم الأحد، أن المناطق مابعد جارف،وادى امراح،الابيرات الحسون،الوشكة،وغربي مطار ال70 جنوب المدينة،وطريق اللود وما جاورهم   أصبحت مناطق عسكرية داعية المواطنين الابتعاد و توخي اعلى درجات الحيطة والحذر.

وتعهد الجيش الوطني الليبي،في وقت سابق بـ"ردع القوات التركية"، مؤكداً جاهزيته "لأي عمل عسكري".وقال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة، في تصريح لفضائية مصرية، مساء أول من أمس،إن منطقة غرب سرت ما زالت تحت سيطرة قوات الجيش،وأضاف، إن هذه المنطقة تشهد دائماً نقلاً جوياً وبحرياً للأسلحة من تركيا إلى غرب ليبيا، لكنه تعهد "بردع أنقرة"، مؤكداً "الجاهزية التامة للجيش لإفشال وصد أي محاولة عدوانية من تركيا، والاقتراب من منطقة سرت والجفرة".

يأتي ذلك فيما واصل الجيش المصري السبت، فعاليات مناورة "حسم 2020" التي نفذتها تشكيلات من القوات البحرية والجوية، والقوات الخاصة من الصاعقة والمظلات، والقوات الخاصة البحرية، بإحدى المناطق الحدودية على الاتجاه الاستراتيجي الغربي بالقرب من الحدود الليبية،، وذلك في إطار خطة التدريب القتالي لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة، وبحضور قادة الأفرع الرئيسية، وعدد من قادة القوات المسلحة.

وجاءت هذه المناورة في وقت تؤكد فيه مصر على وقوفها مع الليبيين في وجه العدوان التركي.وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الأربعاء الفائت، أن بلاده لن تتهاون في التعامل مع التهديدات القادمة من ليبيا، معربا عن انزعاج مصر من ظهور عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعشمرة أخرى في غرب ليبيا، وقيام طرف إقليمي بنقل مقاتلين متطرفين من سوريا للأراضي الليبية.

وتصطدم أطماع أردوغان برفض مصر التي سبق أن أكدت أن منطقة سرت-الجفرة خط أحمر.ففي 20 يونيو الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي   أن أي تدخل من الجانب المصري في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية، خاصة مع مواصلة دول خارجية عمليات تسليح المليشيات المتطرفة، مشيرا إلى أن "سرت والجفرة خط أحمر"، وأن جاهزية القوات المسلحة المصرية للقتال صارت أمرا ضروريا.

https://twitter.com/afrigatenewsly/status/1282335874408157184

وفي 24 يونيوحزيران،أكد المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أن الشعب الليبي سيطلب رسميًا من مصر التدخل بقوات عسكرية إذا اقتضت ضرورات الحفاظ على الأمن القومي الليبي والأمن القومي المصري، وذلك دفاعا شرعيًا عن النفس حال قيام الميليشيات الإرهابية والمسلحة بتجاوز الخط الأحمر الذي تحدث عنه الرئيس السيسي ومحاولة تجاوز مدينتي سرت أو الجفرة.

وفي تقرير لها،اعتبرت مجلة "فوربسالأمريكية، أن مصر جادة في تحذيراتها للرئيس رجب طيب أردوغان بشأن تدخله العسكري المباشر في ليبيا، وأن أي قرار من أنقرة بالدخول في مواجهة شاملة ضد القوات المصرية سيكون مغامرة كبيرة.وأشار التقرير الى أن موازين القوى في العالم صنفت مصر على أنها تاسع أكبر قوة عسكرية في العالم في حين جاءت تركيا في المركز 11.

ويعتمد النظام التركي على حكومة الوفاق لمحاولة شرعنة غزو ليبيا ومحاولة السيطرة على ثرواتها النفطية بما يخدم مصالحه،وبالرغم من المليارات التي نهبها النظام التركي خلال الأشهر الماضية عبر صفقات أسلحة واتفاقيات مشبوهة،فان الحقول النفطية تبقى المنطقة الأهم في مخططات أردوغان وأطماعه.ويشير مراقبون الى أن هذه الاطماع قد تؤجج حربا اقليمية كبيرة ستزيد من معاناة ليبيا الممزقة منذ سنوات.