في قلب القارة الأفريقية، حيث تتناقض وفرة الموارد الطبيعية مع قسوة الواقع، تبرز قصص نجاح ملهمة لمشاريع المياه التي غيرت حياة الملايين. ففي ليسوتو، البلد الذي يشكل فيه الماء 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كان سكان القرى يعيشون دون أبسط مقوماته، يجوبون الكيلومترات بحثًا عن قطرة ماء نقية.

رحلة العذاب بحثًا عن الماء

قبل تدخل البنك الأفريقي للتنمية، كانت رحلة جلب الماء أشبه بكابوس يومي، حيث تستيقظ النساء والفتيات قبل الفجر، يخضن مسافات طويلة بين التضاريس الوعرة، معرضات أنفسهن لمخاطر جمة. وفي المدارس، كان الطلاب يتغيبون عن حصصهم، يقطعون الأميال لجلب الماء، مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي وصحتهم.

مشروع البنك الأفريقي للتنمية: شريان حياة

جاء مشروع البنك الأفريقي للتنمية بمثابة طوق نجاة، محولًا حياة آلاف السكان، حيث تم إنشاء شبكات مياه حديثة، وخزانات ضخمة، ونقاط مياه عامة، ومرافق صرف صحي، مما أدى إلى تحسين جودة الحياة بشكل ملحوظ.

قصص من الواقع

في مدرسة سيكيتي الابتدائية، تحولت المدرسة إلى بيئة تعليمية نموذجية، حيث توفرت المياه ومرافق الصرف الصحي، مما زاد من معدلات الالتحاق وقلل من انتشار الأمراض. أما نساء ريف ليسوتو، فقد تحررن من عبء جلب المياه، واستعدن كرامتهن وأمانهن، وأصبحن قادرات على الاهتمام بنظافة منازلهن وأجسادهن. كما شهدت موتسيليسي ماكيلي، الممرضة الصحية الوحيدة في مجتمعها، انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه وسوء التغذية، وأصبحت قادرة على تقديم رعاية صحية أفضل للمجتمع.

أثر يتجاوز الأرقام

لم يقتصر المشروع على توفير البنية التحتية، بل أحدث تغييرًا جذريًا في حياة الناس، حيث خلق فرص عمل، وحسن الظروف الصحية، وعزز الشعور بالكرامة والأمان.

الاستدامة في مواجهة تغير المناخ

إدراكًا لأهمية المياه في ليسوتو، أضاف المشروع عنصرًا يركز على الحفاظ على مستجمعات المياه والغابات، لضمان استدامة هذا المورد الحيوي للأجيال القادمة.

احتفال بالحياة

مع احتفال العالم بيوم المياه العالمي، يتذكر سكان ليسوتو كيف كانت حياتهم قبل المشروع، وكيف أصبحت بعده، ويؤكدون أن الماء ليس مجرد مادة، بل هو سر الحياة.

رسالة أمل

يُجسد مشروع البنك الأفريقي للتنمية في ليسوتو قصة نجاح ملهمة، تُظهر كيف يمكن للمياه أن تحول حياة الناس، وتمنحهم الأمل في مستقبل أفضل. هذه القصة ليست فريدة من نوعها، بل هي جزء من سلسلة قصص نجاح تتكرر في مختلف أنحاء القارة الأفريقية، حيث تتضافر الجهود المحلية والدولية لتوفير المياه النظيفة للملايين، وتحقيق التنمية المستدامة.