قال أكبر حزب شريك لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان إن دعوة الحوار التي وجهها الرئيس عمر البشير يجب أن تفضي إلى تشكيل حكومة انتقالية تضم الجميع وهو ما اشترطته أحزاب معارضة لقبول الدعوة وأعلن البشير رفضه له أكثر من مرة.

وقال المتحدث باسم "الحزب الاتحادي الديمقراطي" إبراهيم الميرغني في مؤتمر صحفي بالخرطوم أن رؤية حزبه الذي سيدخل بها للحوار تشمل "إلغاء القوانين المقيدة للحريات والإتفاق على فترة انتقالية تديرها حكومة قومية تضم الجميع ويحكمها دستور مؤقت أو إعلان دستوري".

وأضاف أن على الحكومة تهئية المناخ للحوار عبر "إعلان العفو العام عن الحركات المسلحة ووقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين ورفع القيود عن الإعلام وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة مستوفية للمعايير الدولية حول كل انتهاكات حقوق الإنسان في الفترة الماضية".

وأوضح إبراهيم أن هذه "واجبات الحكومة لإنجاح الحوار والقوى السياسية أيضا يقع على عاتقها واجبات بأن لا تضع شروط مسبقة ولا تلوح بالعنف وأن تعمل كل الأطراف لتعزيز القواسم المشتركة وبناء الثقة بوقف الحملات الإعلامية السلبية".وحذر المتحدث بإسم الحزب الاتحادي من أن "البلاد تواجه مخاطر وتحديات جسيمة تهدد وحدتها وسيادتها ما يستوجب توحيد الكلمة ونبذ الفرقة والشتات".

وأشار إلى أن حزبه يقترح "اتفاق الأطراف على وجود مراقبين لعملية الحوار ممثلين في الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وروسيا والصين والدول الصديقة والشقيقة (لم يسمها)".

وبشأن التوصية التي رفعتها الهيئة القيادية للحزب لرئيسه محمد عثمان الميرغني في سبتمبر/أيلول الماضي وقضت بانسحاب الحزب من الحكومة احتجاجا على سقوط عشرات القتلى في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد وقتها وعدم التزام الحزب الحاكم باتفاق الشراكة السياسية بينهما قال إبراهيم "هذه القضية لم تعد ضرورية الآن وليست ذات قيمة لأننا ندعو لتشكيل حكومة انتقالية قومية من خلال الحوار ما يعني تلقائيا إلغاء الوضع القائم".

واستطرد "ما أعلناه مرارا أن قرار المشاركة في الحكومة ليس مقدسا ويخضع للمراجعة والتقييم على الدوام لكنه لم يعد أولوية الآن لأن وضع البلاد أكثر تأزما ويحتاج لوفاق وطني".وشارك الحزب الاتحادي في الحكومة في ديسمبر/ كانون أول 2011 بعد معارضة شرسة امتدت لأكثر من عشرين عاما وتسبب قرار المشاركة في انقسام عنيف بين قيادات مؤيدة له وقيادات رافضة تساندها غالبية جماهير الحزب الذي فاز بالمرتبة الثانية في آخر انتخابات برلمانية معترف بها أجريت في 1986 .ويرأس الحزب محمد عثمان الميرغني وهو مرشد الطريقة الختمية أكثر الطرق الصوفية نفوذا في السودان.

وإنقسم تحالف المعارضة الذي يضم نحو 20 حزبا إزاء دعوة وجهها الرئيس السوداني للحوار في يناير/ كانون ثان الماضي ضمن خطة إصلاحية يتبناها من 4 محاور هي "وقف الحرب وتحقيق السلام ،المجتمع السياسي الحر ،مكافحة الفقر وتعزيز الهوية الوطنية".

وبينما قبل أكبر حزبين الدعوة هما حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الإسلامي حسن الترابي اشترطت بقية الأحزاب لقبولها تنفيذ 4 شروط أبرزها إلغاء القوانيين المقيدة للحريات وتشكيل حكومية إنتقالية تشرف على صياغة دستور دائم وإجراء إنتخابات حرة ونزيهة.وأبرز هذه الأحزاب هي الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الإشتراكي وحزب المؤتمر السوداني وثلاثتها أحزاب تتمتع بثقل نوعي وسط المثقفين والمهنيين والشباب والطلاب.

وأعلن كل من المهدي والترابي عقب لقائين منفصلين مع الرئيس البشير بشأن دعوته للحوار إتفاقهما معه على أن يشمل الحوار كل القوى السياسية والحركات المسلحة (4 حركات تحارب الحكومة في 8 من أصل 18 ولاية سودانية وترفض أيضا دعوة البشير) لكن دون الإعلان عن الكيفية والآلية التي سيتم بها ذلك.

وقال البشير أكثر من مرة أنه لا ينوي تأجيل الإنتخابات أو تشكيل حكومة إنتقالية.وقبل أسبوعين منعت الأجهزة الأمنية تحالف المعارضة من تنظيم مؤتمر جماهيري كان مقررا أن يخاطبه رؤساء الأحزاب في ميدان عام كان الأول منذ إعلان البشير لدعوته للحوار وهو ما أعتبرته الأحزاب دليلا على "عدم جدية الدعوة للحوار".

ويعتقد على نطاق واسع أن المساعي الإصلاحية سببها الإحتجاجات الشعبية التي إندلعت في سبتمبر/ أيلول الماضي بسبب خطة تقشف حكومية خلفت عشرات القتلى وهي أقوى إحتجاجات واجهها البشير منذ وصوله للسلطة عبر إنقلاب عسكري مدعوما من الإسلاميين في 1989 علاوة على عجز الحكومة عن إيجاد معالجات للأزمة الإقتصادية .ويواجه نظام البشير أزمة إقتصادية طاحنة منذ إنفصال جنوب السودان في 2011 وفقدانه لغالبية حقول النفط يفاقمها الكلفة العسكرية الباهظة للحرب مع المتمردين والتي يقدرها خبراء بنحو 65 % من الميزانية العامة ولا تكشف وزارة المالية عن هذه الأرقام لسريتها.