قال مصدر مطلع على بعض الشؤون المالية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، إن إخوان مصر ومعهم التنظيم العالمي غيّروا خلال السنوات الأخيرة مسالك غسل أموالهم، واستغنوا عن مصارف في دول أوروبية كانت جنّة لغسل الأموال واتّجهوا لدول في جنوب شرق آسيا ووسط أميركا، وأشار إلى أن تحويلات إخوان مصر الضخمة تنطلق من حسابات في هذه الدول لتصل مصر دفعات صغيرة نظيفة كليا يستخدمها الإخوان لتصريف شؤونهم.

والمصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه أو عمله، أشار إلى أن أموال الإخوان تصل إلى مصر “نظيفة” ولا غبار عليها في الغالبية العظمى من الحالات بعد أن تمر بسلسلة من العمليات والمراحل، وأوضح “قبل نقل الأموال إلى مصر يتم تقسيمها إلى مبالغ صغيرة، عادة لا تتجاوز 50 ألف دولار، وفي حالات قليلة جدا واضطرارية قد تصل المبالغ المحوّلة إلى أكثر من 100 ألف دولار، وتودع هذه الأموال عادة في عدة حسابات مصرفية في عدة بنوك لحساب أعضاء في التنظيم أو شخصيات مليئة ماديا مقربة منه على أساس أنها محوّلة لمشاريع استثمارية أو عقارية بشكل أساسي، وفي بعض الحالات يتم تحويل المبلغ الواصل إلى مصر عدة تحويلات داخلية لأشخاص لطمس ملامحه، وتصل إلى الإخوان أموال نظيفة بعد أن تمر بسلسلة من الفلاتر والعمليات المعقدة، ويصعب على السلطات المعنية اكتشافها”.

وأشار المصدر إلى أن إخوان مصر غيّروا خلال السنوات الأخيرة مسارات أموالهم، وبلدان المصدر والمستقر، ووسائل غسل هذه الأموال وطرق غسلها، وقال عن الدول التي كان يعتمد عليها الإخوان في غسل أموالهم “في السابق كانت سويسرا واللوكسمبورغ والدومينيكان وبعض دول أوروبا الشرقية هي الساحة المفضلة للإخوان لغسل الأموال، وكانت قوانين المصارف في تلك الدول تضمن السرية المصرفية وتغض النظر أحيانا عن عمليات غسل الأموال على الرغم من معرفتها بها، لكن خلال العقد الأخير، ومع انتهاء السرية المصرفية في تلك الدول، وخضوع المصارف والمؤسسات المالية لرقابة صارمة من قبل مؤسسات أمنية وحكومية متخصصة، أصبح بالإمكان أن تكشف هذه البنوك عن أي حساب أو نشاط مصرفي مشبوه، وتقدّم المعلومات صاغرة للأجهزة الأمنية الأوروبية، وهذا يعني تلقائيا أن الأجهزة الأمنية الأميركية هي بدورها قادرة على كسر السرية المصرفية عن أي حساب أو حركة مالية تشك بها نظرا لوجود اتفاقيات تعاون بشأن غسل الأموال مع الولايات المتحدة من جهة والعلاقة الوطيدة بين استخبارات هذه الدول ونظيرتها الأميركية”.

وعن البدائل التي وجدها إخوان مصر للقيام بعمليات نقل الأموال وغسلها والوسائل المتبعة، قال “نقل الإخوان نشاطهم إلى دول لا تخضع لأنظمة رقابية مالية قوية، وهي دول معروف عنها انفتاح اقتصاديّاتها وقدرة النظام المصرفي على إخفاء الأثر وتفشي الفساد في بعضها وعدم توقيعها على اتفاقيات مع المخابرات الأميركية بخصوص مكافحة غسل الأموال ورفع السرية المصرفية، وانتقل النشاط إلى دول في جنوب شرق آسيا ودول أخرى في أميركا الوسطى، وأصبحت باناما والفيليبين وبورما من أهم مراكز غسل أموال الإخوان”.

وعن الوسائل ودور الأفراد في هذا الملف، قال “تنطلق الأموال من حسابات رجال أعمال كبار في دول عدة، منهم من يقيم بالكويت وقطر، ومنهم من يقيم في جنوب شرق آسيا، ويساعد في عمليات التحويل والغسل والتمويه رجال أعمال أصغر، ومحامون محترفون وأصحاب شركات أو مكاتب تحويل أموال، بعضهم عربي وبعضهم غربي، ويأخذ بعضهم نسبة من القيمة، وبعضهم يقوم بذلك متطوعاً”.

ولم يستطع المصدر تقدير حجم الأموال التي يغسلها إخوان مصر سنويا، لكنه قال “هناك تحويلات مؤكدة وصل بعضها إلى خمسة ملايين دولار للتحويل الواحد، وتحويل واحد بخمسة ملايين يصل إلى مصر في نهاية المطاف 50 تحويلا أصغر أبيض ونظيفا بالكامل”.

وتابع “مثلاً في باناما هناك الكثير من أعضاء الجماعة ممن يساهمون في هذا الأمر، وهم غير متفرغين له، وبعضهم يحمل جنسيات غير مصرية، أوروبية أو أميركية، وبأسماء غير أسمائهم المصرية، وهو الأمر الذي يسمح به قانون الجنسية في العديد من الدول الغربية، وبالتالي فإن الأموال تنتقل من حسابات لعرب وأميركيين وأوروبيين وآسيويين إلى أن تصل لحسابات مصرية داخل مصر، وهو أمر يجعل من عملية مراقبة حركة الأموال صعبة للغاية”.

 

*نقلا عن العرب اللندنية