نشر موقع أوبن ديموكراسي والمتخصص في التحليلات السياسية تقريرا تحدث فيه عن أوضاع المهاجرين وطالبي الللجوء في ليبيا، وأكد أنهم يواجهون ظروف كارثية وأصبحوا محاصرين بين القتال المشتعل في ليبيا ومخاوف تفشي فيروس كورونا بينهم، بالإضافة إلى عدد كبير من الأهوال الأخرى.
وقال الموقع تواجه ليبيا اليوم أكبر تحد لها حتى الآن. وعلى الرغم من سنوات من الصراع الداخلي  يجب على البلاد الاستعداد لمحاربة فيروس بنظام رعاية صحية مستنفد ودولة ممزقة. وفي حين أن الوضع قاتم بشكل عام فإنه لا يزال يائسًا بشكل استثنائي للاجئين والمهاجرين العالقين في ليبيا.
وتستضيف ليبيا 635 ألف مهاجر و 48627 لاجئ. ويكشف الوضع الحالي  حالة الضعف التي وصل إليها السكان بالفعل ويظهر الحاجة الفورية لإدراج تدابير الحماية للاجئين والمهاجرين االذين جرى التخلي عنهم وتركتهم للنزاعات والجائحة.
وفي الأسابيع الأخيرة منذ أن انشغل العالم بوباء فيروس كورونا كانت هناك زيادة غير مسبوقة في حدة الصراع في ليبيا وخاصة في الغرب. وإدراكًا لقيود خدماتها الصحية والنتيجة الكارثية في حالة اكتساب الفيروس قدمًا في البلاد اتخذت السلطات الليبية على جانبي الانقسام الإيديولوجي والسياسي تدابير وقائية من خلال فرض عمليات الإغلاق وحظر التجول للمساعدة على مواجهة موجة الفيروس. إن تفشي المرض أثناء نزاع مسلح مستمر له آثار إنسانية ضارة؛ ولا يقتصر الأمر في حالة التفشي على مضاعفة معاناة السكان فحسب، بل أثاراه ستمتد لأكثر من  ذلك بالتأكيد. وفي ليبيا سيكون أكثر الأشخاص ضعفاً -بمن فيهم أولئك المهمشون من اللاجئين والمهاجرين- هم الأكثر معاناة.

يجب إنهاء الاحتجاز
ومع اشتداد القتال وحالات الإغلاق يلتمس المزيد من الأفراد طريق البحر  -نحو أوروبا- حيث أصبح الوضع في ليبيا أكثر خطورة. وأعاد خفر السواحل الليبي هذا العام 3078 فردا من البحر حتى نهاية أبريل. ثم تُنقل الغالبية العظمى ممن يتم اعتراضهم وإعادتهم إلى مراكز الاعتقال التي تديرها الدولة. ولا يوجد نقص في التقارير حول الظروف المروعة للاعتقال. ومع خطر الوباء تتضخم هذه المخاوف.
إن مرافق الاحتجاز المكتظة وغير الصحية هي في الأساس مباني مؤقتة وغالبًا ما تكون مستودعات أو مصانع مهجورة تؤدي إلى تفاقم الظروف الإنسانية. وينتشر عدم الحصول على المياه الجارية والتغذية والصرف الصحي داخل هذه المراكز. وكل هذه الظروف توفر أرضا خصبة لانتشار الأمراض... ويقترن هذا بالخوف الذي يلوح في الأفق من هجوم عشوائي مع احتدام الصراع في ظل الوباء مما يجعل ليبيا دولة غير آمنة للعودة تحت أي ظرف ولا سيما اليوم. ومع عدم وجود مكان تذهب إليه خلال هذه الأزمة العالمية يجب على السلطات الليبية الإفراج فوراً عن جميع المحتجزين في مراكز الاحتجاز وإخراجهم من التهديد الوشيك بالقنابل والفيروسات.
مواجهة الخوف من الأجانب وغياب الوضع قانوني
وتفتقر ليبيا إلى إطار قانوني يمكنه تنظيم وضع الهجرة واللاجئين على الرغم من كونها دولة مضيفة تاريخياً. ومع عدم وجود تشريع يعوضح موقف اللاجئ وقانون يجرم الدخول والخروج والمغادرة غير القانونية  يفتقر اللاجئون والمهاجرون إلى الضمانات القانونية الأساسية ويضطرون إلى دخول المجتمع.
ويتعرض المهاجرون واللاجئون  -الذين لا يحملون وثائق- لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والرق والابتزاز والاختطاف والتعذيب. وعلى الرغم من أن القانون رقم 19 لا يزال غير منفَّذ على نطاق واسع حتى اليوم  إلا أنه يواصل تغذية ثقافة الانتهاكات المنهجية بما في ذلك الاحتجاز التعسفي وغير القانوني للمهاجرين واللاجئين في البلاد.
ويتحمل اللاجئون والمهاجرون في ليبيا منذ سنوات عبء الفوضى التي تسود البلاد منذ أحداث عام 2011. ولسنوات عانوا من العنف  على أيدي المهربين والجماعات المسلحة والميليشيات. ويُعتقد بشكل شائع أنه م يحملون أمراضًا ومن المرجح أن ينتفخ كره الأجانب الذي طال أمده حيث يهدد الوباء بتفاقم أزمة حقوق الإنسان الموجودة بالفعل في البلاد.
ونتيجة لذلك فإن الصراع والوباء وكره الأجانب مزيج قاتل أدى بالتأكيد إلى تفاقم ضعف المهاجرين واللاجئين في الأسابيع الأخيرة. ولم يزيد الوضع الحالي من حدة المخاوف فحسب ، ولكنه مسؤول أيضًا عن وضع حد لمعيشتهم وتقييد الحركة والحد من الحصول على الغذاء والمساعدة وفرض ضغوط كبيرة على بقائهم.
الوصول إلى الخدمات الصحية
تقليديا يتم استبعاد اللاجئين والمهاجرين من الخدمات الأساسية الممولة من الدولة بما في ذلك الرعاية الصحية. وبدلاً من ذلك، يتلقون الدعم من المنظمات الدولية مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة وغيرها التي تسد الفجوة وتعالج الاحتياجات الإنسانية للاجئين والمهاجرين في البلاد.
وفي أعقاب الوباء ومع تقليص العديد من هذه المنظمات من عملياتها هناك وصول محدود للرعاية الصحية للمهاجرين واللاجئين على الأرض مما يعرض السكان في نهاية المطاف لخطر أكبر. وأفادت المنظمة الدولية للهجرة أن 71٪ من اللاجئين والمهاجرين الذين تمت مقابلتهم زعموا مؤخراً أن حصولهم على الخدمات الصحية في ليبيا محدود أو معدوم. وهذا ما تؤكده تقارير مماثلة وجدت أن المهاجرين واللاجئين في ليبيا أقل احتمالا للحصول على الخدمات الصحية بسبب التمييز ونقص إجراءات التوثيق والخوف العام بسبب انعدام الأمن السائد في البلاد.
وفي حين أن نظام الرعاية الصحية الليبي على وشك الانهيار بعد سنوات من الصراع والفساد وتغيير الأولويات تفاقم هذا بسبب الهجمات المتعمدة على الأطباء والمستشفيات. وبسبب الموارد المحدودة يُحرم العديد من اللاجئين والمهاجرين من الوصول إلى المرافق الصحية الممولة من الدولة. مع ارتفاع مستويات كراهية الأجانب والخوف من المحتمل أن يستمر اللاجئون والمهاجرون في حرمانهم من الوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية ذات النتائج المأساوية.
وبغض النظر عن كيفية أو عدد من وصلوا إلى أراضيهم وعلى الرغم من حالة الطوارئ العالمية لا تزال السلطات الليبية ملتزمة بشكل أساسي بحماية الحق في الحياة ، ويجب عليها تقديم الخدمات الطبية على قدم المساواة لجميع أولئك الموجودين في أراضيها دون تمييز.
وكوسيلة لحماية أرواح أولئك المحاصرين في ليبيا من الفيروس والنزاع ، يجب الإفراج الفوري عن جميع اللاجئين والمهاجرين من الاعتقال التعسفي وغير القانوني. ويجب ألا يُنظر إلى الحصول على الرعاية الصحية على أنه اختياري أو ترفيهي بل هو حق أساسي يساوي الحق في الحياة. وعلى السلطات الليبية التزام قانوني بضمان وصول الجميع للخدمات الصحية.