تتجه أوروبا إلى استغلال مساحات شاسعة من الأراضي خارج حدودها لإنتاج الوقود الحيوي، وتتوقع دوائر الاتحاد الأوروبي احتمالية إجراء مراجعة لبرنامج الطاقة الجديدة والمتجددة الذي يتبناه الاتحاد الأوروبي منذ العام 2009 والرامي إلى توليد نسبة لا تقل عن 10% من استخدامات الطاقة في أوروبا من مصادر غير تقليدية جديدة ومتجددة في مجال النقل وذلك بحلول العام 2020، وتقدر الدوائر الأوروبية حجم مساحات الأراضي اللازمة لتحقيق هذا الهدف بما يتراوح بين 13 إلى 19 مليون هكتار تقريبا خارج القارة الأوروبية.
ويرجع خبراء الاتحاد الأوروبي توقعهم هذا إلى المتغيرات التي طرأت على عمليات الاستخدام غير المباشر للأراضي والانتقادات التي وجهت على برنامج الطاقة الجديدة والمتجددة وجودة الوقود الذي تبناه الاتحاد الأوروبي في العام 2009 من جماعات الضغط والدفاع عن البيئة في أوروبا وما أدى إليه ذلك من اتجاه الحكومات الأوروبية إلى الاتجاه لأراض غير أوروبية لإقامة مشروعات للطاقة الجديدة والمتجددة عليها.
وتعد أراضي البلدان الأفريقية في مقدمة مناطق العالم التي يضع خبراء الطاقة الجديدة والمتجددة الأوروبيون أعينهم عليها لتوجيه المزارعين الأفارقة الفقراء إلى زراعتها بالمحاصيل التي تنتج الوقود الحيوي وذلك على حساب دعم قدرة المزارع الأفريقي على إنتاج محاصيل الغذاء البشرى.
وتعد تنزانيا الواقعة في شرق أفريقيا وأحد أكثر بلدان القارة تضررا من الفقر والمجاعات في مقدمة بلدان القارة الأفريقية استهدافا من برنامج الاستخدام غير المباشر للأراضي لأغراض الطاقة الجديدة والمتجددة وجودة الوقود، ويقول توم فين المتحدث باسم بعثة الاتحاد الأوروبي في العاصمة التنزانية دار السلام ومدير الشؤون السياسية بها إن إنتاج الوقود الحيوي على الأراضي الأفريقية وبخاصة أراضي تنزانيا ليس بديلا كاملا عن إنتاجه في الأراضي الأوروبية الزراعية والتي لا تعد رقعتها بالاتساع الكافي الذي يلبي تطلعات واضعي هذا البرنامج في العام 2009.
ويؤكد المسؤول الأوروبي أن إقامة مشروعات من هذا النوع على الأراضي الأفريقية ستشكل نقلة نوعية كبرى على صعيد جهود مكافحة الفقر في أفريقيا والارتقاء بمداخيل مزارعي القارة وتحسين وضعية دولها على خارطة التجارة الدولية.
وبنفس القدر يؤكد المسؤول الأوروبي في دار السلام على أن استفادة الأوروبيين من استزراع محاصيل الوقود الحيوي على الأراضي الأفريقية لن تكون أقل في أهميتها وجدواها الاقتصادية لتحسين البيئة ومكافحة تلوث الهواء الناتج عن انبعاثات الوقود التقليدي في أجواء أوروبا.
ويرى الخبراء الأوروبيون في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والوقود الحيوي أن البحث عن شركاء أفارقة في هذا المجال بات خيارا لا رجعة فيه، مؤكدين على أنه مصلحة متبادلة للأفارقة والأوروبيين على حد سواء، وفضلا عن ذلك فإن هناك اعتبارات تمليها الطبيعة بحكم أجواء أفريقيا ومناخها لتلك الشراكة.
وتعد بيئة أفريقيا هي الأكثر ملاءمة على مستوى العالم لاستزراع الجاتروفا وهي أشجار يستخلص من زيت بذورها بعد تقطيره وقود الميثيل المعادل للبنزين من حيث قابليته للاحتراق لكنه يتفوق عليه من ناحية قلة الانبعاثات الضارة الناتجة عن هذا الاحتراق إلى الصفر المئوي تقريبا مقارنة بناتج احتراق البنزين.
ويرى خبراء مؤسسة "اكشن ايد" العالمية للتنمية أن قطاعات النقل الأوروبية ستكون المستفيد الأول من وقود الجاتروفا قبل المستهلكين الأفراد وهو ما من شأنه إحداث تحول إيجابي كبير في كفاءة التشغيل واقتصاديات النقل العام في أوروبا، فضلا عن الأثر البيئي الإيجابي وتفريغ الرقعة الزراعية الأوروبية لإنتاج الغذاء وهو ما سيقود إلى انخفاض أسعاره التي تشكل قاسما رئيسيا عند احتساب التضخم.