أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي باولو جينتيلوني، أن سيناريو إرسال قوات أجنبية لفرض السلام في ليبيا، غير مطروح، داعيا المجتمع الدولي إلى فرض حماية على مناطق التراث الإنساني المعرضة لخطر الحرب، وفق ما نشرته اليوم صحيفة العرب اللندنية.

وأوضح الوزير الإيطالي، في مقابلة مع صحيفة "إل ميساجيرو"، الصادرة أمس الأحد، أن "السلام والاستقرار في ليبيا لا يمكن فرضهما بقوة السلاح من قبل جيش احتلال أجنبي، وهذا السيناريو غير مطروح".

وأضاف "نحن نعمل من أجل التوصل إلى اتفاق بين جميع الليبيين، لأن الحديث عن أعمال عسكرية لاحتواء تنظيم داعش، لن يكون سوى مجرد علاج في حال فشل المفاوضات".

وأشار جينتيلوني إلى أن "المرحلة النهائية من المفاوضات بين الأطراف الليبية ستبدأ هذا الأسبوع، وعندما سيتم إبرام اتفاق بين كافة القوى، فسوف يصبح من الضروري أن يلقى المتابعة والرعاية والحماية من قبل ائتلاف يمكن لإيطاليا أن تلعب فيه دور المرجعية الرئيسية".

وعاد الجدل حول التدخل العسكري في ليبيا منذ أن أعلنت جامعة الدول العربية عن قرارها الأخير الداعي إلى وجوب دعم قدرات الجيش الليبي في حربه ضدّ الميليشيات الإسلامية والتنظيمات الجهادية المتشددة.

وقد أكد نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية ضرورة توفير الدعم السياسي والعسكري لليبيا من أجل قطع دابر تنظيم داعش الذي تمكن من فرض سيطرته على عدد من المدن والمواقع الاستراتيجية.

وأفاد بأنه لا بد من اتخاذ كافة التدابير اللازمة لإعادة الأمن والسلام إلى ليبيا، ودعم الجيش لصون سيادتها وحمايتها والقضاء على الإرهاب. وعبّر إخوان ليبيا عن رفضهم لقرار الجامعة العربية حيث حذّر المراقب العام للجماعة، بشير الكبتي، من أي محاولة لإرسال قوات إلى ليبيا، لأن أي تدخل خارجي حسب اعتقاده "سوف يعتبره الليبيون غزوا يتطلب المواجهة"، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لإطالة أمد الصراع وتأجيج الفوضى.

ويتعارض موقف الجماعة مع موقف القيادة العامة للجيش الليبي التي تطالب بالدعم العسكري في ظل تغوّل تنظيم الدولة الإسلامية الذي حوّل ليبيا إلى قبلة للمتشددين وملاذا آمنا للمقاتلين من مختلف الجنسيات. وعموما تدفع الدول الأوروبية المعنية بقرار التدخل العسكري نحو اعتماد الحل السياسي القاضي بوجوب تفعيل اتفاق الصخيرات وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى حلّ الملفات العالقة وتثبيت مؤسسات الدولة.

وهو ما أكد عليه المبعوث الأممي برناردينو ليون في لقاء جمعه بوزير الخارجية المصري سامح شكري أمس الأول، حيث قال "لدينا الحوار السياسي بين عدد من المجموعات السياسية، وأيضا لدينا محادثات بين أطياف أخرى مثل الجيش الليبي والميليشيات المختلفة، وكلهم يجب أن يكونوا جزءا من الحل، ونريد التأكيد أنَّه لا يمكن اعتماد الحل العسكري في ليبيا"، مؤكدا أن اتحاد فرقاء ليبيا هو أقوى سلاح ضدّ داعش.

وانتقد مراقبون تصريحات ليون واعتبروها غير واقعية خاصة وأن أطراف الحوار رفضت تقديم تنازلات لإنهاء أزمة الشرعية والفوضى الناجمة عن انتشار الأسلحة والانفلات الأمني.

الجدير بالذكر أن مسألة التدخل الأجنبي في ليبيا أثارت منذ تنامي نشاط الجماعات الجهادية وتصاعد أعمال العنف، جدلا حادّا بين الفرقاء، وقد كانت الحكومة الليبية بمعيّة الإخوان أوّل المنادين بالتدخل الأجنبي لإعادة السيطرة على مؤسسات الدولة، لكنّها سرعان ما تراجعت عن موقفها باعتبار أن أغلب الدول المعنية بالشأن الليبي تساند القوى الليبرالية في وجه التطرف والإرهاب.

ويرى خبراء أمنيون أن أي تدخل ضد المتطرفين في ليبيا، يجب التنسيق فيه مع دول الجوار، وخصوصا مصر والجزائر، وتونس، وهي الدول الأكثر تضررا من عدم الاستقرار هناك.

ويرجح مراقبون صعوبة القضاء على المتشددين في ليبيا، لعدم وجود حلفاء أقوياء في الداخل الليبي يمكن الاعتماد عليهم من جهة، ولعلاقة الجماعات المتطرفة بجماعات الإسلام السياسي، المدعومة من قوى إقليمية، مثل تركيا وقطر، اللذين تتهمهما الحكومة الليبية المنتخبة، بتقديم السلاح والدعم اللوجستي لهذه الجماعات.

وساهم ضعف الدولة والحرب الطاحنة بين الميليشيات المسلحة في ليبيا بشكل خاص في ظهور مجموعات إرهابية صنعت من الساحل الأفريقي معقلا منيعا للإرهاب الدولي في ظل إمكانية تمدّد داعش إلى القارة الأفريقية، وهو ما يمثل خطرا على الأمن القومي للمنطقة.