مع إعلان السلطات المغربية إغلاق حدودها بداية من 29 نوفمبر/ تشرين الثاني لمدة أسيوعين، سادت أوساط قطاع السياحة مخاوف كبيرة من انتكاسة جديدة وانعكاسات وخيمة لهذا القرار الذي فرضه المتحور الجديد للفيروس التاجي الذي أرعب العالم منذ ظهوره في استمرار لسنتي الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن كورونا، والتي تسببت في أسوأ ركود وهبوط حاد لكل المؤشرات الحيوية العالمية وخاصة منها الاقتصادية والسياحية وذلك بسبب سياسات الإغلاق التي انتهجتها معظم دول العالم،منها المغرب.

جاء في بلاغ للسلطات الصحية المغربية أنها قررت "تعليق جميع الرحلات المباشرة للمسافرين في اتجاه المملكة المغربية، لمدة أسبوعين، ابتداءً من يوم الاثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وأوضحت السلطات أن هذه التدابير"تأتي جراء التفشي السريع للمتحور الجديد لفيروس كوفيد-19 أوميكرون، خاصة في أوروبا وإفريقيا، ومن أجل الحفاظ على المكاسب التي راكمها المغرب في مجال محاربة الجائحة وحماية صحة المواطنين".

يؤكد خبراء مغربييون في تصريحات صحفية، أن  ظهور المتحور الجديد لفيروس كوفيد 19 "أوميكرون"، قد أدى إلى تفاقم أزمة قطاع السياحة في المغرب من جديد، بعد أن شهد انتعاشة طفيفة من التداعيات الوخيمة جراء الموجات المتتالية للفيروس والإغلاقات المتكررة التي طالت القطاع. صورة سوداء تلوح من جديد في أفق السياحة المغربية، فراغ الفنادق وتوقف شركات النقل السياحي، وفقدان الأسواق لزبائنها، وهي أنشطة تقوم مداخلها أساسا على العائدات والسياح الأجانب.

وفي تصريحات خاصة أفاد أحد مالكي المؤسسات السياحية ان "الإغلاق سيؤثر علينا بشكل مباشر، وستكون المؤسسات السكنية السياحية المغربية فارغة في هذا الوقت، لأنها تعتمد بنسبة 90 % على السياحة الأجنبية، بينما السياحة المحلية، لا ترقى حتى إلى مستوى تغطية تكاليف فواتير الماء والكهرباء، وأجور العمالة".كما اعتبر مهنيو قطاع السياحة بالمغرب في تصريحات إعلامية محلية، أن قرار الإغلاق  كان"متسرعا" خصوصا وأنه تزامن مع احتفالات أعياد الميلاد وهي الفترة التي تعرف زيادة في عدد السياح الأجانب الوافدين على المغرب الذي تلقى ما يفوق 64بالمائة من سكانه اللقاح المضاد لفيروس كورونا.

من جانبه أكد لحسن زلماط رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعة الفندقية، في تصريح للموقع الإعلامي المغربي"أصوات مغاربية"، أن قرار غلق الحدود "متشدد ولم يراع تحسن الحالة الوبائية في المملكة"، مفيدا إنه "نزل كالصاعقة" على العاملين في القطاع السياحي حيث أن معظم حجوزات السياح الأجانب ألغيت مباشرة بعد إعلان غلق الحدود. وأوضح زلماط إن عدد السياح الأجانب الوافدين على المملكة تراجع بنسبة تصل إلى 80 في المائة عام 2020 مقارنة مع سنة 2019، لافتا إلى أن السياحة الداخلية "لن تستطيع تعويض خسائر حجوزات رأس السنة".

ومن جهة أخرى أكد مصطفى بيتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن هذه الخطوات تأتي من أجل تحصين المملكة من خطر هذا الفيروس الذي لم يتم التعرف بعد على خصائصه بعد، مضيفا أنها إجراءات مؤقتة، وسيتم إعادة النظر فيها بعد أسابيع قليلة، وفقا لتطور الوضعية الوبائية العالمية.


تحتل المغرب المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا والثالثة عربيا والـ35 عالميا كأهم البلدان السياحية  بحسب إحصائيات منظمة السياحة العالمية وتعد السياحة في هذا البلد الثري بكل أشكالها من أهم القطاعات الاقتصادية التي تساعد في رفع عجلة النمو بهذا البلد المغاربي. لذلك لا عجب أن نجد هذا البلد يحتل مرتبة متقدمة عربيا ومغاربيا وافريقيا وأيضا عالميا. فالمغرب يعد الوجهة السياحية الأولى افريقيا ومغاربيا كما يحتل المرتبة الثالثة عربيا والمرتبة الخامسة والثلاثون عالميا. ففي 2019 قبيل إغلاقات كورونا تجاوز عدد السياح في المغرب 10 ملايين و300 ألف سائح وحققت البلاد عائدات سياحية تقدر بـ 6.55 مليار دولار.

أثارت الأرقام الرسمية التي نشرتها مديرية الدراسات والتوقعات المالية خوف وفزع القطاع السياحي حيث تراجع حجم الوافدين على المغرب بنسبة 78.9 في المئة في نهاية نوفمبر 2020، مقابل زيادة قدرها 5.3 في المئة خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من سنة 2019، كما تراجع عدد ليالي المبيت بنسبة 72.3 في المئة، بعد زيادة قدرها 5.2 في المئة في نفس الفترة من السنة التي قبلها. 

هذه النسب المفزعة أدت بالتالي إلى تراجع المداخيل السياحية بنسبة 53.8 في المئة سنة 2020، بعد ارتفاع بنسبة 7.8 في المئة سنة قبل ذلك، وهو ما يمثل خسارة بقيمة 42,4 مليار درهم (ما يفوق 4 مليار دولار) ، في أسوأ انتكاسة يشهدها القطاع بسبب إغلاقات كورونا. 

يبدو أن المخاوف من انتكاسة جديدة ستصاحب أيضا الإغلاق المفروض بسبب متحور أوميكرون، في ذروة المواسم السياحية الشتوية، لا تزال مستمرة بتبعاتها الوخيمة التي أرهقت القطاع ومؤسساته ومنتسبيه.