ارتفعت وتيرة الهجمات التي تستهدف مطار معيتيقة الدولي المطار الوحيد المتبقي في العاصمة طرابلس خلال الأشهر الماضية،التي تشهد اشتباكات عسكرية عنيفة بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وذلك في أعقاب اطلاق الأول لعملية عسكرية تهدف لانهاء سطوة المليشيات المسلحة في العاصمة واستعادة مؤسسات الدولة.

يتعرض مطار "قاعدة معيتيقة" في ليبيا، لقصف بشكل شبه يومي، وتتصدر أخبار استهدافه وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في البلاد، دون معرفة الفاعل الحقيقي وسر الاستهداف المتكرر لهذا المطار.وفي وقت سابق اليوم الأحد، تعرض المطار، للقصف بقذائف الهاون وصواريخ غراد، مما أسفر عن إصابات مادية طالت إحدى الطائرات، كما أصيب عدد من الركاب كانوا على متن طائرة قادمة من السعودية بعد أداء مناسك الحج، وفق مصادر إعلامية في طرابلس.

ويأتي القصف، بعد يومين من الهدوء النسبي في جميع محاور القتال في العاصمة طرابلس، التي تشهد منذ حوالي 5 أشهر اشتباكات عنيفة بين الجيش الليبي وقوات حكومة الوفاق، وذلك دون أن تعلن أيّ جهة عن مسؤوليتها عن هذا القصف.وأظهرت صور تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، لحظة إسعاف الحجاج المصابين بشظايا القذائف، تعرّضوا لها، عقب وصولهم في رحلة، قادمة من المملكة العربية السعودية، بعد الانتهاء من أداء مناسك الحجّ، وسط أنباء عن تضرر طائرة الخطوط الليبية التي أقلتهم، إضافة إلى عدد من السيارات التي كانت رابضة بالمطار.

وأكد مراسل "بوابة أفريقيا الإخبارية" أن قذائف عشوائية سقطت مجدداً بمحيط مطار معيتيقة صباح اليوم وأنه تم تعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى مطار معيتيقة الدولي، المطار الدولي الوحيد الذي لا يزال يعمل في ليبيا.وأعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق أن القصف أدى إلى إصابة 4 مواطنين بينهم 3 حجاج (إمرأة ورجلان) ومواطن آخر وجرى إسعافهم إلى مستشفيات معيتيقة وطرابلس المركزي فيما أصيبت ‏30 حالة أخرى من الحجاج بإغماء وارتفاع في معدلات الضغط والسكر نتيجة للهلع.

وقام رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج برفقة وكيل وزارة المواصلات هشام بوشكيوات، ووكيل وزارة الصحة محمد هيثم وعدد من المسؤولين الأمنيين،بتفقد المطار،للاطمئنان على سلامة المدنيين وحجاج بيت الله الحرام الذي تزامن وصولهم للمطار مع وقوع القصف.وبين المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي أن السراج تفقد موقع القصف واطلع على حجم الاضرار التي خلفها.

وسارع المجلس الرئاسي لادانة القصف الذي استهدف مطار معيتيقة،وأوضح المجلس في بيان له أن القصف تسبب في ترويع المدنيين وإصابة عدد منهم بينهم أطفال وإحداث أضرار بالبنية التحتية للمطار المدني مبين أن ذلك تزامن مع وصول طائرة تقل حجاج بيت الله الحرام بعد أدائهم مناسك الحج.واتهم المجلس الرئاسي قوات الجيش بالتورط في القصف مؤكدا أنه أدى لتعليق الرحلات الجوية، مشيرا إلى أن ذلك أدى إلى إرباك شديد للمسافرين وبينهم مرضى وجرحى وحجاج.

من جهتها،أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها أوفدت فريق لتقييم الوضع في مطار معيتيقة،مبينة أن الفريق تمكن من التثبت من إصابة أربعة صواريخ للأجزاء المدنية في المطار، إذ سقطت ثلاثة منها في موقف السيارات، بينما أصاب الصاروخ الآخر مدرج الطائرات، ما أسفر عن أضرار في الطائرة التي كانت قد أوصلت عشرات الحجاج العائدين من أداء فريضة الحج، كما جُرح أثنان من طاقم الطائرة على الأقل أثناء إسراعهم لمغادرتها.

ودانت البعثة الأممية في بيان لها خصت بوابة افريقيا   الإخبارية بنسخة منه  "بأشد العبارات هذا الهجوم الذي أرعب المسافرين والعاملين في المطار على حد سواء" مبينة أنه يشكل "تهديداً مباشراً لأرواح الحجاج والمسافرين المدنيين ولا يمكن تبريره تحت أية ذريعة كانت" مطالبة "بالوقف الفوري للهجمات ضد هذا المرفق الحيوي وجميع البنى التحتية والمرافق المدنية.

وأضافت البعثة "تعد هذه المرة السابعة، منذ أواخر شهر يوليو 2019، التي يتعرض فيها مطار معيتيقة للقصف العشوائي الوحشي الذي يهدف لخلق الذعر والفوضى وتعطيل العمليات في المطار الوحيد العامل في العاصمة الليبية طرابلس" مؤكدة أنها تقوم بتوثيق هذه الحادثة بغية إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن، إذ ينبغي محاسبة من يقفون وراء هذه الهجمات.وجددت البعثة التأكيد على "أن الهجمات العشوائية التي تسفر عن مصرع المدنيين أو إصابتهم بجروح قد ترقى لجرائم حرب، بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وتعرض مطار معيتيقة منذ اندلاع المعارك في أبريل الماضي لعدة ضربات،وتشير حكومة الوفاق وقيادات الميليشيات التابعة لها، بأصابع الاتهام إلى الجيش الوطني الليبي،بالمسؤولية عن كل قصف يتعرض له المطار، رغم أن الجيش الليبي يكشف في كل مرة عن الحالات التي استهدف فيها المطار عبر بيانات عسكرية له، في حين يلف الغموض بقية عمليات القصف التي لا تكاد تتوقف.

وبحسب الخبير الأمني، العقيد المتقاعد جبريل الهوني،فإن "أسلوب القصف والدمار الذي أحدثته القذائف، يشير إلى أن فاعله قريب من المطار"، خصوصًا أنه سبق أن تبنّى حراكًا يطلق على نفسه "حراك شباب طرابلس"، عملية قصف استهدفت مطار معيتيقة، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018

ونقل موقع "ارم نيوز" عن الهوني قوله، أن "هذا الحراك حمّل مسؤولية استهدافه للمطار حينها، إلى آمر قوة الردع، عبدالرؤوف كارة"، حيث أكد في بيان له، أن كارة لا يهمه لا المطار ولا المدنيين، بل يهمه فقط منصبه، وهدد الحراك كارة، بحسب الهوني، قائلًا  له:"لن تهنأ بمطار العاصمة وسنخرجك منه".وأضاف أن "عدة ميليشيات في العاصمة طرابلس، نفذت عمليات قصف للمطار أكثر من مرة، خصوصًا ميليشيا (البقرة) التي يقودها بشير خلف الله، المتمركزة بمنطقة  تاجوراء التي يقع فيها مطار معيتيقة".

وشدد الخبير الأمني، على أن "هدف ميليشيا (البقرة) هو الضغط على ميليشيا (الردع) التي تسيطر على سجن معيتيقة بالمطار، لإطلاق سراح عناصر إرهابية من السجن الذي تديره، وذلك بهدف تجنيدهم في العملية العسكرية الدائرة ضد الجيش الليبي بالعاصمة"، وفق قوله.

ومثل مطار معيتيقة ساحة للصراع بين المليشيات التي ارتكبت الكثير من الجرائم والفضائع، على غرار ما حدث في يناير من العام 2018، حين شنت ميليشيا "البقرة" هجوما على المطار أسفر عن مقتل أكثر من عشرين شخصا وجرح حوالي ثلاثين آخرين وتسبب في ايقاف الملاحة الجوية من والى المطار.وجاء الهجوم حينها بحسب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بهدف إطلاق سراح إرهابيين محتجزين في سجن، ينتمون إلى تنظيم "داعش" و"القاعدة".

وفي أبريل من نفس العام، تعرض المطار لقصف صاروخي أصاب طائرة "إيرباص 320"، بالإضافة إلى صالة الوصول بالمطار الرئيس بالبلاد.وأظهرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي تلفيّات بالمدرج وثقوباً في جناح وهيكل الطائرة.وفي سبتمبر من نفس العام، تعرض مطار معيتيقة الدولي تعرض إلى هجوم عنيف بمختلف أنواع الأسلحة، ما أدى إلى توقف جميع الرحلات الجوية المحلية والدولية.وقال المبعوث الأممي غسان سلامة في مؤتمر صحافي عقب ذلك:"نحن نعلم تمامًا من قام بقصف مطار معيتيقة مرتين، مضيفا نحن نعلم بهذا الطرف وهو يعلم أننا نعلم. ولذلك أستفيد من هذه اللحظة لأقول له: "المرة المقبلة سنسميه بالاسم".

ومر حوالي العام على تصريح المبعوث الأممي دون أن يتحرك ضد المليشيات رغم تعرض مطار معيتيقة لعشرات الهجمات المباشرة، والتي تسببت في إصابة مهندسين إضافة إلى أضرار طالت بعض الطائرات والبنية التحتية للمطار وهو ما ينضاف الى الخسائر الكبيرة التي تعرضت لهل ليبيا على يد المليشيات المسلحة تحت أنظار البعثة الأممية.

ويتعرض مطار معيتيقة لقصف متواصل منذ بدء حرب العاصمة طرابلس بين قوات الجيش التابعة للقيادة العامة وأخرى تابعة لحكومة الوفاق، ولم يكشف عن حقيقة الجهة التي تنفذ هذه الهجمات من مصادر مستقلة، وفيما تتهم القيادة العامة قوات حكومة الوفاق باستخدام المطار لأغراض عسكرية، يأتي نفي الحكومة في طرابلس هذه الاتهامات.

وانعكس هذا التصعيد في الهجمات على موقف شركات الطيران، إذ أكدت شركة "طيران مالطا" صعوبة استئناف الرحلات الجوية إلى ليبيا هذا العام بسبب الهجمات الأخيرة على مطار معيتيقة، مشيرة إلى أنها كانت تخطط لاستئناف الرحلات الجوية إلى العاصمة طرابلس "لكن الوقت على ما يبدو قد تغير الآن".وقال موقع "اندبندنت" المالطي،مطلع أغسطس الماضي،أن وزارة السياحة المالطية كانت قد أكدت في وقت سابق هذا العام أن "استئناف الرحلات المجدولة من ليبيا وإليها أمر مرغوب فيه من قبل الحكومتين المالطية والليبية".

وتسببت الصراعات المسلحة بين الميليشيات في العاصمة الليبية طرابلس، في تدمير طائرات مدنية من أنواع مختلفة، وذلك بسبب الهجوم على المطارات الليبية خاصة مطار معتيقة الدولي.وتضرّر قطاع الطيران في ليبيا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بسبب الاشتباكات والنزاعات المسلحة والفوضى الأمنية، حيث توقفت الرحلات الجوية بين ليبيا وعدة دول خاصة في أوروبا.

وفي أبريل 2018، أكدت الشركة الليبية الأفريقية للطيران القابضة، أن شركات الطيران في ليبيا قد تكبدت أضرار بالغة نتيجة للأعمال العسكرية التي طالت الطائرات المطارات ومرافقيها وأن مثل هذه الأعمال تؤثر بكل بالغ على تقديم الخدمة وإرباك المسافرين وإلغاء الرحلات.وطالبت الشركة من خلال بيان لها، المؤسسات الرسمية للدولة بتحمل المسؤولية باتخاذ الخطوات الضرورية واللازمة لتأمين المطارات ومرافقيها.

يشار إلى أن مطار معيتيقة، هو مطار دولي وقاعدة جوية عسكرية على بعد 11 كم باتجاه الشرق من قلب العاصمة الليبية طرابلس.وبعد إغلاق مطار طرابلس الدولي في يوليو 2014، بسبب الحرب الأهلية الليبية، أصبح مطار معيتيقة هو المطار الوحيد الذي يخدم طرابلس.حيث تم تحويل الرحلات التي كانت تسير من مطار طرابلس ونقلها لتنطلق من مطار معيتيقة وقد اصبحت أغلب هذه الرحلات تشمل فقط رحلات لشركات طيران ليبية بعد انسحاب الشركات الاجنبية بالكامل بسبب الأوضاع الأمنية الغير مستقرة.