انتصرت الصين على فيروس «كورونا» مبكّراً، بعد أن حاصرته في بؤرة تفشيه ووهان، ولم تسمح له بالانتقال إلى المدن الأخرى بفضل القيود الصارمة التي فرضتها، في تجربة أثارت إعجاب العالم وغيرته أيضاً، أنهت الصين السيطرة على الجائحة وانتقلت ترسل خبراتها ومساعداتها أيضاً لمساعدة دول العالم في جل القارات، لاسيّما أوروبا التي انتقل الفيروس إليها متخذاً منها بؤرة تفشٍ جديدة.
على مدى شهور عدة والسلطات الصينية تحكم بزمام الأمور إلى أن وصل بها الحال إلى عدم تسجيل أي إصابات محلية، فيما كان جل الإصابات التي تسجلها البلاد لأشخاص قادمين من الخارج.
شجع هذا الواقع الصين على إعلان النصر على «كورونا» ورفع العزل عن ووهان، واستعادة بعض أنشطتها الاقتصادية، ودوران عجلة الحياة في شوارعها ومطاراتها ووسائل مواصلاتها، في وضع أقرب ما يكون إلى الحياة الطبيعية التي حُرم منها العالم كله
ظنّ الصينيون على أنّ «كابوس كورونا» أصبح وراء ظهورهم، وأنّ عداد إصاباته قد توقّف، لم يدر بخلدهم أنّ سوقاً سوق شيفاندي في العاصمة بكين سيوقظ المارد من قمقمه، ويعيد البلاد على نحو ما إلى المربع الأول.
أهي موجة تفشٍ جديدة؟، أم إصابات عارضة لن تهدم ما تحقّق ما إنجاز على مدى شهور؟ لم تكذّب السلطات خبراً وأعلنت حرباً على الوباء في بكين بعزل 11 حياً وأغلقت سوق شيفاندي وآخر لبيع ثمار البحر، ومدارس ودور حضانة في محيط المناطق المشتبهة.
ربما أثارت موجة الإصابات الجديدة الشكوك في مقدرة الصين على قبر الوباء، وأحيت المخاوف من موجة جديدة قد تكون أشد فتكاً، باعتبار أنّها ستتفشى في مدن أكثر اكتظاظاً، بما قد يكرّر السيناريو الأوروبي أو يستدعي النموذج الأمريكي، وهو الأمر الذي تسعى السلطات الصينية وبكل ما أوتيت من قوة لتفاديه.
يُخشى الكثيرون من أن تكون الإصابات الجديدة في بكين تجلياً للتحذيرات التي أطلقتها منظّمة الصحة العالمية من مغبة «موجة جديدة»، وبداية لحرب ضروس قد تطول مع الفيروس وتجبر العالم على دفع تكاليف بشرية باهظة للغاية، وتكاليف مادية عصية على الاحتمال.
ليس من مؤشّرات على أنّ الصين مقبلة على تفشٍ جديد وموجة ثانية، فليس الأمر غالباً سوى هزات ارتدادية لن تزلزل الأرض تحت أقدام الصينيين بتكرار «سيناريو ووهان» في العاصمة بكين، فيما يعضد ذلك الإجراءات فوق الاستثنائية التي اتخذتها السلطات، وما فرضته من قواعد صارمة من شأنها قطعاً السيطرة على ما استجد من إصابات في وقت وجيز.