شهدت مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن في ليبيا، حالة من عدم الاستقرار وغياب الأمن بعد أن استوطنتها التنظيمات الارهابية منذ إندلاع الأزمة في البلاد. وفي مايو 2014، أعلن الجيش الليبي الحرب على المتطرفين الإسلاميين، والتي إنتهت بتحقيق النصر في نوفمبر 2017. ومنذ ذلك بدأت الحياة تعود في بنغازي علاوةعلى التحركات الحثيثة لإعادة إعمار ما أفسدته آلة الإرهاب
وتشهد بنغازي تحركات حثيثة لإعادة إعمار المدينة التي شهدت معارك عنيفة أحدثت أضرار كبيرة في بنيتها التحتية. وفى هذا السياق، أجرى رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني، الإثنين ، جولة تفقدية بمشروع توسعة ورصف وإنارة وصيانة طريق المطار بمدينة بنغازي برفقة وزير الداخلية المستشار إبراهيم بوشناف ورئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي
واستمع الثني، إلى شرح وافٍ من قبل مدير جهاز تنمية وتطوير المدن المهندس ناجي المعداني، لافتًا إلى أن المشروع شارف على الانتهاء، بما يضمن أعمال التوسعة وإظهار الصورة الجمالية لمدخل المدينة الجمالي، وبلغت قيمة تنفيذ مشروع معالجة شبكة الكهرباء ونقل المحطات خارج الطريق العام بطريق المطار بمدينة بنغازي مليون وثمانمئة وستة وعشرون ألف وتسعمائة وسبعون دينار، وذلك بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 454 لسنة 2018
وكان رئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي المهندس الصقر بوجواري، التقى بمبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، الثلاثاء الماضي. وتخلل اللقاء الذي حضره مجموعة من الشخصيات ذات الصلة، مناقشة ملف إعادة إعمار مدينة بنغازي، والمشاريع التي تم تنفيذها، وصيانة المدارس، وكذلك تفعيل دور البعثة الأممية وعودتها للعمل داخل مدينة بنغازي
وبحسب المكتب الإعلامي للبلدية، استعرض وكيل الشؤون العلمية لجامعة بنغازي عز الدين الدرسي خلال اللقاء، الأوضاع الصعبة التي تمر بها الجامعة داعياً إلى ضرورة وضع حلول عاجلة لإعادة الجامعة لوضعها، بما يؤهلها إلى أداء رسالتها التعليمية. من جانبه تطرق مدير إدارة مركز بنغازي الطبي إلى الاحتياجات التي يتطلبها المركز من أجهزة طبية تشخصية، والتي تعذر وصولها إلي مدينة بنغازي بسبب الحظر المفروض على البلاد، والذي يعيق وصول بعض الأجهزة إلى المركز
من جهتها قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبر حسابها على موقع "تويتر" إن سلامة أطلع المسؤولين في بنغازي "على إعادة تفعيل أنشطة الأمم المتحدة في المنطقة الشرقية كما ناقش معهم القضايا الملحة والعاجلة التي تحتاج إلى تنسيق وثيق بين البعثة والسلطات المحلية
ويكتسي اعادة اعمار بنغازي أهمية كبيرة، وكان القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، شدد في وقت سابق، "على ضرورة المباشرة وبشكل عاجل بإنهاء أي إجراءات تعيق إعمار بنغازي وتذليل الصعاب"، مؤكدًا أن المدينة "هي التي دفعت التكلفة الباهظة من دماء شبابها وتستحق أن يعيش أهلها في رخاء وعزة وكرامة" وفق ما نشرته بلدية بنغازي عبر صفحتها على فيسبوك
وجاء ذلك خلال استقبال المشير خليفة حفتر بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، الأحد 17 فبراير الجاري، رئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي المهندس الصقر بو جواري والوفد المرافق له. وقالت البلدية أن بو جواري أطلع المشير خليفة حفتر على آخر مستجدات الأوضاع الخدمية لمدينة بنغازي وذلك من خلال عرض بعض الإجراءات الأولية المتخذة واللازمة لإعداد رؤية إعادة إعمار بنغازي
وتعتبر مدينة بنغازي ثاني أكبر مدينة في ليبيا بعد العاصمة طرابلس ، وأكبر مدينة بالشرق الليبي، وعاشت منذ أكثر من ثلاثة سنوات، حالة حرب في مواجهة الإرهاب وتحولت عدة مناطق منها إلى محاور للقتال تسببت في نزوح سكان تلك المناطق. وطيلة اكثر من عامين شهدت المدينة معارك يومية بين قوات الجيش الليبي، والجماعات الارهابية التي استغلت الفراغ الحاصل في البلاد وغياب سلطة الدولة لتفرض سلطتها في المدينة
ومنذ أن وضعت الحرب أوزارها، زار عدد من رجال الأعمال من مختلف الدول العربية والأوروبية، مدينة بنغازي لبحث المشاركة في إعادة الإعمار. وآخر هذه الزيارات كان من طرف وفد من الغرفة الليبية الإيطالية للتجارة برئاسة جان فرانكو داميانو، وعضوية عدد من مدراء الشركات الايطالية، الذي زار المدينة منتصف يناير الماضي حيث التقى رئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي الصقر عمران بوجواري
وأفاد المكتب الإعلامي لبلدية بنغازي، بأنَّ رئيس المجلس التسييري للبلدية وضع الوفد في صورة الوضع العام ببنغازي من النواحي الاقتصادية ومجالات المشاريع في البنية التحتية التي تحتاجها المدينة، بعد الأضرار الكبيرة التي حدثت جراء الحرب على الإرهاب. وأعرب عن أمله في دخول الشركات الإيطالية مجال إعادة الإعمار والاستثمار الاقتصادي المشترك وتنفيذ المشاريع في مجال البنية التحتية من طرق وجسور وشبكات المياه والصرف الصحي في المدينة
من جانبه، قال رئيس الغرفة الليبية الإيطالية جان فرانكو داميانو، أن هذه الزيارة، تأتي ضمن إطار التنسيق مع عدد من الجهات العامة والغرفة التجارية في بنغازي ورجال الأعمال، بشأن التعرف على الاحتياجات للمدينة وتحديد مجالات التعاون والعمل المشترك بما يخدم الطرفين، كاشفاً عن لقاء مشترك خلال شهر أبريل المقبل، لغرض التنسيق وتحديد أوجه التعاون والعمل المشترك بين رجال الأعمال الليبيين والايطاليين، بحسب ما أورد المكتب الإعلامي لبلدية بنغازي
ويثير مشروع اعادة اعمار مدينة بنغازي اهتمام روما، وسبق أن أعرب سفير إيطاليا لدى ليبيا خلال زيارة أداها إلى بنغازي، في أكتوبر 2018، عن رغبة بلاده في المشاركة في إعادة إعمار المدينة. وذكر بيروني أن الشركات الإيطالية لديها الخبرة الكبيرة في كل المجالات، وهي مستعدة للعودة إلى ليبيا للمساهمة في إعادة بناء المدارس والموانئ، والمساعدة في تقديم كافة الخدمات التي تحتاجها ليبيا.
وفي أواخر يناير الماضي، استقبلت مدينة بنغازي، وفدا صينيا ممثلا عن كبرى الشركات الصينية في زيارة تهدف لاستئناف أعمال المشاريع الصينية المُتوقفة المقدرة بمئات ملايين الدولارات. والتقى الوفد الصيني مع رئيس المجلس التسييري لبلدية بنغازي الصقر بوجواري ومدير مكتب المشروعات أسامة الكزة ومدير جهاز تنفيذ مشروعات الإسكان والمرافق بنغازي مصطفى بوزغيبه وعدد من أعضاء المجلس
وأوضح رئيس مجلس أصحاب الأعمال الليبيين فرع بنغازي، خلال كلمة له بالمناسبة إن مدينة بنغازي الآن في مرحلة إعمار، وإن زيارة الشركات الأجنبية لها هي بمثابة رسالة للعالم بأسره أن بنغازي أصبحت آمنة، مشيرا إلى أنه سيكون هناك تعاون كبير مع الشركات للقفز ببنغازي قفزة معمارية كبيرة واستئناف المشاريع المتوقفة وإقامة مشاريع جديدة
ومطلع فبراير الجاري، استقبل المجلس التسييري لبلدية بنغازي برئاسة المهندس الصقر عمران بوجواري، عددًا من المستثمرين من الولايات المتحدة الأميركية. وأشار بيان للمجلس إلى أنّ الاجتماع ناقش سبل التعاون المشترك، وإمكانية إقامة مشاريع استثمارية في مختلف المجالات الاقتصادية، إضافة إلى تقديم المساعدة للبلدية في المجالات الإنسانية المختلفة خاصة معدات كشف الألغام والأدوية والأجهزة والمعدات الطبية وسيارات الإسعاف
ويمثل اعادة الاعمار في ليبيا فرصا تجارية كبيرة لاطراف كثيرة في انحاء العالم، وسبق أن عبّـرت شركات عالمية كبرى عن رغبتها في المشاركة في إعادة إعمار مدينة بنغازي، باعتبارها فرصة استثمارية واعدة تفتح الطريق نحو إعادة إعمار ليبيا، وذلك خلال فعاليات المؤتمر الدولي لإعادة إعمار مدينة بنغازي في مايو 2018
وشارك في المؤتمر عدة دول منها أميركا، بريطانيا، تونس، المغرب، إيطاليا، ألمانيا، اليونان، البرتغال، ومصر، وبنين، والسودان، وفلسطين، والصين، ونيوزيلندا، وسويسرا، والكويت، وبلغاريا. ويرى مراقبون، أن أي دولة لن تستطيع ان تنفرد وحدها بكعكة اعادة البناء. وهو ما يجعل الصراع علي الفوز بأكبر قدر من عمليات اعادة الاعمار هدفا رئيسيا للعديد من الدول
وبعد ما عانته طيلة السنوات الماضية من دماء سالت هنا وهناك ودمار طال أحياءها الجميلة، لا تزال مدينة بنغازي تخضع لعمليات ترميم لتراكمات سنوات الحرب، من خلال إعادة تأهيل البنية التحتية وفرض الأمن والاستقرار والقضاء على الجريمة، بالإضافة إلى النظر في الملفات الحيوية الأخرى كالصحة والتعليم على غرار بقية المناطق الأخرى