مازالت الأوضاع الأمنية المتردية في ليبيا وخاصة في الجنوب الليبي تثير مخاوف كبيرة من إمكانية تحول هذه المنطقة إلى ملاذ آمن للإرهاب ومركز استقطاب للمقاتلين الأجانب في ظل تغوّل تنظيم داعش الذي يشن بين الحين والآخر هجمات تشير إلى وجوده وقدراته الخطيرة.
ويمثل التردي الأمني نذيرا بمزيد من التوتر والخطر على ليبيا والدول المجاورة،وسط تحذيرات من تمدد التنظيمات الإرهابية التي تستغل حالة ضعف الرقابة على الحدود نتيجة لحالة الترهل الأمني الذي تعانيه دول المنطقة وعدم القدرة على تأمين حدودها.
تحذير
آخر هذه التحذيرات جاء على لسان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة،الذي أعلن خلال اجتماع دول جوار ليبيا،في العاصمة السودانية الخرطوم،عن تسرب عناصر من المتطرفين من دولة النيجر أخيراً، إلى الجنوب الغربي من ليبيا.
وأبدى سلامة خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للاجتماع، قلقاً بالغاً لوقوع عمليتين إرهابيتين كبيرتين، نفذَّهما قادمون جدد، إلى الجنوب الليبي. وأضاف:"بالنظر إلى صعوبة الوصول والتمركز بالنسبة إلينا في الأمم المتحدة في تلك البقعة الشاسعة في ليبيا، نود لفت الانتباه إلى خطورة الأمر.
وتابع:"أتفهم القلق الذي يساور دول جوار ليبيا، لا سيما تلك التي تجاور جنوب ليبيا لوجود حركات مسلحة ليبية، وتشكيلات مسلحة غير ليبية، وتصاعد تمركز الحركات الإرهابية ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية، وإجمالاً كلها عناصر لا تبعث على الارتياج.
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية السبت الماضي مسؤوليته عن هجوم على بلدة في صحراء جنوب ليبيا قالت تقارير إعلامية إنه أسفر عن مقتل تسعة أشخاص وخطف آخرين. وأعلن التنظيم المتشدد مسؤوليته في بيان عبر وكالة أعماق للأنباء التابعة له وقال إن 29 شخصا إما قتلوا وإما أصيبوا في الهجوم الذي وقع الجمعة.
من جهته قال وزير الخارجية السوداني، الدرديري محمد أحمد، إن بلاده تتطلع إلى تحقيق المزيد من التفاهمات للوصول إلى تسويات سياسية ومجتمعية لتعود ليبيا إلى مكانها الطبيعي والرائد في أفريقيا والعالم العربي.وأوضح في كلمته، أن من بين دواعي عقد الاجتماع بالخرطوم، التعاون والمصير المشترك لمجابهة الأخطار والتحديات، المتمثلة في الحركات المسلحة المتمركزة في ليبيا، والجرائم المنظمة والإرهاب والحفاظ على الاستقرار والسلم في ليبيا.
وتابع، "السودان يمد يده لكافة الفرقاء الليبيين، ويأمل من خلال العمليات الأمنية المشتركة على المناطق الحدودية ودول جوار ليبيا، للمشاركة في إزالة الخطر الذي يمثله وجود بعض المجموعات المسلحة الوافدة إلى الجنوب الليبي والتي حوّلت ذلك الجزء من ليبيا إلى ساحة معارك جديدة".
إستهداف
وفي غضون ذلك،يلقى استهداف العناصر الإرهابية بشكل متكرر عبر غارات جوّية الضوء حول حقيقة تحول مدن الجنوب الليبي إلى معقل آمن للتنظيمات الإرهابية.
واستهدفت مقاتلة مجهولة الهوية، الخميس، هدفًا متحركا في بلدة العوينات، جنوب غربي ليبيا، بعد أيام من التحليق المستمر؛ وفق مسؤول محلي.وفي حديث للأناضول، قال مسؤول في المجلس البلدي لبلدة "غات" المجاورة، مفضلًا عدم ذكر اسمه، إن القصف وقع في منطقة "تالواوات"، التابعة للعوينات.ورجح المصدر، أن يكون القصف استهدف عناصر في تنظيم القاعدة الإرهابي.
وتنشط في الجنوب الليبي، مجموعات يعتقد أنها مرتبطة بتنظيمات إرهابية، مستغلة المساحات المفتوحة والارتخاء الأمني، ومجاورة المنطقة حدود دول أخرى تشهد أوضاعًا مشابهة، وخصوصًا مالي وتشاد والنيجر.
وتشير تقارير غربية إلى هجرة مئات من مقاتلي “داعش” من سورية والعراق إلى ليبيا عبر حدودها المشتركة مع مصر والسودان والنيجر وتشاد، كما أنها تؤكد في الوقت ذاته استفادة القاعدة من ظاهرة تجارة البشر، عبر مشاركتها فيها أو الاستفادة من وصول مقاتلين إليها عبر قوافل المهاجرين القادمين من دول أفريقية كالنيجر تحديداً، حيث لا تزال حركة تحرير أزواد، المقربة من القاعدة، موجودة هناك، ويمكنها أن تزود التنظيم بمقاتلين جدد.
يُشار إلى أن غارات جوية سبق وأن استهدفت عدداً من القيادات الإرهابية في عدة مُدن ليبية،ففي 24 مارس/آذار الماضي،إستهدفت غارة جوية أمريكية على منزل شرقي مدينة أوباري،إرهابيين اثنين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، أحدهما يدعى "موسى أبو داوود"، جزائري الجنسية، وهو قيادي بارز في التنظيم.
وفي 28 أغسطس/آب 2018، نفذت غارة أميركية على بني وليد، شمال غربي ليبيا، استهدفت أحد قيادات التنظيم، ويدعى وليد بوحريبة الورفلي.وقالت تقارير إعلامية إن وليد بوحريبة، وهو من سكان منطقة الجيزة بسرت، من أبرز القادة الليبيين لتنظيم "داعش" بالمدينة.
وتعاني ليبيا من أزمة انتشار جماعات إرهابية ومتشددة في جنوب البلاد، خصوصا في مدن الجنوب الغربي، فضلا عن انتشار عصابات الجريمة والهجرة غير الشرعية على امتداد الحدود الجنوبية لليبيا، وتورط تلك الجماعات في تهريب الأسلحة والذخائر إلى المليشيات المسلحة في ليبيا.