يشكل الجنوب الليبي الصحراوي والمهمل من السلطات المتنافسة في البلد الذي تمزقه الصراعات السياسية وتسوده الفوضى الأمنية،مركزا لمجموعات مسلحة محلية وأخرى تشادية وسودانية تستغل الفراغ الأمني في المنطقة والحدود المترامية المنفلتة لتحولها إلى قاعدة خلفية لأنشطة إجرامية من خطف وحرابة وسرقة واتجار بالبشر والسلاح والمخدرات.

ودفعت هذه الاوضاع الصعبة الجيش الوطني الليبي للتحرك حيث أطلق خلال الأسابيع الماضية عملية عسكرية واسعة لتطهير الجنوب،وقالت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، في بيان، إن العملية العسكرية تهدف لحماية وتأمين سكان مناطق الجنوب الغربي من المتطرفين، سواء من تنظيم "داعش" أو من تنظيم "القاعدة"، والعصابات الإجرامية المنتشرة في المناطق الجنوبية.

وتتسارع ضربات القوات الليبية منذ انطلاق العملية،حيث نجحت في تحقيق تقدم ملحوظ من خلال السيطرة على عدة مناطق هامة في الجنوب،آخرها السيطرة على  قاعدة "الويغ" الاستراتيجية الواقعة في منطقة القطرون أقصى جنوب ليبيا قرب الحدود مع تشاد والنيجر.بحسب ما أعلنته كتيبة "سُبل السلام".وأفادت الكتيبة في بيان لها،الثلاثاء 29 يناير 2019، أن قاعدة "الويغ"، كانت تعتبر نقطة تمركز للعصابات التشادية طيلة السنوات الماضية، بعد أن خرجت عن سيطرة الدولة منذ العام 2012، حيث أصبح الجنوب الليبي، منذ ذلك الوقت مستباحًا من قبل التنظيمات المتطرفة والعصابات الإجرامية، بحسب البيان.

وأعلن الجيش الوطني الليبي، في وقت سابق عن استعادة 9 مواقع عسكرية جنوب البلاد، بعد هجمات جديدة استهدفت أوكار الجماعات المسلّحة، ضمن ما أطلق عليها عمليات تحرير الجنوب الليبي.وقالت شعبة الإعلام الإلكتروني للقيادة العامة للجيش إنه "تمّت السيطرة على مواقع عسكرية مهمة، وهي معسكر الحراري ومطار سبها الدولي والثانوية الجوية وقلعة سبها ومقر كتيبة فارس سابقًا، ومعسكر الدعوكي والإمداد العسكري وكلية الزراعة، وقاعة الشعب.

وأمّن الجيش الوطني الليبي مطار سبها ومواقع استراتيجية أخرى في المدينة التي بسط سيطرته عليها بشكل كامل.وعقب ذلك وصل وفد يمثل الحكومة المؤقتة إلى مدينة سبها في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إطلاق الجيش عمليته العسكرية لتحرير الجنوب من عصابات الإرهاب والجريمة.

وكان على رأس الوفد وزير الداخلية بالحكومة الليبية المؤقتة إبراهيم بوشناف،الذي أكد عقب اجتماع عقد مع عميد بلدية سبها، ضم أيضاً مشايخ وأعيان ومسؤولي القطعات الخدمية بالمدينة، أن الزيارة تهدف إلى تقديم الدعم اللازم والحفاظ على المناطق المحررة، إلى جانب الوقوف على المشاكل التي تشهدها مناطق الجنوب وسبل إيجاد حلول لها.من جهة أخرى،يواصل الجيش الليبي اصطياد القيادات الارهابية الخطيرة في الجنوب الليبي،ةالتي كان آخرها  القيادي في تنظيم القاعدة المتطرف عادل أحمد العبدلي المكنى "أبو الزبير الليبي"، والذي قتل أثناء مداهمة وكر للإرهابيين في حي حجارة بمدينة سبها. وبحسب ما أكد الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري. 

وقال المسماري، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك، أن أبو الزبير من العناصر الإرهابية الخطيرة جدا وسبق وأن انضم للتنظيم في سوريا وتم ترحيله إلى ليبيا سنة2004، وسجن في سجن أبو سليم ، وبعد 2011 أصبح من العناصر النشطة وخاصة في التجنيد وتنقل الإرهابيين بين سوريا وليبيا.

ونجحت قوات الجيش منذ أسبوع في الاطاحة بقيادات ارهابية كبيرة،حيث سقط عبدالمنعم الحسناوي الملقب بـ"أبو طلحة الليبي"، الذي يعد أهم قيادات تنظيم القاعدة الإرهابي في ليبيا، وذلك خلال عملية قامت بها مجموعة العمليات الخاصة المشكلة من كتيبة شهداء الزاوية، وكتيبة طارق بن زياد بمنطقة الشاطئ في الجنوب الغربي.هذه العملية قتل فيها أيضا قياديان بارزان لا يقلان أهمية عن الحسناوي وهما الإرهابيين الليبي المهدي دنقو والمصري عبدالله الدسوقي.ويعتبر الأول المتورط الأول فى جريمة ذبح الأقباط المصريين فى مدينة سرت، ومؤسس ما يعرف بـ"جيش الصحراء" فى مدن الجنوب،أما الثاني فهو أحد أبرز مساعدي ضابط الصاعقة المصري الإرهابي هشام العشماوي، والذي تم القبض عليه في عملية أمنية للجيش الليبي، ومسؤول عن العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا حافلتين للأقباط في المنيا قرب دير الأنبا صموئيل.ويمثل مقتل هذه القيادات أوخرى مصنفة خطيرة،من أقوى الضربات لتنظيم القاعدة في المغرب العربي منذ سنوات، خاصة أنها تأتي في وقت تصاعد فيه نشاط التنظيم جنوب ليبيا وفي منطقة الساحل والصحراء الإفريقية.

وإلى جانب التنظيمات الإرهابية، تستهدف العملية العسكرية الجماعات المتحالفة والعصابات الأجنبية التي تمارس أنشطة اجرامية تهدد الأمن.ويخوض الجيش الليبي منذ سنوات حربا على التنظيمات المتطرفة توجت بتحرير أغلب مناطق الشرق الليبي.ويمثل الجنوب أهمية إستراتيجية كبيرة في المعركة التي يخوضها الجيش الليبي من أجل استعادة الأمن والاستقرار في كافة أنحاء البلاد، فعبر أطرافه المترامية تجد الجماعات الإرهابية مساحة كبيرة للتمركز والاختباء، وأيضا قواعد انطلاق لشن عملياتها ضد المدن الليبية.ويسهم الجنوب الليبي بنحو نصف إنتاج ليبيا من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا، بينما يشكل انتشار الجماعات المسلحة تحديا أمام التنمية الاقتصادية في هذه المناطق.ويرى مراقبون أن العمليات التي يقوم بها الجيش الليبي في الجنوب من شأنها دعم الاستقرار في هذه المنطقة الاستراتيجية وهو ما سيكون له تأثير ايجابي على الأوضاع الأمنية في البلاد عموما.