يعاني جنوب ليبيا من انفلاتٍ أمنيٍّ ، أثار قلقًا محليًّا ودوليًّا ، حيثُ يعدّ ملاذًا آمنًا للجماعات المسلّحة العابرة للحدود ، والتي تنفّذ به عمليات الخطف والسّرقة دون وجودِ رادعٍ، ناهيك عن تردي الخدمات الحكوميّة بل وقد يصفه بعض سكانه بغياب ملامح الدّولة داخله. هذه الأوضاع المتردية في المنطقة الجنوبيّة، جعلتها في الفترة الأخيرة محط اهتمام من عدة أطراف عقب الإهمال الذي عانت منه لسنوات،في محاولة لإنهاء المعاناة التي يعيشها المواطن في هذه المنطقة.
إهتمام حكومي
إلى ذلك،ناقش رئيس مجلس وزراء الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني، أوضاع الجنوب الليبي.وبحسب بيان للحكومة، بحث "الثني" خلال الاجتماع الذي عقده بمكتبه بمجلس الوزراء، مع نائب رئيس مجلس الوزراء لشئون الهيئات الدكتور عبدالرحمن الأحيرش باعتباره رئيسا للجنة الأزمة المشكلة لمتابعة أوضاع الجنوب الليبي، كافة المشاريع التي تنفذها الحكومة والتي تعتزم تنفيذها في مناطق الجنوب، وعدد من قيادات اللجنة والوزارة.
كما ناقش الاجتماع أعمال لجنة الأزمة والاطلاع على ما تم تنفيذه من برامج في قطاع الصحة والمياه والصرف الصحي وللتأكد من برنامج وصول المواد الموردة لمناطق الجنوب من تجهيزات المستوصفات وباقي المواد. وكانت الحكومة المؤقتة قد شكلت لجنة أزمة الجنوب لمحاولة حل بعض الازمات والمختنقات التي تعاني منها مرافق المنطقة الجنوبية وبحث سبل إنهاء مشكل تدهور الوضع الامني في المنطقة بالتعاون مع وزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة والقيادة العامة للقوات المسلحة. وأولت الجنة اهتماما بالمرافق الصّحية بالمنطقة، حيثُ أحصت عددها وأقدمت على توفير الاحتياجات الضّروريّة لها.والثلاثاء لماضي،قامت اللجنة بتوريد 43 سيارة إسعاف مجهزة إلى كافة مناطق الجنوب ؛ وذلك كخطوة أولى لمعالجة المختنقات التي تمرّ بها هذه المناطق.
وبدورها،شكّلت حكومة الوفاق في وقت سابق لجنتين ؛ للاهتمام بالأوضاع بالمنطقة الجنوبية، أولهما أمنيّة تتكوّن من وزارتي الدّفاع والدّاخلية وجهاز المخابرات العامة تتولى بحث النّواحي الأمنية، وسبل تفعيل ودعم أداء الأجهزة الأمنيّة والعسكرية في المنطقة.والثانية خدمية تتكوّن من القطاعات المختصّة بحكومة الوفاق الوطني ؛ لتحديد ما تحتاجه المنطقة من خدمات عاجلة تساهم في رفع المعاناة عن كاهل المواطن، كما تتولى تحديد التّغطية الماليّة اللازمة لمواجهة هذه الظروف.
إهتمام أممي
التقت نائبة الممثل الخاص ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ماريا ريبيرو، الإثنين 19 نوفمبر 2018، وفدًا من الجنوب الليبي ووزارة شؤون النازحين في مقر البعثة بطرابلس. وناقشت ريبيرو مع الوفد الأوضاع في الجنوب، وأهمية عقد لقاء تنسيقي خاص يجمع كافة الأطراف لدراسة الاحتياجات الإنسانية وسبل الاستقرار، حسب الصفحة الرسمية للبعثة الأممية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وكانت نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز، حثت المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني على سرعة الإنجاز وتخصيص الموارد الكافية والاستجابة للاحتياجات الملحة في المنطقة الجنوبية، وذلك خلال لقاء مع نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عبدالسلام كاجمان في العاشر من نوفمبر الحالي.
والأسبوع الماضي،التقى المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز في باليرمو برئيس النيجر، التي تربطها مع ليبيا حدود مشتركة، محمد يوسفو.وناقش اللقاء بينهم الوضع في الجنوب الليبي ودعم المجتمع الدولي لمواطني ليبيا ولخطة عمل الأمم المتحدة.
وتبدي البعثة الأممية إهتماما كبيرا بأوضاع الجنوب الليبي بحسب تصريحات مسؤوليها المتكررة،وفي مطلع فبرايرالماضي،أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن صندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا يعمل على مساعدة القطاعات الخدمية جنوب البلاد.وأوضحت البعثة في تدوينة لها بموقع "فيسبوك" أن صندوق تحقيق الاستقرار يعمل في الجنوب عبر "أعادة تأهيل المدارس والمستشفيات وتقديم سيارات الإسعاف وشاحنات نقل القمامة ومولدات الكهرباء لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان في أوباري ومرزق وسبها".
الجيش الليبي
التقى القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، السبت، وفد من أعيان وقبائل وحكماء ونشطاء منطقة الجفرة ومحيطها إضافة إلى أعيان ومشائخ قبائل المحاميد في سبها وضواحيها لبحث تأمين مدن الجنوب الليبى. وقال مكتب الإعلام التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية فى بيان له، إن المشير خليفة حفتر ناقش مع وفد القبائل الليبية أوضاع الجنوب الليبي، وتأمينه مؤكدين أنهم يقفون خلف القيادة العامة في تأمين الوطن وكرامة المواطن الليبى.
رجحت تقارير إعلامية، أن الجيش الوطني الليبي، يستعد لخوض عملية عسكرية موسعة لتطهير الجنوب الليبي من العصابات الأجنبية الإجرامية التي تنشط بشكل كبير، فضلًا عن أعمال التهريب والاختطاف.وقالت صحيفة "الشرق الأوسط"، في تقرير لها،الإثنين، إن لقاء المشير حفتر وفود أعيان قبائل منطقتي الجفرة وسبها، "بمثابة حشد للتأييد الشعبي قبل خوض الجيش لعملية عسكرية محتملة يستعد لها منذ فترة في الجنوب.
وسبق لمجلس النواب الليبي أن طالب قوات الجيش، بإرسال تعزيزات عسكرية عاجلة لتطهير جنوب البلاد.كما حثت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الشهر الماضي، الدولة الليبية على مواجهة المجموعات المسلحة في الجنوب، بعد الأوضاع المضطربة مؤخرًا، ودعتها لاتخاذ ما وصفته بإجراءات فورية فعالة حيال حالة الانفلات الأمني التي تشهدها المنطقة، في ظل تصاعد معدل الجريمة.
وكانت وزارة الداخلية في الحكومة الليبية المؤقتة، شرق البلاد، أعلنت قبل عشرة أيام، الانتهاء من تجهيز قوات أمنية من أجل بسط الأمن في الجنوب الليبي، مشيرة إلى وجود في الجنوب الليبي، عصابات للاتجار بالبشر والهجرة غير المشروعة والسرقة والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، إضافة إلى الإرهاب.
وتعرف منطقة الجنوب اللليبي نشاطا واسعا للمهربين والجماعات المسلحة، والتي تتنازع فيها قبائل ليبية بالجنوب الغربي للسيطرة على طرق التهريب التي تقطع الصحراء الليبية.وتنشط عصابات تهريب البشر إلى أوروبا وتجارة المخدرات والسلاح.كما تؤكد عدة أطراف على الخطر الذي تمثله العناصر الإرهابية التي تتربص في الجنوب الليبي بعد هزيمتها في معاقلها السابقة.