يبدو أن روح الوطنية الحقيقية تتجلى فعلاً في الأزمات لدى شرفاء الشعب المصري، ما يدفع المخلصين منهم إلى الإبداع في سبيل خدمة مجتمعهم والإنسانية بكاملها.
فقد أعلن الطبيب المصري أحمد محمود المناوي قبل أيام أنه استطاع الوصول إلى النسخة النهائية من درع الوجه الطبية التي تمنع الرذاذ الحامل لفيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) من إصابة الأطباء، وفقاً لموقع «سكاي نيوز عربية».
وانطلقت الفكرة من حرص المناوي على حماية زملائه الأطباء من الإصابة، لتتحول من فكرة صغيرة إلى مشروع واسع للمستشفيات المصرية.
وخطَّط المناوي مع زميله عمرو عبد الحفيظ لإنتاج 15 ألف درع واقية ومنحْها مجاناً للمستشفيات، لكن مكالمة هاتفية حوّلت الأمر إلى مشروع ضخم.
وقال المناوي، أستاذ أمراض النساء وجراحات المنظار بقصر العيني، في جامعة القاهرة، إنه «طور وصمم درعاً تكون مناسبةً للعمل، ويمكن تعقيمها وإعادة استعمالها في ظل الظروف الحالية، كما يمكن إنتاجها بتكاليف قليلة»، موضحاً: «استطعنا خلال أيام عمل عيِّنة تجريبية لقيت إعجاب الجميع، وصممتُ على إنتاج الدرع بأعداد كبيرة وتوزيعها مجاناً على كل الأطباء، وعلى الهيئة المعاونة في مستشفيات مصر».
وأضاف: «جمعتُ مبلغاً من الأصدقاء والعائلة، وقرَّرنا بدء الإنتاج منذ أسبوع، وعزمنا على تحمُّل كل التكاليف لـ15 ألف درع».
بعدها تلقى المناوي مكالمة هاتفية من هبة السويدي، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة أهل مصر للتنمية، التي تكفلت بإنتاج 200 ألف قطعة سيتم إرسالها إلى جميع أنحاء مصر بالمجان.
وقال الطبيب، الذي عمل سابقاً أستاذاً مساعداً بجامعة روشستر في نيويورك، إن الخطوة التالية كانت زيادة خط الإنتاج، وزيادة أجهزة حقن البلاستيك.
وتابع: «اتصلت بالأطباء بعد توزيع آلاف القطع في أنحاء الجمهورية، وكانت ردود أفعالهم ممتازة»، مضيفاً: «نحن نستمع للأطباء، فمثلاً سنزيد طول الدرع 2.5 سم بناءً على الآراء».
وأشار إلى أنه يعرف بشكل شخصي أطباء أصابهم فيروس «كوفيد-19»، وهو ما دفعه إلى إنتاج الدرع الواقية بسرعة كبيرة.
وذكر أن من مميزات هذا الدرع أنه يمكن تعقيمه أكثر من مرة، فمادة البوليستيرين تعطي شفافية وجودة بصرية عالية بدون إعاقة النظر، كما أنه بطول مناسب لا يعوق حركة رأس الطبيب، وأن الدرع يتحمل كثيراً، لأنه مصنوع من مادة عالية الجودة، إضافة إلى حزام قابل للتعديل، كما يمكن تعقيم الدرع بالبلازما أو الكحول.
وقال المناوي: «أرجو من الله أن نستطيع بهذه الهدية المجانية إلى أطبائنا أن نجعلهم يعملون في أمان، ونقلل احتمالات الإصابة بالفيروس».
وتوجَّه بالشكر إلى كل من أسهم في إنتاج الدرع الواقية، متمنياً أن يصل إلى يد كل طبيب وممرضة في مصر، في «تكافل اجتماعي حقيقي»، على حد وصفه.