ارتفعت أسعار الخبز، الغذاء الرئيسي في ليبيا، لتفاقم الأعباء المالية لليبيين، الذين يكافح كثيرون منهم بالفعل لتوفير احتياجات أُسرهم. وبشكل مفاجئ أغلقت المخابز في أنحاء طرابلس أبوابها قبل أسبوعين موضحة لزبائنها، الذين أربكهم إغلاقها، أنها اضطُرت لذلك بسبب ارتفاع أسعار الطحين (الدقيق) والوقود.
وعندما أعادت فتح أبوابها علقت لافتات اعتذار للزبائن بشأن اضطرارها لرفع أسعار الخبز لتصبح دينارا لكل ثلاثة أرغفة صغيرة بعد أن كانت الثمانية منها تُباع بدينار. وعلق أحد المخابز مثلا لافتة كتب عليها "الزبائن الكرام، نعلمكم بأنه ونظرا لارتفاع الأسعار في الدقيق والوقود والمواد المكملة بأنه سيتم التغير في أسعار الخبز الخارج عن أيدينا كالآتي: سعر الخبزة 3 فردي بواحد دينار".
وتعليقا على ذلك قالت ربة منزل تدعى خيرية زغيط (54 عاما) وهي تشتري الخبز لأسرتها من مخبز في طرابلس "(الأسعار الجديدة) مش ملائمة، صاحبة الدخل المحدود المرتب، سيولة مفيش. منقدرش طبعا، اللي عنده أربعة، خمسة صغار، ستة صغار ما بيقدرش.. ثلاثة فردي خبزة بدينار، ويعلم الله الحال يعني كيف بنشراها وكيف بنديرها، مرات بدل ما بندير العيال فردي بديت أقل، مرات بنقسمها على مرتين فردي الخبز. ومرات مناخدهاش، فيه أيام مناخدش الخبز، منقدرش لأنه منكدبش عليك منقدرش. أنا مرات فيه حاجات ناخد فيها بشيك وبزيادة الخبزة لازم تبي سيولة. الخبزة بناخدها بشيك، مش راح ناخدها، مش راح يعطوها، المعيشة ولت صعبة، صعبة في ليبيا، صعبة، صعبة".
وقال موظف حكومي يدعى فوزي زريق "هذا يفرق من شخص لشخص لكن عامة الناس مش قادرة والله. ثلاثة فردي بدينار، فيه اللي عنده ستة وسبعة اشخاص معناها يبي (يحتاج إلى) 10 دينار يوميا خبز يعني دخله اليومي ياخذ خبزة والباقي ما يحتاج ياخذ شي، ما يقدرش يشتريه. أسعار مهولة ومفيش حد حاسس بالمواطن هذه الحقيقة". وليبيا الغنية بالنفط، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 6.5 مليون نسمة، كانت واحدة من أغنى دول المنطقة.
وقال "الدولة تبى، لأنها غير قادرة على تغطية، إيراد النفط نقص يمكن إلى 200 ألف برميل وسعره نقص. أصبحت غير قادرة على تغطية الدعم تُرك الموضوع هذا للقطاع الخاص. طبعا القطاع الخاص في ظل عدم قدرة أجهزة الدولة في المتابعة والمحاسبة والمراقبة وما نشهده من توريدات يعني ومن تقارير تحدد يعني خلينا نعرف أسباب نقص القمح والدقيق وحتى السلع الأخرى". وأضاف أن عجز الدولة عن تقديم الدعم اللازم للخبز أجبرها على ترك المسألة للقطاع الخاص وبالتالي هي لا تستطيع فرض رقابتها أو محاسبته.
وأردف الشيباني "شو بتستفيد الدولة من خلال استيرادها للقمح. لما تستورد القمح تحدد السعر ويتم توزيعه على المطاحن الليبية وبسعر ثابت. ما عادش فيه يستطيع أي مطاحن من المطاحن يدعي بأنه التكلفة عليه غالية. ولما نضمن تحديد سعر تكلفة القمح، نقدر نحدد مصاريف التصنيع وهامش الربح للمصنع تقدر وزارة الاقتصاد تحدد له سعر البيع، سعر بيع كيس الدقيق أو طن الدقيق".وتفاقمت المشكلات الاقتصادية في ليبيا بعد عام 2014 عندما شُكلت حكومتان متنافسان وبرلمانان وبنكان مركزيان في طرابلس وشرق البلاد في أعقاب انتخابات اختُلف على نتائجها.وتتقلب أسعار السلع الأساسية تمشيا مع التقلبات الحادة في قيمة الدينار الليبي في السوق الموازية.
واتسعت الفجوة بين سعر الصرف الثابت وهو 1.4 دينار مقابل الدولار وسعر السوق السوداء بعد تراجع عائدات ليبيا من العملات الأجنبية بسبب توقف انتاج النفط. وأصبح الدولار يُستبدل حاليا بسبعة دنانير في السوق الموازية. وبعض من يحصلون على الدولار بالسعر الرسمي من أجل الاستيراد يتلقونه نقدا بطريقة غير مشروعة الأمر الذي يتسبب في شُح العملة الصعبة اللازمة لاستيراد السلع الأساسية. وبلغت معدلات التضخم نحو 30 في المئة، وأدى انهيار الثقة في النظام المصرفي، الذي تسيطر عليه جزئيا فصائل مسلحة، إلى أزمة سيولة حادة. وتقول الأمم المتحدة إن نحو 1.1 مليون شخص في ليبيا يحتاجون لمساعدات إنسانية.