قال تحقيق أجرته صحيفة البديل المصرية إنه بين غزو العراق عام 2003 وما تشهده البلاد منذ عدة شهور روابط كثيرة مشتركة، فالولايات المتحدة الأمريكية التي زعمت في شهر مارس عام 2003 بأن نظام الرئيس السابق “صدام حسين” يمتلك أسلحة دمار شامل من أجل غزو العراق واحتلالها، وبعد إتمام هدفها عاودت واشنطن الكرة مرة أخرى تحت ذريعة جديدة وهي مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، الظاهر يؤكد أن استراتيجية واشنطن ومصالحها تقتضي عدم القضاء على تنظيم داعش في البلاد.

تزامنا مع تنفيذ الجيش العراقي هجوم هو الأكبر على تنظيم داعش الإرهابي، متقدمًا في أكثر من جبهة بينها تكريت وصلاح الدين والأنبار، يبدو أن هذا التقدم لم يرضِ أمريكا، الأمر الذي دفعها لتكثيف جهودها من أجل إحباط العمليات العسكرية في هذه المدن ووقف تقدم القوات العراقية، حيث وصلت هذه المحاولات الأمريكية لحد استهداف القوات العراقية، خاصة بعد أن أكدت مصادر في قوات الأمن العراقية مقتل 22 من عناصرها على الأقل في غارات للتحالف الدولي ضد مواقع لها على مشارف مدينة الرمادي في محافظة الأنبار، فيما قالت مصادر أخرى إن أعداد القتلى بالعشرات.

سادت حالة من الغضب الشديد في الشارع العراقي جراء مقتل عشرات العناصر الأمنية على يد التحالف، حيث طالب عدد من نواب البرلمان العراقي الحكومة بفتح تحقيق لمعرفة أسباب تكرار “أخطاء” التحالف في قصف مواقع تابعة للقوات العراقية.

تكشف هذه الحادثة دور التحالف المشبوه في العراق، إذ تعيد فتح ملف الدور الأمريكي والتحالف في العراق وتعزز الشكوك حول سعي واشنطن إلى تقويض العملية العسكرية بما يخدم مشاريعها المرتبطة بداعش، مع اتهامات برزت على السطح في الفترة الأخيرة تؤكد قيام طائرات أمريكية بإلقاء مساعدات لعناصر داعش في بعض المواقع خاصة منطقة ديالى، لتستكمل واشنطن الدور السياسي عبر توجيه اتهامات للقوات العراقية المشتركة باللعب على الوتر الطائفي لاسيما مع بدء عملية تكريت.

مضى أكثر من 7 أشهر على إعلان تشكيل التحالف الدولي بقيادة واشنطن وتنفيذ ضربات جوية ضد مواقع تنظيم داعش في العراق وسوريا، الأمر الذي يحتم طرح سؤالا مهما ماذا حققت تلك الضربات؟

رغم كثرة الحديث عن مشاركة دول غربية وعربية في التحالف الدولي، خاصة ومن المعلوم أن واشنطن لم تبدأ عملياتها العسكرية، إلا بعد تهديد تنظيم داعش للمصالح الأمريكية في الشمال العراقي تحديداً مع اقتراب التنظيم الإرهابي من أربيل (عاصمة إقليم كردستان)، كما أنها بعد أشهر من امتناع واشنطن عن تقديم أية مساعدات للقوات العراقية ومماطلتها في تنفيذ الاتفاقية الأمنية الموقعة مع بغداد إبان الانسحاب الأمريكي من العراق.

الأكثر من ذلك هو أن تدخل واشنطن في العراق خلال الشهور الماضية جاء تحت عنوان حماية المصالح الأمريكية، لاسيما بعدما تجاوز تنظيم داعش الخطوط الحمراء، حيث بدأت الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد مواقع محددة وبدت قليلة الفعالية، خاصة وأنها لم تمنع تمدد التنظيم داخل العراق، فالمؤشرات تؤكد أن الإدارة الأمريكية غير مكترثة بالمجازر التي يرتكبها التنظيم وبقية الجماعات الإرهابية، وجُل ما فعلته إدارة باراك أوباما هو تنفيذ الغارات على بعض المواقع التي كانت تُشكل نقطة انطلاق التنظيم لمهاجمة مصالح واشنطن.

قال أشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي الجديد “علينا أن نكون يقظين بينما تستعيد القوات العراقية المناطق من داعش لأن هناك احتمال حدوث ممارسات طائفية ويجب أن لا يساهم التقدم العسكري ضد داعش بتأجيج الطائفية، مستكملًا بذلك حملة التشويه التي وضعتها أمريكا في الفترة الأخيرة لتعرقل الانتصارات العراقية، حيث وضع رئيس أركان الجيوش الأمريكية مارتن ديمبسي في وقت سابق هذه النجاحات التي حققتها القوات الأمنية العراقية في خانة مذهبية، محذرا من تفكك التحالف الدولي إذا لم تتم تسوية، مضيفًا أنه من الخطأ تكثيف الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد داعش، معتمدًا على ما أسماه الصبر الاستراتيجي في المواجهة مع التنظيم بالعراق وسوريا.

ربط المراقبون كل ما سبق بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وصناعة واشنطن لهذه الجماعات الإرهابية في هذه الفترة، حيث أكد دبلوماسيون أن أمريكا هي من زرعت الجماعات المتطرفة في هذه المنطقة خلال فترة الاحتلال الأمريكي للعراق وتحت رعايتها، كما أن هذا التنظيم تم إنشاؤه بعد الحرب الأمريكية على مرأى ومسمع من واشنطن، حيث قال السفير رخا أحمد حسن في تصريحات للبديل إن هذا التنظيم هو تحالف من عناصر متطرفة جاءت من جميع أنحاء العالم، وعندما بدأ التنظيم الإرهابي يكتسح العراق خلال 2014 الماضي، وظهرت التقارير الاستخبارتية التي تؤكد أن هدفهم العاصمة بغداد، عندها استشعرت أمريكا القلق، ومن هنا سعت واشنطن لتشكيل ما أسمته التحالف الدولي لمكافحة داعش، مضيفا أن التحالف بقيادة أمريكا وضع خطة طويلة الأجل للقضاء على داعش، مؤكدًا أنها لا تريد القضاء عليه بشكل سريع، وهو ما تجلى في انتقاد أمريكا لضربات الجيش العراقي المكثفة ضد التنظيم الإرهابي.