يعد السودانى عابدين خضرمحمود المعروف بـ (درمه ) من أشهر حفارى القبور بالسودان تطوعاً وإبتغاءً للأجر ،وهو شخصية  شعبية  صاحبة  نكتة وروح مرحة رغم أنه يقوم بستر الجثث صباحاً ومساء ،ينحدر (درمه ) من أسرة معروفة وكان والده شاعراَ وعمل بالإذاعة السودانية في أم درمان والتلفزيون السوداني درس (درمه) الهندسة المعمارية بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بالخرطوم ، ولكنه أراد لنفسه أن يعمل فقط فى مجال إعداد وتجهيز القبور للموتى (هندسة القبور) منذ العام 1981م وحتى الآن ، وهو الآن المسئول والمشرف على مقابر(أحمد شرفى ) بحي ودنوباوى بأم درمان - الحي الذي شهد ميلاده - ومقابر (البكرى) بحي العمده بمدينة أم درمان .

بدأ (درمه ) العمل في حفر القبور وستر الموتى في الثانية عشر من عمره وتميز بإرتداء جلباب أخضر اللون وأصبح مرتبطاً بفكرة الموت وخادماً لها ، ولقد إعتاد السودانيون على مشاهدته في تشيع جثامين المشاهير من أهل السياسة والفن والعلماء .

طرائف درمه:

حكى أنه قام بزيارة للفاتح الصباغ وهو من كبار المذيعين في تلفزيون السودان في المستشفى حينما كان طريحاً على الفراش الأبيض حيث قال له الصباغ :(ليس هذا وقتاً مناسبا لتأتي )فرد عليه درمه : (أفضل أن آتي إليك من أن تأتى إلي) فضحك الصباغ وقام من على الفراش .. ويؤكد عابدين درمه أنه لايتمنى الموت للناس ولكنه سوف يعمل اللازم بتجرد لمن يأتيه محمولاً على الأكتاف ، وفي سياق آخر ذكر أنه عندما كان في المقابر لمواراة جثمان الفنان  السوداني محمد وردي (فنان أفريقيا الأول) الثرى كان الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير بجانبه حيث سأله الرئيس من يصلى بالجثمان ؟ أجابه (درمه ) ياريس كل الموجودين فنانين إلا أنا وأنت فكان للرئيس البشير أن تقدم وصلى بالناس .

حاله غريبة:

ذكر عابدين  خضر (درمه) أنه وجد عروساً مضى على تاريخ وفاتها خمسة وعشرون عاماً وهي كما فى ليلة زفافها حتى نقش الحناء على معصميها كأنه قبل لحظات وبالسؤال عن ذويها عرف أنها توفيت إثر حادث حركة ،وأكد (درمه ) أن الصالحين من العباد لا تأكل الأرض أجسادهم أبداً.

الوصايا:

كثير من الشعراء والفنانين والمشاهير والنجوم يوصون (درمه ) بالمكان الذي يريدون أن يدفنوا فيه ، ومن أشهر الوصايا وصية الرئيس السوداني الراحل المشير جعفر محمد نميري ،فقد ذكر لعابدين خضر أن يدفن قرب أمه وأبيه وقد كان له ماأراد حيث دفن بجوارهما فى مقابر (أحمد شرفى ) بمدينة أم درمان السودانية .

خضر على الطريق:

يقول  المثل العربى الشائع (إبن الوز عوام) وعلى الطريقة السودانية (ولد الفأر حفار).. ويقول عابدين (درمه ): الناس يدربون أولادهم على الإنترنت والكمبيوتر والبلياردو ومستحدثات العصر ,وأنا أعلم ولدي ( خضر) ثقافة دفن الموتى وإحترامهم وكيفية غسل الجنازة وإعداد القبور ،وأرجو أن يحسن( خضر) إبنى دفني كما أحسنت أنا دفن أبي ( خضر).

من أقوال درمه :

تقدم العمر بدرمه ولم تلن له قناة أو تفتر له عزيمهة فهو  في كامل حيوته رغم أن الرأس قد إمتلأ شيباً .. وفي ذلك يقول (كلما أدفن ميتاً تنبت في رأسى شعرة بيضاء وهذه أجمل فعلة ، فكلما ذهب شخصاً لله شهد لي يوم القيامة والذين دفنتهم حتى الآن عدد البيض من شعر رأسي ) وهذا أجر عظيم .

الموت مسألة حتميه كثيراً ما يغفل عنها الناس بمشاغل الدنيا وشواغلها ، ولكن (درمه ) ظل في حالة دائمة من تذكر الموت ولهذا عاش بين الناس خادماَ للموتى  ساخراً من الدنيا ، يوزع النكتة والطرفة  بين الناس ويصنع الفرح متسامحاً مع الجميع ومستعدأ للسفر القدري ..فأصبح من المشاهير ولكن على طريقته الخاصة .