1)  الزواج في سعيدة·· “زيتنا في دقيقنا”!

بعد حوار “روتيني – كلاسيكي” بين الخاطب ووالد العروس، يبدأ الأخير (على سبيل الطرفة والتبسط) بطرح شروط بالغة الصعوبة: كأن يطلب أن يرافق mariage 03 tindoufإبنته يوم زفافه 60 أو 70 فارسا، وأن تهدى عشرين زربية، وأن تحمل إبنته على جمل (في منطقة ليس فيها جمال) داخل هودج من حرير··! وبعد ذلك تتم تسمية المهر والهدية (الحقيقين) ثم يطلب منه “الوقر والإحسان” و”يدي ما يردش” (عدم إرجاع الفتاة إلى بيت أهلها)، ثم يسأل الولي أو كبير الجماعة عن موعد الزفاف وعما إذا كان الأمر يتعلق بعقود و”رفود” أو عقود، و”رفود موخر” (أي مع تأخير الدخلة) وذلك حسب الإمكانيات· ومن طقوسها أن يلتقي الخاطب والولي في مكان معزول (كالجبل مثلا) وعندما يتم الاتفاق يبعث بفارس إلى مربض القبيلة، أو مركز الدوار للإعلان الرسمي والعلني عن ترسيم الزواج·

بعدها يؤتى بالعروس على متن العربة التي يجرها الحصان “الكاليش” (إذا كانت العروس من منزلة اجتماعية راقية)، أو فوق “المحمل” (أو الهودج) والمتمثل في “بغلة” (أكرمكم الله) بحلسها، وعليه فراش من النوع الفاخر فوقه سماط (مفرش)، ويمسك بعقال البغلة أحد”الوزراء”الذين عينهم العريس خصيصا لهذا الغرض·· وتستقبل العروس بأهازيج من الفكلور، وأثناء الدخلة يقوم أحد الوزراء بحراسة مخدع العروسين “الحجبة” وضمان عدم الإزعاج فيما يقوم آخر بالوقوف على مختلف احتياجات العريس·

2) تيزي وزو·· الملح لدرْ العين·· والنعناع لجلب الخصب!

أما في منطقة القبائل، وتحديدًا في ولاية “تيزي وزو”، فيتسم الزواج التقليدي بسمات تميزه، وتطبعه بطابع خاص·

فبعد الخطوبة، وقبل أيام من موعد العرس، تجتمع النساء يوميا بمنزل العريس لتحضير كمية كبيرة من الكسكسي· يتخلل هده العملية أجواء احتفالية بهيجة بإلقاء أشعار خاصة بالمناسبة وغناء ورقص· ونفس الأجواء تسود دار العروس التي تحاط بعناية خاصة وتقام طقوس عديدة (لا تقل عن سابقتها) من بينها إشعال الشموع، ورمي الملح عند مرور العروس·· وعشية ذهاب العروس إلى بيتها الجديد تقوم عائلتها بتحضير حمام لها، وتتكفل بهذه العملية إمرأة مسنة تدعى “القبلة” وهي العجوز التي تقوم بنفس المهمة لجميع بنات العائلة·· في صبيحة يوم القران يموج بيت الخطيبة بالمدعوين من الجيران والأقارب، وتتطوع النساء والفتيات بالقيام بكل خدمة تحتاج إليه الخطيبة وأهلها من غسل أو طهي أو خبز أو إحضار الماء أو ترتيب المكان للحفل وإعداد صواني الحلوى· وتتفرغ أخريات لتزيين العروس زينة خاصة· وعند الغروب يضاء منزل العروس ومكان الحفل، وأهم ما يميز ليلة الدخلة، أنه لابد أن تخطو العروس أول خطوة بقدمها اليمنى (وذلك كنوع من الفأل الحسن) ولكي تكون دائما من أهل اليمين، ويكون قدمها قدوم خير· وهناك من يعطي العروس وبخاصة حماتها في يدها اليمنى أي نوع من النبات “النعناع ” لأن في اعتقادهم أن النباتات رمز للخير، و في اليد اليسرى تسلمها إناء فيه القمح الذي يرمز للخصب والذرية الصالحة، وكذلك من العادات أيضا أثناء الزفة أن ترش العروس بالملح لدرء العين والوقاية من الأضرار، والحسد!

3) “تندوف”:·· إبنة العم أولى·· وإلاّ فلا!

بعد تحديد موعد الزواج، يبدأ أهل العرس في نصب الخيام لاستقبال المدعوين، وينصب أهل العريس ما يعرف بـ “خيمة الرق”، و هي القاعة التي تخصص للعريسين، إمّا خيمة جاهزة تنصب وتزين بالورود والزرابي المتنوعة أو تنصب قاعة بالأعمدة الحديدية في منطقة واسعة، ويزين سقفها بما يسمى “البنية” التي عادةً ما تكون حمراء أو زرقاء، وتحاط جدرانها بمختلف الأفرشة، ويعطى للقاعة ديكور مميز من ورود و أضواء، ويستغرق بناء القاعة يوم أو يومين قبل الموعد المحدد·

تختلف عدد أيام مراسم الزواج حسب كل قبيلة، فمنهم من تعتمد سبعة أيام، ومنهم من تعتمد على: ثلاث أيام وذلك حسب الوضعية الاجتماعية للعائلتين·· وعندما تفارق الزوجة بيت أهلها يتوجب عليها حمل ما يسمى “الفسخة” لأهل الزوج، وهي عبارة عن صندوق توضع فيه مجموعة من الملاحف والعطور والأحذية، إضافة إلى الأفرشة واللباس والتي يركبها والدي الزوج وإخوته وأخواته، (لكل واحد نصيبه من الفسخة) كما تضم “الفسخة” رأسًا من الغنم، بالإضافة إلى مستلزمات العروس من ألبسة وأفرشة وفرو·· و كلها توضع في “تزياتن” وهي بمثابة حقيبة كبيرة، تحمل على ظهر الجمل في ما يُسمى “الأمشقب” أي الهودج· و من أهم الأكلات التي تحضر أثناء حفل الزواج نجد” البلغمان”، وطبعًا “الكسكسي” الذي يوضع فوقه كمية كبيرة من اللحم· والشواء الذي يرتكز عادةً على لحم الجمل·· ويسمى اليوم الذي تغادر فيه الزوجة بيت أهلها متوجهة إلى بيت زوجها “التفعاد” وتقام في هذه الليلة وليمة عشاء تجتمع فيها العائلتين المتصاهرتين، على وقع الأغاني والرقص التقليدي·

4)  “تلمسان”: بين العراضات والمتسادنة والعبروق··!

تتضمن الخطوات الأولى للزواج مراسم وإجراءات عديدة·· وأول خطوة في مراسم عرس الزواج هي طبعًا الخطبة، حيث يذهب والدا الشاب إلى بيت الفتاة ويطلبونها رسميا· ولمّا يرحب والدا الفتاة بالفكرة، تبعث لهم من طرف أهل الخاطب، صواني الأكل التقليدية “الطيفور” معبأة بالحنة، والحلوى، والفول السوداني، وقالبين من السكر، والكل مغطى “بفوطة” و”منديل” مع شمعتين وكبش· هذه الحفلة تسمى “لملاك” (وهو ما يعني أن العروس أصبحت في ذمّة العريس وعائلته)·· هذا، وتتحدد مسبقًا الشروط المتفق عليها مثل الصداق المطلوب من طرف أبوي الفتاة، كما يتم التفاهم على الشروط الأساسية، والثانوية، و لتوثيق هذه الشروط على أسس متينة، ببرم “عقد الفاتحة” على يد مفتي الحي·· وبعد الاتفاق بين الطرفين، تصل مرحلة الإعداد للعرس، حيث عادة ما يتم الزواج بعد عقد الفاتحة· عند اقتراب اليوم الموعود بحوالي خمسة عشر (15) يوما من قبل، تذهب النسوة في زي تقليدي لتدعين العائلة لحضور العرس وتعرف فئة “العرّاضات” أو الداعيات إلى العرس بـ”المتسادنة”، وتبدأ المراسيم بتحضير الحلويات والكسكسي، والعنب الجاف، وتسمى ليلة ما قبل الزفاف “الوشي” حيث تذهب العروس إلى الحمام التقليدي، وتأخذ معها بنات العائلة الموجودة في دار العرس، وتسمى هذه العادة” التشليل·

يوم العرس يستقبل أهل العريس العروس في جو بهيج من الطبل و أهازيج الطبلات التي تبثها فرقة نسوية تسمى”الفقيرات” التي تبقى لتنشط العرس حتى طلوع الفجر· تجلس فوق الكرسي ويؤتى بسنية دائرية “سنية العكر” وبداخلها حذاء ذهبي تقليدي، قارورة عطر، مرآة، وعلبة من المساحيق ومغطاة بوشاح من الحرير(العبروق) والذي يستعمل لتغطية وجه العروس حتى وصول زوجها·· في صباح العرس، يجتمع جماعة من الموسيقيين “الطبالين” ويشرعون في مراسم” النوبة” المخصصة للرجال فقط، حيث يجلس العريس فوق كرسي موضوع وسط الموسيقيين الذين يؤدون على شرفه قطعا موسيقية أندلسية من نوع الحوزي، وكل الشباب المدعوين يجلسون بدورهم لدقائق قليلة، وتمسح وجوههم بالوشاح الذي استعمل لمسح وجه العريس ليلة زفافه· عندما تنتهي القطعة الموسيقية، يقوم الفرد منهم ويلقي مبلغ من المال أمام الموسيقيين كل حسب قدرته المالية· بما يُسمى في العاصمة، وبعض المناطق “الرشقة·

 5) “النعامة”·· العروس بين 13 و16 سنة!

فرحة أهل النعامة تتمثل في إقامـة عرس بهيج لأحد أبنائها، أو بناتها وما يصحب ذلك من عادات موروثة، وتقاليد راسخة، تمّسك بها البدو و سكان الأرياف، و أولوها عناية خاصة، بل وأحاطوها بها له من التقديس·· في العادة كان يجرى التحضير للعرس قبل أن يحين موعده المتفق عليه من قبل أسرة الزوج- كما هي عادة البوادي و الأرياف- ولذا كان لازمًا على الأسرتين التكفل بالإعداد لهذا اليوم والحدث الهام في تاريخ كلتا الأسرتين، والاقتراح تأتي من الوالدين بحكم أنهم ذوي خبرة ويدركون مصلحة الأولاد جيدا، حيث كانت القبائل قديما تعيش فيما يعرف بـ”دوار الخيام” بمعنى أن القبائل كانت تبعد عن بعضها البعض بمسافات معينة، فالوالد يعرف جيدا كل القبائل المجاورة له فيسمع عن سمعتهم، وأخلاقهم ومدى تمسكهم بالعادات، كما تقوم أم الخطيب باستضافة أم البنت للحديث عن بناتها، وتحاول اختيار ما يناسب ولدها من جمال وصغر وأخلاق، والسن الزواج آنذاك كان يحدد تقريبا من 13 إلى 16 سنة· بعد ذلك والد البنت يرجع إلى زوجته ويخبرها بالحوار الـذي دار على مستوى مجلـس الرجال، ويتفقا على رأي·

مباشرة بعدها يقوم أهل الخطيب بجمع كبار العائلة والأخوال والأعمام ويأخذون معهم ” كبش” ويقصدون أهل الفتاة بغية الخطبة الرسمية، فيقومون بنحر هذا الكبش إعلانا منهم على الخطبة الرسمية، وأن هذه الفتاة أصبحت رسميا خطيبة فلان ” إشهار الخطبة ” وتقام مأدبة عشاء، ويتعارف الأطراف، وتقرأ الجماعة فاتحة الكتاب، ويحدد موسم العـرس إما في الربيع أو الصيف وهذا راجع لأسباب عدة من بينها أن أصحاب البادية يستقـرون في منطقة واحدة في هاذين الموسمين·

ومن ناحية العروس، تشـرع والدة الفتاة بتجهيز ابنتها بإمكانيات بسيطة، وبما توفر من قطع قماش لخياطة اللباس التقليدي المتمثل في ما يعرف ” بالملحفة ” و”المقرون،” وأداة الزينة التي تقتصر على أدوات بسيطة جدا وهي “الكحل” الذي يُصنع من عدة مواد منها ما يعرف “بالنيلة ” ومادة “السر” ولا يشترى·· وكذا ” المسواك”، وتجمع والدة العروس هذه الألبسة و أدوات الزينة في صندوق من الحديد، ويوضع البخور والطيب فيما يعرف “بالضبية” كذا مادة العود “القرنفل ” والحناء·

ومن أهم عادات العرس التقليدي بولاية النعامة هي إخراج العروس من خيمتها لتسلم على والدة العريس، ووالده فوق رأسيهما وهذا ما يعرف بـ” المكب” و نفس الشيء بالنسبة للعريس·