أقر المبعوث الدولي الخاص إلى ليبيا برناردينو ليون بضرورة دعم المجتمع الدولي لقوات فجر ليبيا في محاربتها لـتنظيم الدولة الإسلامية، ودعا طرفي النزاع الليبي إلى تقديم تنازلات وصفها بالمؤلمة تحقيقا لمصلحة البلاد وتخليصها من أزمتها.وأشار المبعوث الدولي أثناء رده على سؤال في مقابلة صحافية إلى أن تنظيم الدولة يستغل الصراع الداخلي بين الليبيين ليتمدد ويتوسع ويحقق أهدافه. وقال ليون إن واجب الليبيين يقتضي توحيد الجهود في مواجهة التنظيم، وتخليص ليبيا من مأزقها والمحافظة على ثرواتها وقدراتها وبناها التحتية. وطالب المبعوث الدولي طرفي النزاع الليبي بتقديم تنازلات وصفها بالمؤلمة تحقيقا لمصلحة البلاد وتخليصها من أزمتها. جاء ذلك في وقت يبحث فيه المؤتمر الوطني العام الليبي الرد على مسودة الحوار المقدمة من الأمم المتحدة بعد إعلان فريق الحوار بالمؤتمر عن رفض ما جاء فيها ووصفها بالمخيبة للآمال. وأوضح ليون أن المسودة التي اقترحتها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية إلى طرفي النزاع تتضمن تشكيل حكومة وحدة تضم الطرفين بشكل متساوٍ. وأضاف أن الأمم المتحدة تقترح للخروج من هذه المعضلة إنشاء مجلس الدولة الذي سيكون من مهامه مراقبة شؤون الدولة العامة والتشريعية، والعودة إليه في القرارات المهمة والمصيرية، بحيث يشكل هذا المجلس من طرفي النزاع. ولفت إلى أن الدور المركزي الذي تقترحه الأمم المتحدة ستلعبه حكومة الوحدة التي تضم الطرفين بالتساوي. وقال ليون إن أي مقترح يقدم بشأن حل الأزمة لن يحظى على رضى الجميع بشكل تام، وطالب طرفي النزاع الليبي بتقديم تنازلات “صعبة” في سبيل تحقيق المصالح العليا للبلاد.

من جهة أخري بدأ اجتماع وزراء الخارجية لدول الاتحاد المغاربي في الرباط، بحضور وزراء خارجية الدول المغاربية أو من يمثلهم. وفي الجلسة الافتتاحية، حضر الملف الليبي بقوة في الكلمات الرسمية للدول المغاربية، مع الدعوة للحوار كمخرج للأزمة الليبية الحالية، وجددت الرباط والجزائر ثقتها ودعمها لبيرناردينو ليون وسيط الأمم المتحدة للأزمة في ليبيا. وفي كلمة باسم ليبيا، أعلن محمد الهادي الدايري وزير الخارجية الليبي، (حكومة مجلس النواب المعترف به دوليا)، أن الاجتماع يأتي في سياق متغيرات كبيرة ألقت بظلالها على المنطقة المغاربية، محذرا من الإرهاب الذي استشرى وتوغل مغاربيا، والذي بات يمثل العامل الأساسي وراء تفاقم الأوضاع في بالمنطقة المغاربية. ووصف رئيس دبلوماسية ليبيا، داعش بأنها "خطر حقيقي" يهدد الأمن الليبي، موضحا أن "الجماعات الإرهابية تتسبب في مآسي؛ من قتل وتشريد، وحرق الأماكن، دون مراعاة أدنى الحقوق الإنسانية". كما ألقى وزير خارجية ليبيا باللوم على سكوت المجتمع الدولي حيال تعاظم قوة الجماعات الإرهابية.

ومن جهته، دعا عبد القادر مساهل، الوزير المنتدب في الخارجية الجزائرية، مكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، إلى بناء دولة ليبية عصرية، والحفاظ على الوحدة الترابية الليبية، معلنا أن الجزائر تعد الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بليبيا. ودعا رئيس دبلوماسية الجزائر، إلى وضع استراتيجية أمنية لمواجهة الإرهاب والاتجار في المخدرات والهجرة غير الشرعية، داعيا أيضا إلى حماية الجاليات المغاربية في أوروبا، لتجنب تحول المهاجرين المغاربيين لضحية للإسلاموفوبيا في أوروبا. وفي كلمة رسمية، حذر الوزير المنتدب في الخارجية الجزائرية، من "تهديد المجموعات الإرهابية في الساحل لأمن واستقرار دول المنطقة المغاربية".

مساعي المصالحة المتعثرة و التدخل الخارجي

في اطار المساعي الحثيثة لحل الازمة الليبية, اجتمعت الرؤي "السياسية" و"العسكرية"، داخليا وخارجيا على ضرورة استكمال الحوار الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، والتصدي للإرهاب على جميع جبهات القتال بموازة جهود تحقيق المصالحة حقنا للدماء والحفاظ على وحدة ليبيا، فيما ارتفعت أصوات أميركية مُطالبة بمساعدة ليبيا على قطع الطريق أمام "الرحلات الإنتحارية" في البحر المتوسط.و في هذا الاطار شهدت مدينة الشحات ظهر أمس اجتماعا ضم رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح قويدروالقائد العام للجيش الليبي، الفريق أول ركن، خليفة حفتر، ورئيس الأركان العامة اللواء عبدالرازق الناظوري، ورؤساء الأركان البرية والجوية والبحرية، وأمراء المناطق العسكرية ببنغازي والجبل الأخضر وطبرق لبحث ترتيبات المسار الأمني في الحوار السياسي.

وقال مسؤولون عسكريون، وفقًا لـ"الشرق الأوسط": "إنَّ الاجتماع النادر" الذي عقده رئيس البرلمان المعترف به دوليًّا والفريق أول ركن حفتر مع قادة الجيش انصب على مناقشة المشاكل التي ما زالت تعطل قيام الجيش بإعلان تحرير مدينة بنغازي بشرق البلاد من قبضة المتطرفين، والاتجاه لتحرير العاصمة (طرابلس) التي تهيمن عليها "فجر ليبيا".هذا و كان مجلس النواب أعلى سلطة تشريعية وسياسية في ليبيا قد قرَّر الأسبوع الماضي استدعاء حفتر لمساءلته في ما اعتبره بعض أعضائه بمثابة بطء في تنفيذ المهام الموكلة للجيش، علمًا بأنَّ قيادات الجيش ألقت باللائمة على الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني في عدم إتاحة السلاح والتمويل الكافيين لعمليات الجيش، وهو ما نفته الحكومة مطلقًا.

بموازة ذلك كانت هناك دعوات أهلية، بضرورة "تأسيس مجلس شيوخ ليبيا لتوحيد كافة أجسام المصالحة حفاظًا على وحدة النسيج الاجتماعي الليبي"، وأكد الناطق باسم مجلس حكماء ليبيا عضو اللجنة التحضرية لمجلس شيوخ ليبيا، أيوب الشرع، أمس السبت، على صدور بيان من شيوخ المنطقة الوسطى يدعو لتأسيس مجلس شيوخ ليبيا. وقال الشرع: "نثمن كافة الجهود المبذولة لحقن الدماء وتحقيق المصالحة، والحفاظ على الوحدة الوطنية للبلاد، وتأكيدًا منا لوحدة الصف وجمع الكلمة بين كافة مشائخ وأعيان وحكماء القبائل الليبية».وتابع الشرع أن «العمل جار على قدم وساق لعقد المؤتمر الأول لمجلس الشيوخ، بعد الاتفاق على المدينة التي ستستضيف هذا الاجتماع".وكشف الشرع عن "إجراء اتصالات مُكثفة بين كافة الشيوخ على مستوى ليبيا، حتى يكون النسيج الاجتماعي متوازيًا مع جهود الحوار السياسي، وترحيب كافة القبائل بهذه الخطوة".

أكدت الكاتبة آن أبلباوم في مقال نشر على موقع جريدة "واشنطن بوست" الأميركية على أن "حالة الدولة الفاشلة في ليبيا" هي المصدر الأساسي لأزمة الهجرة غير الشرعية كخطوة أولى للتفكير في حل عملي وفعّال للقضاء على تلك الأزمة.وانتقدت الكاتبة الأميركية جهود المجتمع الدولي، خصوصًا الدول الأوروبية في تعاملها مع الأزمة الليبية عقب إطاحة معمر القذافي منذ أربع سنوات، مشيرةً إلى أن جهود تدريب قوات ليبية التي وعد بها قادة تلك الدول جاءت مجزأة، ولم تنتج سياسة أوروبية متسقة داخل ليبيا.وترى الكاتبة أن "الوقت قد تأخر" لإحداث فرق في ليبيا أو مساعدتها في إعادة الإعمار عقب الثورة، موضحة أن "الدولة مقسمة بسبب الحرب الأهلية، واختفت من أجندة أولويات الاتحاد الأوروبي"

من جانبه قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أنَّ الغرب يعول على معجزة لحل الأزمة في ليبيا. لافتًا إلى أن توقيع اتفاق سياسي للتسوية لن يضمن وقف الحرب في هذا البلد.وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أنه يؤيد الرأي القائل إن الجهود المبذولة لإخراج ليبيا من الفوضى الناجمة عن تدخل قوات الناتو غير مثمرة حتى الآن.وخلص الدبلوماسي الروسي إلى القول إن المجموعات المتقاتلة ليس لديها حافز لوقف الحرب، لافتًا إلى وجود وضع مقلق في ليبيا نتيجة غياب سلطة القانون منذ أربع سنوات.