تعتبر تونس من الدول التي تعطي لمطبخها قيمة خاصة، وهذا يلاحظه الزائر من أول دخوله البلاد، سواء بالانتشار الكبير للمطاعم، أو من الروائح التي تخرج من أغلب البيوت. وعلى الرغم من أن للأكلات التونسية ميزة على كامل السنة، لكن في شهر رمضان تكثر الشهوات ويكثر معها ما يسميه التونسيون "التصنيف"، بمعنى التكثيف من الأطباق والعناية بها لتخرج بمذاق لذيذ وهذا تقريبا موجود في مختلف مدن البلاد من شمالها إلى جنوبها.
ولكي لا تكون تونس استثناء، فإن ثقافة الأكل منتشرة في أكثر من بلد مغاربي، وحتى الأكلات تقريبا متشابهة خاصة التي يتم إعدادها في رمضان وكل عائلة تستعدّ قبل فترة من دخول الشهر لكي توفر لنفسها كل إمكانيات الطبخ وتزيين الطاولات بما يلذ ويطيب سواء من الأكلات الرئيسية أو من الحلويات والمشروبات التي تقّدّم إما مع الإفطار أو في السهرة عند اجتماع العائلة.
ووكل الدول المغاربية تعتبر الشوربة وجبة رئيسية وأولى على طاولة التونسيين، حيث تحرص العائلات على أن تحضرها مع موعد الإفطار ويتم تناولها مباشرة بعد التمر والحليب أو اللبن، وتختلف المذاقات فيها حسب أنواعها بين من يريدها شوربة شعير أو شوربة قمح والغالب أن تكون الأولى في كل المطابخ بالنظر إلى قيمتها الغذائية خاصة لمن يتخوفون من بعض الأمراض أو من يريدون تحضيرها مع السمك بفضل المذاق الذي تخرج فيه.
وتشتهر تونس أيضا بأكلة "البريك"، التي كان اليهود التونسيون بارعون فيها في مدن جربة وحلق الوادي وبعض المدن الساحلية الأخرى. يتم تجهيزه بخلطة الخضروات والبيض مع بعض التونة ثم يقلى في الزيت لبعض الدقائق، وتحرص جل العائلات على أن يكون حاضرا في كل طبق.
أما إذا غاب البريك ففي الغالب أن يتواجد على طاولة الإفطار ما يعرف بـ"الطاجين" الذي يتم إعداده بخليط مشابه للبريك مع إضافة لحم الدجاج وقطع الجبن، مع الإضافات التي يختارها كل شخص ويتم وضعه لبعض الوقت داخل الأفران المخصصة أو فوق نار هادئة إلى أن تخرج رائحته كدليل على جهوزيته.
كما لا يغيب الكسكسي في منتصف رمضان أو عند اجتماع العائلات ليلا، بعضها يفضله باللحوم وعائلات أخرى تفضله بأجود أنواع الأسماك التي تكون متوفرة في الأسواق المركزية، وعادة النسوة والفتيات هن اللواتي يتكفلن في شراء مكوناته بهدف ضمان النجاح في تحضيره ونيل رضا العائلة أو الضيوف. والكسكسي من الأكلات المشهورة مغاربيا مع الاختلاف فقط في طرق تحضيره من بلد إلى آخر.
كما لا تغيب الحلويات والمشروبات عن الأطباق التونسية في رمضان في عادة الأقرب أن تكون موروثة عن العثمانيين، باعتبار أن بعض الأنواع توجد إلى اليوم في تركيا. ومن النادر أن يدخل مواطن تونسي للأسواق ولا تعترضه أنواع مختلفة من الحلويات مثل المقروض أو "الغريْبة" أو البقلاوة وغيرها مما تشتهيه الأنفس والأعين.