يواجه آلاف الأشخاص الذين يعانون من المهق حياة صعبة في جميع أنحاء أفريقيا، وخصوصا في تنزانيا حيث يتعرضون للاضطهاد والتعذيب والقتل والخطف بسبب معتقدات خرافية بأن أعضاء هؤلاء الأشخاص لها قوة سحرية وطبية عندما يستخدمها الأطباء السحرة، حيث يعتقد أنها قد تجلب الثروة، وتعالج الأمراض القاتلة كمرض نقص المناعة المكتسبة "إيدز".

ووفقا لأحدث تقارير الأمم المتحدة فقد تعرض أكثر من 72 طفلا أفريقياً أمهق للقتل في تنزانيا، خلال عام 2000. وتم فقط محاكمة 5 متهمين بالجريمة.ويغادر يوميا المهق في تنزانيا قراهم خوفاً من الاضطهاد وينتقلون للعيش في المناطق الحضرية التي يعتقدون أنها أكثر أمناً، ويقول رئيس جمعية المهق في تنزانيا "ألبينو تنزانيا"، إرنست كيمايا، إن "أعداداً متزايدة من المصابين ينتقلون إلى المدن الكبيرة هرباً من قراهم". وسجلت الجمعية 7124 مصاباً في تنزانيا، من بينهم 3580 من الإناث، ولكن يعتقد أن الأرقام الفعلية أعلى من ذلك.

ويعرف المهق أو"الألبينية" بأنه حالة وراثية ناتجة عن غياب صبغة في الأعين والجلد والشعر. ويمنع المورث المسبب للمهق جسم الفرد من صنع الكميات الطبيعية من صبغة تدعى ميلانين التي تساعد على حماية الجلد من الأشعة فوق البنفسجية. وعادة ما تتسبب الألبينية في مشاكل عدة متعلقة بالحساسية الضوئية في البصر والجلد.وتشير البيانات الأخيرة أن تنزانيا تضم قرابة 170 ألف شخص من الألبينو وهي نسبة كبيرة نسبيا، وترجع إلى التمييز الذي يتعرض له هؤلاء الأشخاص مما يدفعهم من الزواج من بعضهم البعض والتعرض لخطر إنجاب أطفال مهق.

تسود معتقدات كثيرة عبر التاريخ في أفريقيا، أبرزها أن المهق يتمتعون بقدرات سحرية. وبحسب هذه  الخرافات والمعتقدات البدائية يأتي الإقبال على أعضاء هؤلاء الاطفال لاستخدامها  كخلطات سحرية لجلب الحظ والمال وعلاج الأمراض المستعصية وتقوية القدرات  الجنسية. والأغرب من ذلك يقوم بعض عمال المناجم غير القانونيين بشراء أعضاء الأطفال المهق من العصابات بآلاف الدولارات لمساعدتهم في تنقيبهم عن الذهب والأحجار الكريمة، فيما يعتقد الصيادين أن ربط أطراف جسم الأطفال المهق في شباكهم فإنهم يحصلون على صيد وفير.كما تتعرض الفتيات للاغتصاب نظراً للاعتقاد بأن ممارسة الجنس مع الفتيات العذراوات يطهر جسم المصاب من الايدز.بالإضافة إلى هذا الاضطهاد الذي  يتعرض إليه المهق في تنزيانيا تطاردهم النظرة السلبية حيث يُنسب إليهم أسباب فقر وبؤس أهلهم وقبائلهم يتشاءمون منهم، ويؤكد السحرة الذين يقومون بدور الأطباء في أفريقيا أن "المهق لعنة، وبأن المصاب به شيطان وليس بشرا".

تنشط عصابات ومافيات منظمة بين تانزانيا والبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتقوم بتوظيف قتلة مأجورين يقومون باختطاف وقتل الأطفال المهق وتقطيع أطرافهم وسلخ جلودهم لبيعها في السوق السوداء المحلية نظير عشرات الآلاف من الدولارات.
ووفقا لتقديرات الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر فإن أسعار جثث الذين يعانون من هذا المرض تصل أحيانا إلى 75 ألف دولار أي ما يعادل، وهو رقم مغرٍ يشجع الكثيرين على ارتكاب جريمة قتلهم لدرجة أن بعض الآباء يقدمون على قتل أبنائهم المصابين بهذا المرض طمعا في الحصول على مبالغ طائلة من وراء بيع جثثهم لمن يعتقدون في مثل هذه الخرافات.تقول إحدى الألبينو الأفريقيات إنها لا تشعر بالأمان إلا في عملها أو مع زوجها وأطفالها، ففي أي مكان آخر يبدأ الناس بالتحديق بها ويتحدثون عنها قائلين إن ساقيها ويديها قادرتان على استخراج كنوز تنزانيا ومثل هذه الكلمات تصيبها بالرعب.تحاول الدولة التانزانية دعم منظمات غير حكومية لتوعية الناس كما تقوم السلطات بتوقيف ومعاقبة المجرمين الذين يتم القبض عليهم وبحوزتهم جزء من أجسام أحد الأطفال. ولكن المشكلة تبدو أكبر من ذلك. فقد تحولت هذه الظاهرة إلى جريمة منظمة باتت تشكل خطراً قومياً حقيقياً، مما استدعى تدخلاً حكومياً جدياً.

 

عن "الامارات اليوم"