يضغط المجتمع الدولي بقوة على البرلمان الليبي للإسراع بسن القاعدة الدستورية والإطار القانوني للانتخابات المقرر تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وقد تحول الأول من يوليو القادم الى كلمة السر التي يجمع الفاعلون في داخل وخارج ليبيا على أنها مفتاح الحل السياسي والمؤشر على الوصول الى تطبيق خارطة الطريق المتعلقة بالانتخابات القادمة.

والجمعة الماضي، دعا القرار الصادر بالإجماع عن مجلس الأمن، السلطات والمؤسسات الليبية ذات الصلة، بما في ذلك البرلمان، إلى اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في خارطة الطريق، لتيسير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر المقبل ، ومن ذلك وضع الأساس الدستوري للانتخابات، وسن التشريعات عند الضرورة بحلول 1 يوليو القادم، لإتاحة الوقت الكافي لمفوضية الانتخابات للتحضير للانتخاب في الوقت المحدد.

وسيكون على ملتقى الحوار السياسي الاجتماع في أٍقرب وقت للحسم في آلية الانتخابات المطروحة عليه من قبل اللجنة القانونية المنبثقة عنها والمجتمعة في تونس أوائل أبريل الجاري ليتم إقرارها نهائيا قبل يوليو القادم ، كما على مجلس النواب ومجلس الدولة الاستشاري التوافق على القاعدة الدستورية.

وقال السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، أنه إذا لم يتمكن مجلس النواب من الاتفاق حول قاعدة دستورية قابلة للتطبيق فإنّه يتعيّن على منتدى الحوار السياسي الليبي الاضطلاع بدوره وفقًا لخارطة الطريق حتى يُمكن إجراء الانتخابات وفقًا للموعد المحدد للانتخابات في 24 ديسمبر، مشيرا إلى الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق حول قاعدة دستورية قابلة للتطبيق والقوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية اللازمة بحلول 1 يوليو 2021، حتى تتمكّن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الاستعداد بشكل مناسب لاستحقاقات ديسمبر 2021.

ووفق رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السائح، فإن تنظيم الانتخابات في الـ24 من ديسمبر القادم يحتاج إلى قوانين من السلطة التشريعية للبدء في عملية التنفيذ، كما أن المفوضية تحتاج إلى 4 أشهر للتحضير لأي عملية انتخابية، و3 أشهر لتنفيذ قانون الانتخابات العامة. وأكد المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا يان كوبيتش على ضرورة وجود قاعدة دستورية واضحة وإطار قانوني للانتخابات بحلول الأول من شهر يوليو للتحضير لانتخابات في ديسمبر ، وهو ما تم إبلاغه رسميا لملتقى الحوار السياسي ،مشيرا الى إن عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد نهاية العام الجاري، سيمثل "خيبة أمل للشعب الليبي".

 وتتبنى البعثة الأممية العمل على إرساء القاعدة القانونية لملتقى الحوار لاعتمادها في حالة تعذر مجلسي النواب والدولة عن إصدار مقترحاتهم للقاعدة الدستورية قبل موعد الانتخابات المحدد.

 وفيما يشدد المجتمع الدولي على ضرورة أن يتم اعتماد الآليات القانونية والدستورية بحلول الأول من يوليو لفسح المجال أمام مفوضية الانتخابات للانطلاق في عملها من أجل تنظيم الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر ، لا تزال هناك محاولات لعرقلة هذا المسعى سواء بالدعوة الى الاستفتاء على الدستور المثير للجدل قبيل الانتخابات أو بالإكتفاء بانتخابات برلمانية على أن يتم انتخاب رئيس للبلاد من داخل البرلمان

لكن السائح ، أكد أن إقرار الاستفتاء على الدستور سيدفع نحو تأجيل الانتخابات ، وهو ما يجمع عليه جميع المراقبين ، كما أن فكرة انتخاب الرئيس من داخل البرلمان تلقى معارضة واسعة في الأوساط السياسية وداخل المجتمع الليبي

ووفق أغلب المؤشرات، فإنه لا مجال للتراجع عن موعد الانتخابات المعتمد من قبل مجلس الأمن ، كما أن لا مناص من إعلان الأول من يوليو منطلقا فعليا للعمل على بدء الإستعداد لموعد الرابع والعشرين من ديسمبر ، وإقرار مواعيد التسجيل وفتح باب الترشحات لخوض المنافسة على قيادة المرحلة القادمة. ودعا بيان صادر عن الرئاسة المشتركة للجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا مجلس النواب إلى الانتهاء من ذلك في موعد أقصاه 1 يوليو المقبل.

وجاء البيان بعد إجتماع كبار المسؤولين للجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا ، المنعقد أول أمس الأربعاء ، بمشاركة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ووزير الخارجية الألماني هيكو ماس، والذي رحب المشاركون فيه باعتماد قراري مجلس الأمن 2570 لسنة 2021 و 2571 لسنة 2021 اللذين يعكسان أولوياتهم وأهدافهم المشتركة ويحثون السلطات والمؤسسات الليبية على تنفيذهما بالكامل ، و باجتماع اللجنة القانونية المنبثقة عن الملتقى في تونس العاصمة في الفترة من 7 إلى 9 أبريل الجاري، والنتائج التي خلص إليها هذا الاجتماع،

وجدد الإجتماع دعوته مجلس النواب إلى توضيح وسنّ القاعدة الدستورية والإطار القانوني اللازم للانتخابات وذلك في موعد أقصاه 1يوليو ، والى الإسراع في اعتماد الميزانية الموحدة ، كما  حثّ حكومة الوحدة الوطنية على استعادة تقديم الخدمات الأساسية للسكان في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك الكهرباء؛ وعلى ضمان استمرار تشغيل قطاع النفط والتوزيع الشفاف والعادل للموارد،  وعلى اتخاذ خطوات جادة نحو نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها وكذلك جميع الأطراف المسلحة غير الحكومية ذات الصلة، و حماية حقوق الإنسان لجميع الليبيين وكذلك اللاجئين والمهاجرين؛ وعلى تعزيز المصالحة الوطنية.

كما أعرب البيان عن القلق بشأن تأثير النزاع على دول الجوار، بما في ذلك ما يتعلق بالتهديدات الناشئة عن النقل غير المشروع للأسلحة وتكديسها المزعزع للاستقرار وسوء استخدامها وتدفق المجموعات المسلحة والمرتزقة ، مشددا على ضرورة التعجيل بالتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار ما يزال أمراً بالغ الأهمية، وسحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا بأكملها دون تأخير، والامتثال التام لحظر التسليح الذي تفرضه الأمم المتحدة

وسيكون على مجلس النواب تحقيق توافقات نهائية حول القاعدة الدستورية والقانون الانتخابي ، وفي حال فشله ، ستدفع البعثة الأممية بالملف الى لجنة الحوار السياسي لتقوم بالمهمة بدلا عنه ، وهو ما يعني تهميش دور البرلمان خلال الفترة القادمة

ويعتبر محللون في تصريحات ل« البيان » أن الموقف الدولي والإقليمي بات واضحا ويصب في إتجاه تنفيذ خارطة الطريق بالكامل ودون منح أية فرصة لمن يحاول خرقها بنية الإجبار على تأجيل الانتخابات ، وأن قرارات مجلس الأمن ، والبيان المشترك بين الامم المتحدة والجامعة العربية والاتحادين الأفريقي والأوروبي ولجنة المتابعة الدولية ، تصب جميعا في إتجاه واحد وهو قطع الطريق أمام أية عراقيل في وجه الاستحقاق الانتخابي

ويضيف المحللون أن القرارات الدولية أضبحت تضغط بقوة على الفاعلين المحللين ، وتعتبر أية محاولة منهم لعرقلة خارطة الطريق موجبة للعقوبات ، وهو ما يعني ضرورة تنفيذ كافة البنود الواردة فيها دون تأجيل ،

وفي الأثناء ، جدّدت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان بليبيا تأكيدها على أهمية الالتزام باحترام إرادة الشعب الليبي وحقه الدستوري والقانوني والوطني في الوصول إلى الانتخابات العامة وإجراءها فى أجواء آمنة وفي موعدها المحدد ،وذلك وفقاً لما نصت عليه خارطة الطريق المنصوص عليها في مخرجات ملتقي الحوار السياسي الليبي ، وكذلك ما نص عليه قرار مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا رقم 2570  ، وأكدت على أن  إجراء الانتخابات العامة تعد ركنا أساسيا وجوهريا لقيام نظام سياسي للدولة الذي يستمد شرعيته وقوته من الإرادة الشعبية، التي يجري التعبير عنها عبر الانتخابات لضمان العدالة والمساواة بين أفراد الشعب وحقهم في تقرير مصيرهم وضمان المشاركة السياسية .

ودعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا ، لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا ، الى العمل على متابعة ورصد تحركات عديد الأطراف والكيانات والأحزاب السياسية التي تسعي إلى إعاقة المسار السياسي والتحول الديمقراطي، وعرقلته واجهاض المساعي والجهود الرامية إلى إجراء الانتخابات المقرر لها في ديسمبر المقبل ، وذلك من منطلق اختصاصات ومهام عمل لجنة العقوبات الدولية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن ليبيا