منذ الإعلان الأول عن الحجر الصحي ، شهدت السوق التونسية استنزافا مبهما لمادتي السميد و الفرينة حتى بات الناس في مناطق من البلاد يعترضون شاحنات نقل هذه المواد و ينهبونها، خصوصا في المناطق الريفية و الحدودية.أزمة تزامنت مع بداية تفشي مرض الكورونا..فيروس الإحتكار فاق فيروس كوفيد 19 في الإنتشار.



قام بعض الصحفيين بأبحاث استقصائية عدة حول هاته الافة، قبل الأزمة الوبائية، التي تطارد الإقتصاد و السوق التونسية منذ زمن، هو وباء مستفحل لا لقاح له، إكتشف الصحفيين أن "للاحتكار شبكات منظّمة تتكوّن من منتجين ووسطاء ومخزّنين ومروّجين يتمّ الاتفاق بينهم لاعتماد هذا الأسلوب لتحقيق أوفر الأرباح. وهي شبكات قطاعية في الغالب لذلك تختلف الشبكات والأطراف المتدخّلة باختلاف المنتوجات . فالمنتوجات الفلاحية لها مسالك معيّنة والصناعية لها مسالك أخرى..و أخرى"
و منذ بداية الأزمة، كانت أولويات إجتماع مجلس الأمن القومي التونسي باشراف رئيس الجمهورية التونسية ،هي مجابهة الإحتكار بقدر مواجهة وباء كوفيد 19.
حيث أعلن الرئيس التونسي، قيس سعيد في مستهل أولى الإجتماعات استنكاره الشديد للإحتكار و المحتكرين ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في القانون الجزائي واعتبار من يحتكر المواد الغذائية "مجرم حرب" كما اكد قيس سعيّد أن هناك "من يتخفى وراء صفته لارتكاب هذه الجرائم" ما يستدعي معاقبته ".
 و أكدت تقارير للهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد انها اكتشفت ملفات تلاعب واحتكار ومخالفات كبرى تزامنا مع تفشي فيروس كورونا بتونس، وهو ماجعلها تتحرك في اطار معاضدة المجهودات الوطنية للحد من الاحتكار باستغلال قوت المواطنين مما خلف اضطرابا واختلالا في التوزانات ، وجعل الشعب التونسي بين أزمتين، وباء الفيروس التاجي و الجوع نتيجة الإحتكار.
طال الإحتكار مواد أساسية حياتية كالسميد و الفارينة و الزيت المدعم و السكر، و عبرالعديد من الأهالي في مناطق من البلاد التونسية عن غياب شبه كلي، للمواد الأساسية و حذروا من أزمة جوع على مشارف أزمة الكورونا .حيث يدفع سكان الريف التونسي فاتورة المضاربة واحتكار المواد الغذائية ، ما يضطر سكانه إلى قطع مسافات كيلومترات للتزود بالضروريات الغذائية،و لا يجدونها، وسط التشديد على الحجر الصحي و منع النقل الجماعي بين الأرياف والمناطق الحضرية خوفا من تفشي فيروس كورونا .
وأطلق سكان الأرياف و المناطق الحدودية مرار و تكرارا، نداءات استغاثة، مطالبين بتوجيه المؤن مباشرة نحو المناطق البعيدة، لتجنيبهم خطر التنقل ومقاومة جيوب الاحتكار التي تستغل حاجتهم للغذاء برفع الأسعار و الإحتكار.
و قد جندت الدولة التونسية كل سلطاتها المعنية للتصدي لهذه الضاهرة و فرضت عقوبات صارمة على الحتكرين و صلت إلى حد غلق المحلات و تسجيل مخالفات مالية باهضة و السجن في حالات أخرى، حملات أفرزت عن نسب "مفزعة" لتفشي ضاهرة الإحتكار خصوصا مع الأزمة الوبائية و الإقتصادية التي تمر بها البلاد، و قد تم حجز أطنان و كشف أوكار عديدة للمحتكرين، صورة تهز الشارع التونسي و تعمق ثقل الأزمة الوبائية في البلاد رغم محاولات الدولة الحثيثة و الناجعة إلى حد ما لمجابهة فيروس كورونا و تداعيات الحجر الصحي العام.
و تلقت الهيئة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد خلال الخمسة عشر اليوم الأولى للحجر الصحي العام ما يفوق 329 بلاغا في كافة الولايات حولة الإحتكار و التلاعب بالأسعار، إضافة إلى تورط بعض المسؤولين في ذلك حسب الهيئة.
طال الإحتكار أيضا وسائل الوقاية و الحماية من فيروس كورونا، فبعد أيام قليلة من الإعلان عن أول إصابة بالفيروس التاجي في تونس ، بات الجال المطهر" عملة نادرة " في الصيدليات و المحلات التجارية الصغرى و الكبرى و تضاعفت اسعار الكمامات الطبية التي عادة ما يستعملها المواطنين من غير المصابين لحماية انفسهم من العدوى، باربع مرات من 150 مليم للقطعة الواحدة الى 600 مليم وكذلك الشان بالنسبة للاقنعة الطبية المخصصة للمصابين بالفيروس التي زادت بثلاث مرات من دينارين الى 6 دنانير، حسب النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة، هذا قبل انقطاعها كليا من السوق.لتتطوع مؤسسات خاصة و أفراد لتصنيع الكمامات.و طفت بالأمس من جديد هذه الأزمة و هزت الرأي العام التونسي بعد الإعلان عن تورط مسؤول بارز في الدولة سرّب مواصفات كراس شروط صناعة الكمامات لأصدقائه لإحتكار القماش. حيث أكدت ريم البجاوي المستشارة القانونية بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تصريح إعلامي، أمس الأحد ، أن مسؤلاً رفيعاً بالدولة قام بتوجيه كراس الشروط لصالح حرفيين معينين لصناعة الكمامات التي طلبتها الدولة التونسية وعددها 30 مليونا ، وقد قام رجال الأعمال المعنيين بإحتكار هذا النوع من القماش.واضافت البجاوي أن مسؤول الدولة  سرب ما يصطلح عليه قانونياً بالمعلومة الممتازة وهو ما سيجعله عرضة للتتبعات العدلية و العقوبة السجنية.ضاهرة الإحتكار في تونس تطال كل القطاعات و كل المواد و "لو كان وباء كورونا للبيع و الربح لاحتكروه و باعوه" هكذا قالت عاملة فلاحية تعاني الفقر و الخصاصة و تفتقد إلى كل المواد الأساسية في منزلها ،و تعمل رغم الحجر الصحي العام لتوفير الأمن الغذائي للمحتكرين "مجرمي الحرب" و للشعب التونسي في حين لا يتوفر عندها و لو "كيلو سميد" على حد تعبيرها.