تشكل الجماعات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء المصرية هاجسا أمنيا كبيرا، خاصة بعد أن تنامى تهديدها عقب ثورة 25 يناير وخلال فترة حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، ممّا دفع بالسلطات المصرية الحالية إلى إعلان الحرب على هذه الجماعات وقد نجحت إلى حدّ كبير في تطويق خطرها والقضاء على أبرز قادتها.

حققت السلطات المصرية خطوات كبرى في حربها على الإرهاب، خاصة في شبه جزيرة سيناء التي تعدّ معقلا رئيسيا للجماعات التكفيرية، إلا أن هناك خلايا مازالت ناشطة في هذه البقعة المصرية وفق المراقبين.

ويستدل هؤلاء بالهجوم الأخير الذي أقدمت عليه عناصر إرهابية من خلال تفجير عبوة ناسفة أسفرت عن سقوط 11 عنصرا من قوات الأمن.

وقد سبق هذه العملية إعلان جماعة أنصار بيت المقدس، وهي إحدى أبرز الجماعات الإرهابية في مصر، مؤخرا في فيديو نشر في مواقع التواصل الاجتماعي عن خطف عدد من المواطنين في سيناء، وقتلهم وقطع رؤوسهم مستلهمة ذلك من نهج تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف، بزعم تعاونهم مع الأجهزة الأمنية.

مصادر أمنية قالت  في تصريحات نقلتها صحيفة ”العرب”: إن التنظيمات الإرهابية في سيناء، دخلت مرحلة النزع الأخير، وتحاول أن تلتقط أنفاسها، وسط تضييق الخناق على عناصرها، وتسديد قوات الجيش والشرطة ضربات قاصمة ودقيقة لقياداتها، والتي كان آخرها، مقتل فايز عبدالله حمدان أبوشيتة.

ويعد أبو شيتة أحد أبرز المتهمين بخطف 7 جنود مصريين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، خلال مداهمة لمكان اختبائه الأحد الماضي، حيث قتل وأحد معاونيه، في منطقة المساعيد بمدينة العريش.

وأكد عماد الدهشان المستشار العام الأول في محافظة شمال سيناء، أن النيابة أمرت بتشكيل لجنة فنية لفحص أجهزة الكمبيوتر و”الهاردات” والأسلحة والمتفجرات، التي عثر عليها في منزل أبوشيتة.

وقد عثر بمنزل القيادي في التنظيم المتطرف على 9 أجهزة حواسيب آلية و14 هارد ديسك صلبا، كما عثر على صور وفيديوهات، ورسائل متبادلة بين القتيل وعناصر إرهابية في أماكن متفرقة.

دقة الضربات الأمنية، أدّت، وفق المحللين، إلى شعور من تبقى من عناصر التنظيمات الإرهابية بقرب نهايتها، وهو ما يجعلها في حالة رعب وشك، من الجميع، ورغبة في الانتقام من كل من تعتقد أنه ساند جهات الأمن في الوصول إلى معلومات دقيقة عن أوكار الإرهابيين ومخازن السلاح.

ومنذ بداية العام الجاري قتل نحو مئة من العناصر الإرهابية الخطيرة، في تبادل لإطلاق النار مع قوات الجيش والشرطة، خلال مداهمة أوكارهم، أو صدّ هجماتهم على الأكمنة الأمنية، بينهم 36 في الشهر الأخير.

ويرى خبراء أمنيون أن خطر توسع الجماعات المتشددة وقيامها بأعمال إرهابية خارج سيناء تقلص بشكل لافت خلال الأشهر القليلة الماضية، وأن شبه الجزيرة في طريقها بدورها إلى الخروج من بوتقة المتطرفين رغم الهجمات التي يقومون بها بين الفينة والأخرى.

سيناء وتحديدا في شمالي الجزيرة كانت قد وجدت بها الجماعات التكفيرية، بيئة مناسبة للتكاثر والانتشار، خلال العشر سنوات الأخيرة، خاصة السنوات التالية لثورة 25 يناير وما صاحبها من انفلات أمني.

ماهر فرغلي الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، قال إن ظهور الجماعات التكفيرية في سيناء جاء نتيجة، لانتشار فكر تنظيم القاعدة، الذي تحول إلى شبكة عالمية، لها خلايا تنتمي إليها فكريا، وإن لم يكن بينها والتنظيم الأم تواصلا تنظيميا.

وأكد فرغلي، أن الأشهر الأخيرة شهدت “انحسار تلك الجماعات، ومعظمها قضي عليه، فيما اندمج الباقي مع تنظيم بيت المقدس الذي لم يتبق منه في سيناء سوى ما يقارب الـ150”.

من جانبه أوضح اللواء زكرياء حسين المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، وأستاذ العلوم الإستراتيجية، أن الإرهاب في مصر عموما وسيناء خصوصا في مرحلة الرمق الأخير، مشيرا إلى أن مراجعة حجم وعدد ونوعية العمليات الإرهابية خلال العام الأخير، يؤكد انحساره.

واعتبر حسين أن ظاهرة قطع الرؤوس المستجدة تأتي في سياق محاولات الجماعات المتطرفة ترويع قوى الأمن والجيش، وهو تقليد لتنظيم داعش، بعد أن شعروا بأن قوات الأمن في طريقها إلى دحرهم، وسط تعاون دولي وإصرار عام على دحر الإرهاب، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية والغرب.