بينما هرب لاجئونا من أتون الإرهاب في ليبيا وسوريا والعراق، ملايين هربت من حروبه، لكنه لا زال يطاردهم مصرا على عودة البعض منهم، ف شبة الإرهاب والحس الأمني صار يدفع الكثير من الدول للتردد في استقبال لاجئين عرب ومسلمين من دول الصراع..رغم إلحاح وتنديدات المنظمات الدولية العاملة في مجال خدمة اللاجئين بمثل هذه الإجراءات لكنه الخوف من الإرهاب والإسلاموفوبيا الصاعدة يصران على إعادة الهارب لمهربه من ملاذه من جديد، وكون البعض مجرما وإرهابيا بالفعل فهذا يبرر العودة ولكن يبدو أن البعض كان فقط محل اشتباه وهذا مبرر أيضا وفق منطق سيادة الدولة وأمنها القومي.
آثار هذا الحديث ما وقع يوم الأربعاء 11 أكتوبر سنة 2017 بعد أن أقرت المحاكم الألماني ترحيل خمسة متشددين خطرين، وهو ما صار محتملا تكراره بشكل كبير، بعد قرار المحكمة الدستورية الاتحادية في أغسطس الماضي 2017 عدم وجود تعارض بين إجراءات ترحيل اللاجئين المتهمين بالإرهاب، ومبادئ الدستور الديمقراطية[1].
وفي 9 سبتمبر 2017 أعلن مسئول ألماني أن بلاده قامت بترحيل 120 متشددا غادروا البلاد إلى سوريا والعراق حينها، كما تم ترحيل 2 آخرين، من المتشددين ألمانيي المولد، ويحملان الجنسية الألمانية، في 21 مارس من العام نفسه، في سابقة هي الأولى من نوعها بعد أن أقرت المحكمة الإدارية الاتحادية، ثاني أعلى جهة قانونية في ألمانيا، قرار ترحيل شابين وُلدا في ألمانيا بعد الاشتباه في تخطيطهما لاعتداءات إرهابية. وكانت الشرطة قد ضبطت أسلحة ورايات جهادية في منزليهما في فبراير/ شباط[2].
الأمن أولا..والإرهاب يعيد البعض من حيث أتوا:
تبدي الأقليات والجاليات في الغرب تخوفها من صعود أحزاب اليمين المتشدد وتصاعد النزعات الانفصالية في أكثر من مكان، فقبل نجاح كاتالونيا في الاستقلال بقليل، كانت الانتخابات الألمانية التي أتت نتائجها بتقدم ملحوظ كذلك للحزب اليميني المتطرف( البديل من أجل ألمانيا) وفوزه ب (94 مقعدا) في البرلمان الألمان.
وهو حزب معادٍ للسامية، ومسأئل الهجرة واللجوء وقد جمع التخوف مختلف الطوائف والجاليات، رغم محاولات زعيم زعيم حزب "البديل من أجل ألمانيا"، طمأنة هؤلاء بأنه "لا يرى داعيا للقلق من كل هؤلاء.
كان عام 2016 عام اليمين بامتياز في الولايات المتحدة وأوربا على السواء، في مواقفه المتشددة تجاه الآخر وإيمانه بالإسلاموفوبيا والخوف على الهوية، وهو ما ساعدت جماعات التطرف والإرهاب في زيادته بشكل كبير.
وقد أثر كل ذلك على حقوق العمالة في الغرب، رغم إلحاح الكثير من التقارير على عدم قدرة الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة على الاستغناء عنها، لكن لا زال التمييز موجودا ضد العمالة وبخاصة العربية والإسلامية نتيجة هذه التخوفات.
وفي دراسة متأخرة لوزارة مغربية مكلفة بشئون المغتربين وشئون الهجرة، أوائل عام 2017
أنجزتها الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة خلال سنة 2016، أن 23 في المائة من الشباب المغربي المقيم بالخارج عبروا عن إحساسهم بالتمييز في الولوج إلى سوق الشغل فيما واجه 36 في المائة منهم صعوبات في إتمام دراستهم[3].
وتمحورت الدراسة، التي أنجزتها الوزارة بتعاون مع مجموعة من القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية بقضايا الشباب حول موضوع “حاجيات ومتطلبات الشباب المغربي المقيم بالخارج” ، حول ثلاثة محاور أساسية، مرتبطة بحاجيات الشباب المغربي المقيم بالخارج، وهي الاندماج في مجتمعات بلدان الإقامة والارتباط بالبلد الأم المغرب ثم المواطنة الكاملة.
وكشفت الدراسة، التي أجريت على عينة تمثيلية من 2146 شابا تتراوح أعمارهم ما بين 15 و30 سنة في ست دول وهي ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا، أنه بالنسبة للمجال المرتبط بالاندماج في مجتمعات بلدان الإقامة، فإن 23 في المائة من الشباب المغربي المقيم بالخارج عبروا عن إحساسهم بالتمييز في الولوج إلى سوق الشغل.
وأوضحت أن 36 في المائة من الشباب المغربي المقيم بالخارج واجهوا صعوبات في إتمام دراستهم ، في حين يتوفر 63 في المائة منهم على مستوى تعليمي يفوق البكالوريا، و80 في المائة منهم صرحوا بأنهم حاليا يتابعون دراستهم أو يشتغلون، و75 في المائة لازالوا يعيشون مع عائلاتهم ويرغبون في امتلاك مسكن خاص بهم.
[1] جريدة الشرق الأوسط، في 11 أكتوبر سنة 2017 على الرابط التالي: https://aawsat.com/home/article/1048856/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84-%D8%AE%D9%85%D8%B3%D8%A9-%C2%AB%D9%85%D8%AA%D8%B4%D8%AF%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%AE%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%86%C2%BB
[2] موقع تليفزيون دويتشة فيلله الألماني بتاريخ 21-3-2017 على الرابط التالي: http://www.dw.com/ar/%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%86%D9%88%D8%B9%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%91-%D8%AA%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%84-%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%88%D9%8F%D9%84%D8%AF%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7/a-38058966
[3] يمكن مطالعة عرض لهذه الدراسة على موقع مركز الأبحاث والدراسات في شؤون الهجرة بتاريخ 14 فبراير سنة 2017 على الرابط التالي: http://www.crei-centre.com/blog/2017/02/14/%D9%87%D8%B0%D9%87-%D9%87%D9%8A-%D9%86%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A7/