يعتبر تنظيم "القاعدة" أبرز قوة متطرفة في ليبيا حيث مثلت البلاد في أعقاب الأزمة التي عصفت بها في العام 2011 ملاذا آمنا لعناصره ومركزا لشن عملياته الارهابية داخل وخارج ليبيا.ورغم الخسائر الكبيرة التي منيت بها التنظيمات الإرهابية في هذا البلد الممزق،فإنها مازالت تحافظ على وجودها مع تواصل حالة الفوضى في البلاد. 

فمجددا يعود الحديث عن قيادات "القاعدة" المتمركزة في الاراضي الليبية،حيث كشفت مصادر ليبية مطلعة عن رصد تحركات لإرهابي خطير جنوب ليبيا، يُدعى أحمد عبد الجليل الحسناوي، رفقة عدد من عناصر تنظيم القاعدة.وقال مصدر استخباراتي ليبي لـ"العين الإخبارية"، إن الحسناوي رصد متخفيا في منطقة تامزاوة الواقعة في وادي الشاطئ التي تعيش فيها عائلته خلال الفترة الماضية.

ويُعد الحسناوي من أخطر الإرهابيين على المستويين المحلي والدولي، لما له من علاقات مباشرة مع أكثر من منظمة إرهابية خارج ليبيا وداخلها.ويتولى زعيم تنظيم القاعدة بجنوب ليبيا مهام تقديم الدعم اللوجستي لتنظيم القاعدة في المغرب، فيما تربطه علاقة قوية بالإرهابي مختار بلمختار، وهو قيادي جزائري بارز في تنظيم القاعدة.ويمتلك الحسناوي سجلاً إرهابياً حافلاً، إذ سبق أن شارك في الهجوم على المنشآت النفطية في صفوف إبراهيم الجضران، وقاد الهجوم الدموي على قاعدة براك الشاطئ في مايو 2017.

وتعود جذور نشاط تنظيم القاعدة في ليبيا إلى ثمانيات القرن الماضي، عندما أعلنت مجموعة ليبية تأسيس الجماعة الإسلامية المقاتلة مؤلفة من مقاتلين ليبيين عادوا من ساحات القتال في أفغانستان؛ حيث قامت الجماعة بعمليات مسلحة في مواقع مدنية وأمنية بليبيا في تسعينيات القرن العشرين بهدف إسقاط نظام العقيد معمر القذافي. إلا أن القوات المسلحة الليبية وأجهزة الأمن قضت عليهم، واعتقلت مجموعة كبيرة منهم.

وخسر التنظيم الكثير من قياداته في حربه ضد الجيش الليبي الذي استطاع دك معاقل التنظيم في شرق البلاد وتحدثت تقارير اعلامية عن هرب قيادات وعناصر التنظيم الى مناطق في جنوب وغرب البلاد.على الرغم من كثرة الخرائط التي تَرصُد توزّع المجموعات الإرهابية المتطرفة وانتشارها في ليبيا، إلا أن التحوّل الذي أنتجه توجه الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر لإطلاق عملية "تحرير طرابلس من قبضة المليشيات" في الرابع من أبريل (نسيان) 2019، أعاد تعقيد توزيع تلك المجموعات، بسبب بروز أسماء قيادية، ضمن تلك المجموعات، تقاتل حالياً في صفوف قوات "حكومة الوفاق" في العاصمة طرابلس ضد قوات الجيش.

وتمكن الجيش الليبي من رصد قائمة تضم أخطر الإرهابيين في تنظيم القاعدة المطلوبين للعدالة محليّا ودوليا، وقال إنّ بعضهم فروا إلى العاصمة طرابلس، وآخرون يحاولون الدخول إليها، في وقت ظهرت فيه عدة شخصيات إرهابية واقعة تحت عقوبات دولية بسبب ارتكابها جرائم حرب، في ساحة القتال، جنباً إلى جنب مع القوات الموالية لحكومة الوفاق.

ومن أبرز القيادات الإرهابية التي تحدّث عنها الجيش الليبي وأكدّ وجودها بالعاصمة طرابلس:

صلاح رمضان الفيتوري سالم: داعية يمتلك تاريخا حافلا في دعم التطرف والإرهاب داخل بلاده وخارجها، كان من أبرز الأسماء المطلوب القبض عليها فترة حكم الزعيم الراحل معمر القذافي، ما دفعه إلى مغادرة البلاد والاستقرار في سويسرا، التي منحته اللجوء، قبل أن تقوم بطرده قبل سنتين، بعد اتهامه بتأجيج مشاعر الكراهية وازدراء الأديان في خطبه.

وعقب اندلاع الأزمة في العام 2011، تحول الفيتوري إلى ليبيا، ليلقي خطبة الجمعة في عدة مساجد خاصة في العاصمة طرابلس، برعاية من قناة التناصح الداعمة للإرهاب في ليبيا، التي كانت تتوّلى نقلها مباشرة، وكانت أغلب أفكاره في اتجاه تأييد الجماعات الإرهابية في درنة وبنغازي التي كان يقاتلها الجيش الليبي، حيث دعا في مناسبات عدة إلى رفع الحصار عنها.

علي محمد علي الفزاني: أحد قيادات تنظيم القاعدة والمتورط في اغتيال أمنيين وناشطين، والذي جرى نقله من بنغازي إلى طرابلس بعد القبض عليه في عملية تركيب قنبلة لاصقة في سيارة أحد العسكريين، بأوامر من القيادي في تنظيم القاعدة خالد الشريف، الذي تم تعيينه في فترة سابقة وكيلا لوزارة الدفاع بعد عام 2011، ومعه إرهابي من البوسنة والهرسك، تم رصد دخوله إلى العاصمة طرابلس قادما من سوريا.

بلال الشواشي: وهو تونسي الجنسية، سافر سنة 2014 إلى سوريا للجهاد، أين تلقى تدريبات قتالية، أهلته لأن يصبح قائدا عسكريا لجبهة النصرة، ثم انشق وأسس "كتيبة العقاب".

والشواشي، يعدّ من أخطر الإرهابيين المطلوبين في بلادهم، بتهمة إشرافه على تجنيد الشباب للجهاد بسوريا، كما أنه قاد حادثة حرق السفارة الأميركية بتونس عام 2012، فضلا عن وقوفه وراء عدة عمليات إرهابية، من بينها حادثة تفجير حافلة الأمن الرئاسي وسط العاصمة تونس، عام 2015، والتي أسفرت عن مقتل 12 من عناصر الأمن.

سيف العدل المصري:  اسمه الحقيقي، هو محمد صلاح الدين زيدان، ولد في المنوفية في مصر في ستينيات القرن الماضي، والتحق بكلية التجارة في جامعة شبين الكوم، في منتصف الثمانينيات، ثم التحق بالقوات الخاصة بالجيش المصري، تزامنا مع ارتباطه بتنظيم الجهاد وقتها.

وهذا الشخص، هو الذي أدار تنظيم القاعدة مباشرة، بعد مقتل أسامة بن لادن على يد البحرية الأميركية، وهو عضو بارز في مجلس شورى التنظيم، بالإضافة إلى أنه يعد أحد أهم الشخصيات التي تحاول المخابرات الغربية التوصل إلى مكان وجوده، بعد إدانته عام 1998 في تفجير السفارة الأميركية في شرق إفريقيا، ووضعت الولايات المتحدة مكافأة لمن يسلم رأسه 5 ملايين دولار.

وصل سيف العدل إلى سوريا عام 2015، بعد أن أخرجته إيران من سجونها وفق صفقة تبادل الأسرى مع القاعدة بفرعها في اليمن، من أجل مساعدة جبهة النصرة على تأسيس إمارة للقاعدة بسوريا.

حسين أحمد البرقاعي:  المكنى بـ "أبو نعيم" الذي ينتمي إلى سكان الهضبة الشرقية في طرابلس، هرب من ليبيا إلى أفغانستان،ويعد البرقاعي  قناص محترف ومدرب معتمد لدى تنظيم القاعدة بمعسكر الأنصار بأفغانستان، حيث ومن أخطر قادة القاعدة، إذ كان من ضمن الحراس الشخصيين لأسامة بن لادن.

وبعد مقتل بن لادن، استضافه بقطر عبدالله آل ثاني، من الأسرة الحاكمة بقطر، برفقة عدد من الإرهابيين، قبل أن يدخل إلى الأراضي الليبية بعد 2011 بجواز سفر قطري.

إسماعيل إبراهيم "كاموكا": يعد أحد أخطر قيادات التنظيم الإرهابي، مصنف إرهابي دولي، وهو من منطقة الغوط في مصراتة، خرج من ليبيا إلى باكستان برفقة الإرهابي الليبي المكنى بـ "أبو البصير"، تلقى تدريبات في أفغانستان، انضم إلى الجماعة الليبية المقاتلة وأصبح المنافس الأول لعبد الحكيم بلحاج على قيادتها بعد مقتل زعيمها مفتاح الداودي، تم رصده في سوريا وباكستان وتركيا واليمن.

في عام 2002 تم القبض عليه في مطار هيثرو بلندن بتهمة دعمه للإرهابيين، وضبطت بحوزته وثائق وأموال وكان في طريقه لإيران، وسجن "كاموكا" في بريطانيا لمدة 3 سنوات وتسعة أشهر، بعد أن وصفه القاضي البريطاني خلال المحاكمة، بأنه "زعيم مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة في بريطانيا، وأنه خطر على الأمن البريطاني القومي.

بشير خلف الله: يقود "رحبة الدروع"،وهو تشكيل مؤلف من مقاتلي منطقة تاجوراء، لكن تبعية هذا التشكيل للمفتي المعزول المعروف باعتناقه فكر تنظيم القاعدة الصادق الغرياني، الذي توالى ظهوره الإعلامي في الآونة الأخيرة، داعياً إلى "الجهاد" ضد قوات الجيش.

أبو عبد الله النوفلي: أبرز قيادات "سرايا الدفاع عن بنغازي" الإرهابية،وهو تشكيل مؤلف من بقايا فلول تنظيم أنصار الشريعة الفارين من بنغازي، تأسس منتصف العام 2016. ويعتبر أبو عبد الله النوفلي، الذي ظهر في فيديو الإعلان عن تأسيس السرايا، أبرز قادته، وسبق أن ظهر النوفلي في شريط نشره المكتب الإعلامي للقيادة العامة للجيش في سبتمبر (أيلول) 2016 برفقة بلمختار الأعور جنوب أجدابيا.وأعلنت السرايا عن مشاركتها في "عملية الدفاع عن طرابلس" ضد قوات الجيش في التاسع من أبريل الماضي ضمن بيان رسمي.

مراد موسى سالم زكري: أمازيغي من نالوت،وهو جهادي من عناصر تنظيم القاعدة "سجين سابق"،وهو من مواليد العام 1972 في طرابلس غادر إلى اليمن سنة 1993 رفقة عدد من المتطرفين على رأسهم المدعو شعبان هدية و المكنى بأبي عبيدة و عاد إلى ليبيا في 2001 بجواز سفر يمني مزور وقبضت عليه السلطات.

أسس في عام 2011 مليشيا في مدينة نالوت تحت اسم "شهداء العاصمة"، و هي مليشيا إرهابية على منهج القاعدة و تمتهن عمليات تهريب الوقود إلى تونس عبر منفذ "ذهيبة"، و يعمل مراد بالتنسيق مع أبوعبيدة الزاوي الذي يتولى تزويده بالوقود من مصفاة مدينة الزاوية لتهريبه عبر منفذ ذهيبة منطقة نفوذ مراد.

برز اسمه في تقرير مصور بتثه قناة العربية الفضائية و إستدل التقرير بمقال أوردته صحيفة الجورنالي الإيطالية تحت عنوان "تنظيم القاعدة يجند مقاتلين في ليبيا" بتاريخ من مكالمات هاتفية إلتقطتها منظومات التجسس للمخابرات الغربية حول عددا و قاموا بتجنيد مقاتلين 2011 قيادات تنظيم القاعدة تسللوا إلى ليبيا و كان من بين تلك المكالمات مكالمة بين مراد زكري في نالوت وأحد قيادات تنظيم القاعدة حيث أكد له مراد وصول مقاتلين تابعين لتنظيم، عدة القاعدة قادمين من الجزائر للمشاركة في المعارك.

شعبان هدية: القيادي البارز في الجماعة الليبية المقاتلة واحد أبرز أعضاء تنظيم القاعدة.يقود مجلس "ثوار الزاوية"،في مدينة الزاوية الواقعة في غرب طرابلس بنحو 35 كلم،والذي يضم لفيفاً من المليشيات المتورّطة في عمليات تهريب البشر والوقود. وتتخذ هذه المليشيات مسميات رسمية مثل "جهاز الدعم المركزي" و"فرع جهاز حرس السواحل".

 وسبق أن اعتقلته السلطات المصرية في العام 2013 قبل أن تطلق سراحه مقابل إطلاق سراح "أنصار الزاوي" موظفي السفارة المصرية في طرابلس، المختطفين لمقايضته بهم.وصدرت في حقه مذكرة اعتقال من النائب العام الليبي قبل أشهر.

عادل الربيعي:يعد الربيعي من أخطر القيادات الإرهابية في جماعة أنصار الشريعة الموالية لتنظيم القاعدة، التي شاركت في المعارك ضد قوات الجيش الليبي في بنغازي، وهو متهم بارتكاب عدة جرائم خطف واغتيال استهدفت شباب مدن شرق ليبيا.وظهر الربيعي عامي 2015 و 2016 في العديد من مقاطع الفيديو وهو يهدد شباب مدينة بنغازي ويتوعدهم بالقتل والتصفية.

اختفى الربيعي عن الأنظار بعد أن أشيع خبر مقتله داخل محور سوق الحوت في بنغازي قبل عامين،لكنه عاد للظهور في مايو الماضي في صور تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات المقربة من القيادة العامة للجيش الليبي،يظهر فيها الربيعي قائدا ميدانيا ضمن صفوف ميليشيات "لواء الصمود" التي يقودها المطلوب دوليا صالح بادي، جنوب العاصمة طرابلس، حيث ظهر وهو يحمل على كتفه حزاما من الخراطيش.

زياد بلعم: القيادي المؤسس في ما يسمى مجلس شورى ثوار بنغازي المرتبط بتنظيم القاعدة،أعلن في أبريل الماضي في تسجيل مصور وصوله إلى طرابلس للقتال في صف القوات الموالية لحكومة الوفاق ضد القوات المسلحة.وظهر بلعم  حينها وهو يرتدي الزي العسكري ويستقل سيارة مسلحة تحمل شعار كتيبة المرسى التي يقودها صلاح بادي.

وتوعد بلعم في تسجيله الذي نشرته حسابات وكتائب موالية لمجالس الشورى بالثأر للإرهابي وسام بن حميد،كما توعد بلعم بالثأر للقيادي المؤسس الآخر في مجلس شورى ثوار بنغازي المرتبط بتنظيم القاعدة الإرهابي جلال المخزوم المقرب من الإرهابي محمد الزهاوي المسؤول العام السابق لتنظيم أنصار الشريعة المصنف على لوائح عقوبات مجلس الامن.

رغم الخسائر الكبيرة التي منيت بها التنظيمات الإرهابية في ليبيا،فإنها مازالت تحافظ على وجودها مع تواصل حالة الفوضى في البلاد.ويرى مراقبون أنه في ظل غياب الحل السياسي فإن دائرة العنف ستتسع، والحل السياسي من الصعب أن يتحقق. وفي غياب "فرض" الحل السياسي بقرار عربي ودولي، يرى الخبراء أن ليبيا ستتجه نحو تسعير الحرب الأهلية، وبها ستقوى التنظيمات الإرهابية  التي تستمد قوتها من استمرار الحرب والفوضى، وهو ما سيكون ذريعة لشن المزيد من الضربات الغربية في هذا البلد الممزق.