ترجمة - اشرف محمود 

 

هل ساعدت وسائل الإعلام العربية في تعزيز التعددية السياسية أم تسببت بشكل أكبر في تقسيم المجتمعات على طول الخطوط الطائفية والسياسية منذ بدء موجة الربيع العربي ؟

يرى خبراء أنه في الوقت الذي لعبت فيه وسائل الإعلام العربية دوراً رئيسياً في الإطاحة بالعديد من أنظمة الحكم الاستبدادية، فقد بدأت تتخذ منافذ الإعلام مواقف سياسية تقود إلى عمليات استقطاب سياسية وطائفية.

وقال محمد المصري، أستاذ الصحافة والإعلام بالجامعة الأميركية في القاهرة، إنه وفي الوقت الذي لعبت فيه وسائل الإعلام دوراً بارزاً في تعزيز الديمقراطية بمصر خلال الأيام الأولى من الربيع العربي، إلا أن ذلك الأمر تغير بشكل كبير بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو الماضي.

وتابع المصري :" منذ الثالث من يوليو ووسائل الإعلام المصرية تغطي الأحداث الراهنة بصورة هستيرية، وكان يكتمل السرد الإعلامي في معظم الحالات من وجهة نظر واحدة. وهناك سرد صريح يبرز وجود تملق بالجيش ووجود إفراط في مشاعر القومية، وتم تصوير القوى المناهضة للانقلاب العسكري على أنها قوى شائنة، خائنة وإرهابية".

وقد تفجرت المنافذ الإعلامية في ليبيا في أعقاب الثورة التي أطاحت بالعقيد معمر القذافي، بينما أشار علي أبو زقزوق، وهو ناشط ليبي بارز داعم للديمقراطية، يعيش في بنغازي، إلى أن وسائل الإعلام لم تقم أبداً منذ ذلك الوقت بأي دور بنّاء وايجابي.

وتابع أبو زقزوق حديثه بالقول :" وبينما أظهرت بعض وسائل الإعلام احترافيتها وشموليتها، فقد انصب اهتمام وسائل إعلام أخرى على تعبئة جمهورها لدعم القبلية والإقليمية".

وأكد تقرير نشره بهذا الخصوص موقع "فوا نيوز" الأميركي على حقيقة أن وسائل الإعلام الاجتماعية نجحت في تحويل العالم الخاص بوسائل الإعلام العربية، لكن التساؤلات ما تزال مفتوحة الآن بخصوص ما إن كان ذلك قد أضر أم ساعد المجتمعات العربية.

من جهتها، قالت سحر خميس، الأستاذ بجامعة ماريلاند الأميركية، إن وسائل الإعلام الاجتماعية مكّنت العديد من المواطنين العاديين. وتابعت بقولها :" وقد نشرت الجزيرة هذا النوع من المحتوى الإعلامي بسؤالها المواطنين أن يرسلوا لها فيديوهاتهم عبر الإنترنت. وقد شجعت صحافة المواطن هذه المواطنين المترددين على الخروج والمشاركة".

وأضافت خميس :" حين كان للناس هدف مشترك مثل الإطاحة بحكام مستبدين في مصر، تونس، ليبيا وسوريا، فكانت وسائل الإعلام الاجتماعية أداة لتوحيدهم، لكن حين حدث انقسام مثلما حدث في مصر بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، تحولت وسائل الإعلام الاجتماعية إلى أداة للاستقطاب، وهو ما أدى لتوسيع الفجوة بين الفرقاء السياسيين".

كما لفتت سحر خميس إلى أن نجاح بعض الحكومات وأطراف أخرى داخل الدول في استغلال وسائل الإعلام الاجتماعي أفضل ما يكون باعتبارها أداة للقمع. ونوهت لقيام قوات الأمن الليبية على سبيل المثال بتتبع ناشط كان يستخدم حاسوبه المنزلي كمحطة بث، حيث أطلقت عليه النار، وأردته قتيلاً.

لكن تونس، التي تعتبر مهد الربيع العربي، نجحت في انتهاج مسار مختلف بشكل واضح. حيث قال أسامة رمضاني، وزير الاتصالات السابق في تونس، إنه ونظراً لوجود نقابات إعلامية مستقلة وجهة تنظيمية تحمي العاملين بالمجال الإعلامي، فقد ظهرت وسائل الإعلام التونسية كقوى داعمة كبرى للتعددية في مجتمع ما بعد الربيع العربي.

وأضاف رمضاني أن وسائل الإعلام التونسية لعبت دوراً بناءً في تثقيف العامة بخصوص القضايا السياسية مثار الجدل، لكنه حذر من خطر استمرار الحروب الأهلية، من منطلق أن ذلك قد يجعل النشاط السياسي أولوية بالنسبة لبعض وسائل الإعلام على حساب التوازن.

وعاود محمد المصري ليشدد في الأخير على حقيقة احتياج الإعلام العربي إلى إصلاح شامل. كما أوصى بإنشاء هيئة مستقلة من العلماء والصحافيين المحترفين لمراقبة أداء الصحافة، وضع مبادئ توجيهية وتقديم ردود فعل مستمرة للصحفيين والمؤسسات الصحافية.

 

اعداد : محمد الشناوي - صوت امريكا