شهد الاقتصاد الليبي في عام 2020 أزمات عديدة، مما أدى لتراجع إيرادات المالية العامة لتُسجل 23 مليار دينار ليبي،إذ حولت سنوات حرب ليبيا التي تملك أكبر احتياطات نفطية في أفريقيا، من بلد ينعم بالوفرة إلى اقتصاد منهار تحول سكانه إلى فقراء ومعدومين.
وأحيت المحادثات السياسية المتواصلة الآمال في إنعاش اقتصاد ليبيا الذي كان من أكثر اقتصادات المنطقة ازدهاراً، ولا سيما بفضل انتعاش إنتاج الذهب الأسود. ولكن اليوم، يعاني هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه سبعة ملايين نسمة من الفقر.
منذ إعلان تشكيل الحكومة الليبية الجديدة وظهور بداية لانفراجة سياسية في البلاد، وسعت كثير من الدول خاصة التي تمتلك حدودا مع ليبيا إلى إعادة حجم التبادل التجاري إلى سابق عهده والذي تعطل كثيرا بسبب الفوضى الأمنية والسياسية في البلاد.
ومن مصر مرورا بتونس ثم الجزائر عقدت ليبيا لقاءات ومؤتمرات كان المحور الرئيسي للمناقشات فيها يذهب للجانب الاقتصادي وإمكانية عودة العمل بالحدود البرية والجوية لرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعويض حجم الخسائر الذي ضرب ليبيا وجيرانها منذ تحجيم التبادل التجاري.
فالسّت دول التي لها حدود مع ليبيا تأثرت بشكل كبير من الأوضاع في البلاد ليس فقط على المستوى الأمني بل وصل الأمر إلى المستوى الاقتصادي الذي تأثر كثيرا بسبب وقع الأحداث.
فالدول المجاورة اضطرت لتشديد الإجراءات على حدودها وإغلاق بعضها في وقت سابق؛ نظرا لما عانته من انطلاق عمليات إرهابية من داخل ليبيا إلى أراضيهم.
من جانبها،ليبيا تعاني من فقر في مواد البناء وبعض السلع فضلا عن نقص في بعض المستلزمات الطبية وكل هذا يرجع للاضطرابات التي شهدتها تلك الحدود حيث أن استقرار ليبيا قد يدفع باقتصاد دول الجوار الليبي 10 نقاط للأمام فبحسب إحصائيات رسمية أن هناك تبادل تجاري بين ليبيا ومصر وتونس والجزائر يصل إلى أكثر من 10 مليار دولار سنويا وهذا الرقم يوضح ما تمثله ليبيا من أهمية لجيرانها.
في ذات الصدد،أكد سلامة الغويل، وزير الدولة للشؤون الاقتصادية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، أن الاقتصاد الليبي واعد للمستثمر المحلي والأجنبي.
وأشار الغويل في تصريحات صحفية إلى أن ارتفاع أسعار النفط ساعد في دعم الإيرادات خاصةً مع استقرار الإنتاج، مؤكداً أن هذا الاستقرار في الإنتاج سيعزز تلبية احتياجات ميزانية الدولة والمواطنين.
وقال إنه في ظل الاستقرار السياسي النسبي، سيكون الوضع أفضل مع بدء القرارات تمس حياة المواطن واقتصاد البلد، وبدء منافسة، ومؤشر إيجابي بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بجانب الخطوات العملية من قبل هذه الحكومة.
وبشأن أرقام الاقتصاد الليبي، قال إن الوضع مطمئن، وبدأ خلق نوع من نفض الغبار على الركود السابق بسبب الاختلاف السياسي، متوقعاً أن يكون هناك اهتمام من الدول المجاورة بالفرص في الاقتصاد الليبي الواعد.
في نفس السياق،أكدت مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، التزامها بدعم حكومة الوحدة الوطنية في طريقها نحو إعادة بناء ليبيا، بعد عشرية من الأزمات الاقتصادية من جراء الانقسام السياسي في البلد الإفريقي.
وطالبت الحكومة الليبية والمجتمع الدولي العمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة بما يؤدي إلى تسريع التنمية وزيادة فرص العمل في القطاع الخاص وتحسين المستوى المعيشي للشعب الليبي.
وأشاروا إلى أنه يمكن للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تقديم الدعم لحكومة الوحدة من خلال "تقييم التعافي وبناء السلام" كأداة لمراجعة وتحديد أولويات احتياجات التنمية لدعم إعادة إعمار البلاد.
الملف الاقتصادي عموماً يتأثر بحالة الاستقرار السياسي في البلد، ولذلك فبسبب انقسام المؤسسات التنفيذية والعسكرية سابقاً حدث أثر سلبي على الاقتصاد، توقف معه تصدير النفط إلى خارج البلاد، وقد بلغ الدين العام 260 بالمئة من الناتج المحلي، كما انعكست التداعيات السلبية الناتجة عن حالة الصراع السياسي والعسكري الاقتصاد الليبي القائم بنسبة تصل إلى 95 بالمئة على الإيرادات النفطية، وانعكس ذلك أيضاً على مفاصل الاقتصاد.
من ذلك،يرى مراقبون أن بطء خطوات الإستقرار السياسي المتجلية أساسا في تعطّل توحيد المؤسسات تحول دون إنعاش النظام المالي لليبيا، التي هي في أمس الحاجة لتعديل أوتاره لكي يساهم بدوره في إعادة الإعمار، وبالتالي إحلال تكافؤ الفرص في إمكانية الحصول على النقد الأجنبي وحماية العملة المحلية من الانهيار، وفي مرحلة لاحقة وهي الأهم تقديم تمويلات للشركات والمستثمرين للبدء في أعمالهم.