حولت عشر سنوات من الحرب ليبيا التي تملك أكبر احتياطات نفطية في إفريقيا، من بلد ينعم بالوفرة إلى اقتصاد منهار تحول سكانه إلى فقراء ومعدومين.
أحيت المحادثات السياسية الأخيرة الآمال في إنعاش اقتصاد البلاد الذي كان من أكثر اقتصادات المنطقة ازدهارًا،إذ ساد إنطباع عام بالتفاؤل بتعافٍ تدريجي للاقتصاد الليبي على وقع الخطوات المُتخذة ضمن المسار السياسي، عبّرت عنها تقارير مؤسسات دولية، من بينها صندوق النقد الدولي الذي أعلن في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الأخير عن توقعاته بتعافي الاقتصاد في ليبيا، وتحقيق نسبة نمو أعلى من 5 بالمئة العام المقبل.
وكان البنك الدولي في أحدث تقاريره عن ليبيا قد تحدث عن "ثمة تفاؤل حذر بشأن جهود التعافي ورأب الصدع، لكن لا تزال هناك مخاطر كبيرة تهدد تلك المساعي".
وأكدت مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، التزامها بدعم حكومة الوحدة الوطنية في طريقها نحو إعادة بناء ليبيا، بعد عشرية من الأزمات الاقتصادية من جراء الانقسام السياسي في البلد الإفريقي.
وعقدت مصر والاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والولايات المتحدة، بصفتهم رؤساء مشاركين لمجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة عن لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، اجتماعاً افتراضياً للجلسة العامة الشهر الماضي بحثوا فيه سبل الاستفادة من خبرة المجتمع الدولي ولجنة الخبراء الاقتصادية الليبية كموارد لدعم حكومة الوحدة الوطنية والبرلمان والمؤسسات الليبية الأخرى في عملها لمواجهة التحديات الاقتصادية التي نجمت عن سنوات من الانقسام والصراع.
وأكد المشاركون على أولوية تقديم الخدمات الأساسية للشعب الليبي وتعزيز المؤسسات الاقتصادية وتنشيط القطاع الخاص وتحسين عملية الميزانية مع التأكيد على احترامهم الكامل للسيادة الليبية.
وطالبت مجموعة العمل الاقتصادية، الحكومة الليبية والمجتمع الدولي العمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة بما يؤدي إلى تسريع التنمية وزيادة فرص العمل في القطاع الخاص وتحسين المستوى المعيشي للشعب الليبي.
وأشاروا إلى أنه يمكن للبنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تقديم الدعم لحكومة الوحدة من خلال "تقييم التعافي وبناء السلام" كأداة لمراجعة وتحديد أولويات احتياجات التنمية لدعم إعادة إعمار البلاد.
ويعود الدافع الرئيسي لتوقعات تعافي الاقتصادي الليبي بشكل أسرع إلى ارتفاع كمية النفط المُنتج في ليبيا،حيث بلغ إنتاج ليبيا من النفط في شهر مارس الماضي 1.283 مليون برميل يومياً من النفط الخام، طبقاً للتقرير الشهري عن سوق النفط للمجموعة المنتجة.
وفي فبراير، حققت ليبيا إيرادات من النفط بلغت مليارا و235 ألف دولار عن شهر مارس، وذلك بانخفاض نحو 175 ألف دولار عن الشهر السابق عليه.
في ذات الصدد،تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى تعافي الاقتصاد بنسبة 130 بالمئة (على أساس سنوي) مقارنة بما شهده العام الماضي من انكماش (بنسبة -59 بالمئة). كما أشارت الترجيحات إلى وصول نسبة التضخم في 2021 إلى 18 بالمئة وإلى 4 بالمئة في 2026 (بعد أن سجلت 22 بالمئة في ترجيحات العام 2020). وطبقاً لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في شهر أبريل، فإن توقعات حجم الإنفاق الحكومي في ليبيا تصل إلى 71 مليار دينار.
الملف الاقتصادي عموماً يتأثر بحالة الاستقرار السياسي في البلد، ولذلك فبسبب انقسام المؤسسات التنفيذية والعسكرية سابقاً حدث أثر سلبي على الاقتصاد، توقف معه تصدير النفط إلى خارج البلاد، وقد بلغ الدين العام 260 بالمئة من الناتج المحلي، كما انعكست التداعيات السلبية الناتجة عن حالة الصراع السياسي والعسكري الاقتصاد الليبي القائم بنسبة تصل إلى 95 بالمئة على الإيرادات النفطية، وانعكس ذلك أيضاً على مفاصل الاقتصاد.
وتولي حكومة الدبيبة اهتماما واسعا بالجانب الاقتصادي ما سيؤدي بحسب خبراء إلى انتعاش في العام الجاري مع بلوغ معدل النمو 3.1 بالمئة، وقد نشهد انخفاضاً ملحوظاً في أسعار أغلب السلع الأساسية التي زادت أسعارها بأكثر من 50 بالمئة في العام 2020 ويعود ذلك إلى القيود التي فرضها المصرف المركزي وكذلك انتشار كورونا التي أدت إلى تفاقم الأزمة.
هذا التوجه نحو عملية الإنعاش الإقتصادية ليس مفروشا بالورود حيث يواجه عقبات عدة بداية من قضايا الفساد المالي التي حدثت خلال السنوات الماضية، والتي بلا شك ستكون عقبة أمام الإصلاح الاقتصادي من قبل مجموعة المستفيدين والمتغولين في نهب المال العام بطرق غير مشروعة ويضاف لهذه العقبات مسألة الأمن والاستقرار كمطلبين أساسيين لتعافي الاقتصاد الوطني.
ويعتقد بأن معدل التضخم في الاقتصادي الليبي مرشح للانخفاض حال أحكمت حكومة الوحدة الوطنية التعامل بضوابط شديدة مع مصرف ليبيا المركزي واعتماد معايير تحد من تفشي الفساد في المؤسسات المالية، وإيجاد بدائل للدخل الوطني العام ومعالجة الترهلات التي أصابت الاقتصاد الليبي خلال فترة حكومة الوفاق الوطني.