منذ أحداث فبراير 2011، أصبح تداول خبر الاختطاف في ليبيا ليس بالغريب فقط أصبحت مسألة معتادة، ولم تعد الظاهرة حكرا على المواطنين الليبيين بل أمست تستهدف بقوة الأجانب المقيمين بليبيا، الأمر الذي يؤرق الحكومة الليبية ولا سيما أن قدرتها على التعامل مع حالات الاختطاف محدودة، في ظل غياب مؤسسات الدولة القوية القادرة على فرض سلطة القانون ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
ففي يوليو الماضي قامت مجموعة مسلحة مجهولة باختطاف ثلاثة فلبيين وكوريا واحدا يعملون فنيين في محطة لتصفية المياه جنوب شرقي ليبيا، حيث أعلن جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي في ليبيا، أن "مسلحين اقتحموا موقعا تابعا للمشروع، وتوجهوا نحو العمارة السكنية التي يقطن فيها العمال الأجانب واختطفوا أربعة مهندسين أجانب، ثلاثة من دولة الفيليبين و آخر من كوريا الجنوبية". وطالبت كافة الجهات الأمنية والرسمية بالمنطقة الجنوبية بشكل عاجل العمل لإطلاق سراح المهندسين الأجانب المختطفين.
وحذرت الشركة من التداعيات السلبية لمثل هذه الأعمال على التشغيل والصيانة، وبالتالي توقف الإمداد المائي بشكل كامل عن المدن والمشاريع الزراعية غرب ليبيا، وخاصة العاصمة طرابلس. يذكر أنه لحين هذه الساعة لم يطرأ مستجد على الحادثة حيث لا يزال المختطفين في حكم المجهول.
من ذلك، دعا رئيس وزراء كوريا الجنوبية لي ناك-يون رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج إلى بذل قصارى جهده لإطلاق سراح مواطنهم المختطف في ليبيا.
وذكرت وكالة "يونهاب" الكورية للأنباء أن السراج أكد في مكالمة هاتفية مع المسؤول الكوري، أن حكومة الوفاق تبذل قصارى جهدها لإطلاق سراح المواطن الكوري المختطف في ليبيا، وستتعاون باستمرار مع حكومة سيول.
في وقت سابق، أعلنت كوريا الجنوبيةعن إرسال سفينة حربية إلى ليبيا بعد اختطاف مواطن لها وثلاثة فلبينيين في أوائل تموز/ يوليو الماضي، كانوا يعملون في مشروع للمياه في الصحراء الجنوبية من ليبيا. وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إن البارجة الحربية المخصصة عادة لمكافحة عمليات القرصنة في خليج عدن تتجه حاليا إلى ليبيا. وأضاف متحدث باسم الوزارة لوكالة فرانس برس، إن البارجة بالإضافة إلى "تنفيذها مهمات لحماية السفن التجارية، فإنها مستعدة أيضا لجميع الاحتمالات بما في ذلك الدعم العسكري".
في سياق متصل، شهدت ليبيا طيلة السنوات الماضية الكثير من حالات الخطف والقتل ربما كان أبرزها مقتل 21 مصريا على يد تنظيم داعش الإرهابي في سرت عام 2015.
وقال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عبدالمنعم الزايدي في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن معظم عمليات الخطف سواء بحق الأجانب أو الليبيين تتم من أجل الفدية في المقام الأول، وهناك العديد من الشواهد والقضايا، التي تم توثيقها من قبل المنظمات الحقوقية، وأنها تتحول فيما بعد إلى الاقتتال على الهوية.
وتعددت أسباب حالات الخطف في عموم البلاد إلا أن أبرز دوافعها يعود إلى عملية طلب الفدية، بحسب ما أكد أحمد حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا. ويضيف حمزة في تصريحاته، لـ"سبوتنيك"، أن عدد حالات الخطف في عموم ليبيا وصلت إلى نحو 250 حالة، وأن النسبة الأكبر في عمليات الخطف تقع في مدن طرابلس، سرت، ورشفانة، وسبها، والعجيلات، وبنغازي، وأن معظم الحالات ينتهي بها الأمر إلى مقتلها نتيجة عدم القدرة على دفع الفدية التي تصل إلى 2 مليون دولار في بعض الحالات، كما حدث في قضية أطفال الشرشاري، التي لم يستطع فيها الوالد دفع المبلغ وقتل أطفاله الثلاثة.
ويرى مراقبون أن لعمليات الاختطاف دافعين رئيسيين هما تحقيق الاثراء حيث تستغل الجهات المستفيدة من حالة الفوضى العامة بالبلاد وغياب الأمن فضلا عن الانتقام السياسي إذ أصبحت آلية لتصفية الخصومات السياسية وأداة للي الأذرع.