منذ اندلاع المعارك في العاصمة الليبية طرابلس مطلع أبريل/نيسان 2019،أعلنت تركيا دعمها للمليشيات المسلحة وامدادها بمعدات عسكرية،وذلك بهدف منع سقوط جماعة "الاخوان" ذراع أنقرة في ليبيا والراعي الرسمي لمصالحها ونفوذها هناك.ومع تزايد حجم الغزو التركي والذي تسبب في سقوط قاعدة الوطية وعدة مدن غرب ليبيا في يد المليشيات والمرتزقة تصاعدت مطالبات عملاء أنقرة لتسليم أردوغان مفاتيح ثروات ليبيا.

ففي مشهد كشف حجم المؤامرة التي تحاك ضد ليبيا منذ العام والتي كان الغرض منها الاستيلاء على ثرواتها النفطية،طالب المفتي المعزول الصادق الغرياني،الى إعطاء تركيا الأسبقية في الشراكة الاقتصادية والأمنية ومشاريع النفط والغاز،زاعما أنها جاءت لمساعدة الشعب الليبي دون أن يتحدث عن دماء الليبيين الذين سفكتها آلة الحرب التركية ومرتزقة أردوغان الذين يرتكبون ابشع الانتهاكات ليبيا.

وبعد أن أغدق المديح والثناء على الرئيس التركي،في لقاء تلفزيوني عبر قناة "التناصح" الأربعاء،قال الغرياني،"يجب علينا أن نقف مع تركيا كما وقفت معنا، ونتعامل بإيجابية مع البنود الأخرى للاتفاقية، وينبغي أن تكون لها الأسبقية في علاقاتنا الاقتصادية وفيما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز، فهي أولى من أي دولة أخرى"، على حد زعمه.

ويعد الصادق عبد الرحمن علي الغرياني - مواليد 1942م- من أهم عرابي الإرهاب فى ليبيا، خاصة بعدما نصبته الميليشيات الإخوانية مفتيا عاما للديار الليبية في فبراير 2012، ليتحالف معهم ومع وذراعهم السياسي حزب العدالة والبناء، الذين شكلوا على مدى السنوات الأخيرة الجناح السياسي والدبلوماسي الداعم للجماعات اﻹرهابية والذراع الرئيسي للمحور التركي-القطري في ليبيا.

ويتخذ الغرياني الذى يعيش فى تركيا حاليا،قناة "التناصح" وهي قناة فضائية مملوكة له، وتمول بشكل كامل من قبل قطر الداعم الأبرز للفوضى في ليبيا، لبث سمومه التي يقدمها ضمن وجبات دينية مكثفة، للعبث في عقول الشباب الليبي المتحمس، ليصدر فتاوي تدعم الإرهاب و ضد الجيش الوطني الليبي، بل دعى الشباب لقتلهم، وتجاوزت فتاوي أخرى له حدود المنطق والعقل.

وتأتي دعوة الغرياني في أعقاب دعوات مماثلة من قيادات تيار الاسلام السياسي الموالي لتركيا على غرار نوري بوسهمين رئيس المؤتمر الوطني، الذي بارك لمن أسماهم الثوار بالسيطرة على قاعدة الوطية وطالب بتفعيل الاتفاقية الامنية مع تركيا والاستفادة من قاعدة الوطية من خلال تفعيلها بالخبرات التركية مؤكدا انه لا يوجد أي مانع في تنشئة القاعدة عسكريا مع تركيا للدفاع عن ليبيا وحماية أمنها حسب زعمه.

وتتزامن هذه الدعوات الاخوانية مع تحركات تركية لقطف غزوها للأراضي الليبية تحت غطاء حكومة الوفاق،حيث قامت شركة البترول التركية "تباو"،بتقديم طلب إلى حكومة السراج للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية، .ونقلت الوكالة عن وزير الطاقة التركي فاتح دونماز قوله، إن أعمال الاستكشاف ستبدأ "فور الانتهاء من العملية.

ويشير مراقبون الى أن تركيا تسعى لاستغلال قاعدة الوطية خدمة لمشروعها الساعي للتنقيب عن الغاز في المتوسط.وكانت تركيا وقعت اتفاقا مثيرا للجدل نهاية شهر نوفمبر الماضي مع حكومة الوفاق لترسيم الحدود البحرية، يسمح لأنقرة بالاستحواذ على مناطق بحرية والاستفادة من موارد الطاقة، ومنذ ذلك الحين عملت على مساعدة حكومة الوفاق على البقاء في الحكم وتثبيت وجودها، من خلال دعمها عسكريا بمختلف أنواع الأسلحة وبالمقاتلين الأجانب، وسياسيا ودبلوماسيا.

وتعتبر هذه الاعترافات دليلا واضحا يثبت تواطئ حكومة السراج في جلب الغزو التركي للبلاد.ويتهم الجيش الليبي،تركيا، بقيادة المعارك في المنطقة الغربية لصالح الميليشيات المسلّحة المدعومة من حكومة الوفاق بتمويل قطري وذلك خدمة لأجندات أردوغان الساعي الى نهب ثروات ليبيا وتدعيم اقتصاد بلاده المتهالك على وقع الأزمات التي تعصف به جراء السياسات العدوانية التي يتبعها.

وقال الناطق العسكري باسم القيادة العامة للجيش أحمد المسماري،خلال مؤتمر صحفي، اليوم الخميس، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يخطط لغزو ليبيا منذ أوائل العام الماضي ويرسل الآليات والأسلحة لهذا الغرض،مشيرا الى أن الإخوان المدعومين من الرئيس التركي يعملون على زعزعة الاستقرار والتخريب في البلاد.وفيما يتعلق بالمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، أكد المسماري، أن المجلس الرئاسي لم يحظ بالشرعية من مجلس النواب، مشدد على أن كل اتفاقيات السراج مع الأطراف الخارجية غير شرعية.

ولعبت جماعة "الإخوان" دورا فى دعم الاحتلال التركي في ليبيا،ووصل الأمر إلى استجدائهم لهذا الاحتلال أملا في استمرار وجودهم في السلطة وسيطرتهم على مؤسسات الدولة في طرابلس خدمة لخليفتهم المزعوم أردوغان.ومنذ توقيع مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين حكومة الوفاق ونظام أردوغان في 27 نوفمبر الماضي،تداعت قيادات "الاخوان" للتهليل والتطبيل لهذه الاتفاقية داعية الى استثمارها لتسليم ليبيا الى تركيا.

واعتمدت جماعة "الاخوان" على حكومة السراج في مخطط تسليم ليبيا لأردوغان وذلك بعد أن قوبلت دعوات سابقة لقياداتها بالتدخل التركي في ليبيا بردود فعل شعبية رافضة.ولهذا سعت الجماعة لتغيير استراتيجيتها الهادفة لتسليم ليبيا للأتراك حيث اتجهت الى محاولة شرعنة الغزو التركي وذلك من بوابة مساعدة حكومة السراج الواقعة أصلا تحت سلطة الجماعة ومليشياتها المسلحة.

ليس غريبا على جماعة "الاخوان" الاصرار على دعم الغزو التركي في ليبيا،فالجماعة تسعى جاهدة للبقاء في السلطة التي وصلت اليها بعد دعمها للتدخل الغربي في البلاد في العام 2011،فالجماعة التي تزعم بحثها عن دولة مدنية ديموقراطية،انقلبت على نتائج الانتخابات في العام 2014،واستعانت بالمليشيات المسلحة للسيطرة على مؤسسات الدولة.وطيلة السنوات الماضية كرست الجماعة ومليشياتها الفوضى والنهب والفساد.

وتستمر تركيا في إرسال المرتزقة السورييين إلى ليبيا حيث تجاوز عددهم وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، 9600 مرتزق، بينهم أطفال ومنتمين لتنظيمات على وقوائم الإرهاب الدولي مثل "جبهة النصرة".ورغم أن الجيش الليبي قد أعلن وقف اطلاق النار بمناسبة عيد الفطر فان حكومة الوفاق وبأوامر من تركيا رفضت الهدنة وأعلنت مواصلة هجماتها.ويشير مراقبون أن الايام القادمة ستكشف أكثر حجم المؤامرات الاخوانية التي تحاك في ليبيا بدعم تركي وقطري لانهاك البلاد ونهبها.