عند مدخل مخيم "كلمس" الذي يقع خارج العاصمة مقديشو، تجمع مئات من النازحين الفارين من ويلات الحروب المستعرة في مناطقهم الواقعة جنوبي البلاد، إثر الحملة العسكرية التي أطلقتها الحكومة الصومالية مطلع فبراير/شباط الماضي هناك، لدحر نفوذ مقاتلي "حركة الشباب".
ويضم المخيم الذي يخضع لسيطرة الحكومة في ضاحية مقديشو منذ عام 2011، أكثر من 200 ألف نازح فروا من مدن "قريولي"، و"بولومرير" في إقليم شبيلي السفلى، و"حذر"، و"واجد" في إقليم بكول، ويعيشون في خيم وأكواخ.
حليمة عدو، التي فرت من المعارك قبل أن تضع حملها في الطريق إلى مقديشو، تحكي للأناضول قصة هروبها من مدينة "قريولي"، قائلة:"إبني مات جوعاً أمام عيني ولم أستطع فعل شيء له وساعدني الأقارب في دفنه، لقد كان يوماً مؤلماً في حياتي".
وتمضي قائلة: "تركنا كل ما نملك وراءنا، وكل شيء هنا غالي جداً حتى المياه التي نشربها هي الأخرى غالية الثمن،لم نجد مساعدات تذكر حتى الآن".
وعن وضع المخيم، تتحدث مديرته، حبيبة قالي للأناضول قائلة :"النازحون هنا يعيشون حياة قاسية، فالمخيم يفتقد إلى أبسط مقومات الحياة، إلا أننا وفرنا للأسر الضعيفة بعض الحاجيات بأموال جمعناها من الأسر المقيمة في العاصمة".
وتحذر حبيبة من أن معاناة النازحين ستزداد سوءاً "إذ لم تقدم الهيئات الإنسانية مساعدات غذائية لإنقاذهم".
وغير بعيد عن المكان الذي قابلنا فيه حبيبة، كان الشيخ عثمان عبدي جيسو( 62 عاماً) نائماً على حصيرة بالية في إحدى زوايا مسكنه الذي لا تتجاوز مساحته 3 أمتار.
يقول الشيخ عثمان بصوت متقطع "جئنا إلى هنا من أجل البقاء على قيد الحياة ، أتقاسم مع إبني الوحيد وجبة غذاء واحدة في اليوم، ونكمل الوجبات الأخرى عبر شربنا الماء".
محمد يوسف عبدي (أحد طلاب مدرسة فاروق الثانوية في مدينة بولومري)، يقول للأناضول، "نواجة حياة إنسانية صعبة بعد أن نزحنا من المدينة، لا نستطيع مواصلة التعليم تحت ظلال الحروب".
ويطالب محمد، الحكومة الصومالية والهيئات المعنية بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إليهم، مشيراً إلى أن المساعدات الإنسانية التي يتلقونها "لا تسد حاجتهم الأساسية".
وبحسب إحصائيات أممية، فإن عدد الأشخاص الذين نزحوا جراء الحروب المسلحة بين القوات المتحالفة (القوات الصومالية والإفريقية) ومقاتلي حركة الشباب الصومالية في الأقاليم الجنوبية والوسطى من الصومال، بلغ قرابة 40 ألف نازح فروا من مناطقهم بحثاً عن مكان آمن.
ورغم أن الحكومة الصومالية قدمت مساعدات إنساينة للنازحين الذين وصلوا إلى ضواحي مقديشو، فإن ثلث المتضررين جراء تلك الحروب ما زالوا يعانون من نقص شديد في المواد الغذائية والصرف الصحي، بحسب ما يقولون.
وتواصل القوات الحكومية وبعثة قوة حفظ السلام الأفريقية معارك عنيفة ضد متمردي حركة الشباب في مناطق بجنوب ووسط الصومال، وسقطت، مؤخرا، مدن وبلدات كانت خاضعة لحركة الشباب في أيدي القوات الحكومية.