انتقد الخبير الجبائي التونسي وعضو الجمعية العالمية للجباية الاسعد الذوادي الاستشارة الوطنية التي نظمتها وزارة المالية حول "اصلاح المنظومة الجبائية" خلال الاسبوع الماضي لمناقشة ما تمخضت عنه اجتماعات الست لجان المكونة بخصوص مسالة "اصلاح المنظومة الجبائية"
وتساءل كيف يمكن تعصير ادارة الجباية التي تصر الى حد الان على منح المعرفات الجبائية للالاف من المتحيلين والمتلبسين بالالقاب في خرق للفصل 56 من مجلة الضريبة على الدخل والقوانين المهنية ؟
وقال:"لم تتطرق الاستشارة إلى مسألة السمسرة والفساد في الملفات الجبائية من خلال الإصرار على عدم تحوير الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية التي تنص في خرق للقوانين المهنية على إمكانية أن يستعين المطالب بالضريبة "بمن يختاره" بما في ذلك السماسرة وعصابات الرشوة والفساد والحال ان تلك الاحكام وجب ان تنص على ان يستعين المطالب بالاداء بمستشار من بين الاشخاص المؤهلين قانونا.
كما لم تشر الاستشارة حسب رايه الى ضرورة حذف لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري المحدثة بمقتضى الفصل 30 من قانون المالية لسنة 2011 والتي تعتبر محكمة خارج إطار المنظومة القضائية وقضاء موازيا مثلما أكد ذلك القضاة والباحثون والمستشارون الجبائيون والمحامون والتي خلفت اللجنة الإستشارية المكلفة بالنظر في عرائض المطالبين بالضريبة المحدثة خارج اطار القانون والتي شطبت الديون الجبائية منذ سنة 1998 دون أن يفتح أي تحقيق جنائي بخصوص اعمالها إلى حد الآن علما ان تركيبتها ضمت خبيرين محاسبين في خرق على الاقل للفصل 15 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية.
وقال في ذات السياق :"ان الاستشارة لم تتطرق إلى مسالة الفساد في المجال الجبائي الذي يكلف الخزينة العامة سنويا آلاف المليارات فالملاحظ أن بعض الأطراف تستميت في الإبقاء على الثغرات التي من شانها مساعدة المتحيلين والمتهربين والفاسدين على العبث بالموارد العمومية.

مافيا التهرب الجبائي:

وذكر الذوادي ان الاستشارة لم تتطرق كذلك لضرورة حذف اكثر من 130 صندوق خزينة مافياوي اهدرت في اطارهما عشرات الاف المليارات مثلما هو الشان على سبيل المثال بالنسبة لما يسمى بصندوق التاهيل الشامل دون ان يعلم المواطن اوجه صرفها وتلك الصناديق ساهمت في تخريب القدرات الشرائية للمواطن والقدرات التنافسية للمؤسسة و الاخطر من ذلك ان هناك صناديق اخرى سوداء غير مدرجة بالميزانية مثلما اكدت ذلك دائرة المحاسبات من خلال تقريرها الاخير بخصوص صندوق سرقة الاعراف المحدث بمقتضى الفصلين 57 و58 من قانون المالية لسنة 1975.
ولم تشر الاستشارة لضرورة مكافحة السوق الموازية والتحيل من خلال التنصيص صلب الفصل 14 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات على عدم طرح الاعباء بما في ذلك الاستهلاكات المبررة بفواتير صادرة عن اشخاص يباشرون انشطة مهنية وتجارية في خرق للتشريع الجاري به العمل او عن اشخاص مقيمين بجنات ضريبية او بلدان ينتفعون داخلها بانظمة جبائية تفاضلية كالمناطق الحرة بالامارات مثلما فعل ذلك المشرع الكامروني من خلال قانون المالية لسنة 2012 حيث لا يعقل ان لا تقبل للطرح الخطايا وتقبل الاعباء المبررة بفواتير صادرة عن ممارسي الغش والتحيل.
ولم تتطرق ايضا لمسالة الجرائم التي نمتها مجلة التشجيع على الاستثمارات التي لا زال العمل بها متواصلا رغم صيحات الفزع التي اطلقها المهنيون والمراسلات التي بعثت بها الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين لمختلف الوزارات، كاهدار عشرات الالاف من المليارات من المال العام في امتيازات مالية وجبائية لا زلنا نجهل مردوديتها وتبييض الاموال والتحيل والجريمة المنظمة واستيراد البطالة وتحويل وجهة الامتيازات والتهرب من دفع الضرائب وتحويل تونس الى وكر للخردة وغير ذلك مثلما اتضح ذلك جليا من خلال التقرير المنشور خلال سنة 2012 ببلجيكا من قبل خلية مكافحة تبييض الاموال والجريمة المنظمة الذي صنف تونس في المرتبة الخامسة من حيث الخطورة التي تشكلها على الدولة البلجيكية وكذلك عملية تحيل "سيدي سالم" التي تقوم بها شركة مصدرة كليا مبعوثة من قبل اجانب لتباشر بصفة صورية نشاط مركز نداء بتونس.
كما اهملت الاستشارة الاليات الناجعة المقترحة من قبل المستشارين الجبائيين منذ سنوات والتي من شانها مكافحة التهرب الجبائي وتكريس العدالة والمساواة والحياد كوضع ميثاق جبائي لا تدفع الضريبة على على اساسه واحداث سجل وطني للمتحيلين وممارسي الغش والسماسرة والمهربين وحرمان المتهربين من دفع الضريبة من الانتفاع بالمرافق والمساعدات العمومية والمشاركة في الصفقات العمومية وتحوير الفصل 101 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية الذي لم يعدد بصفة واسعة اعمال التحيل الجبائي وفتح اجال التدارك كلما تعلق الامر باعمال تهرب او فساد في المجال الجبائي مثلما هو الشان داخل امريكا ورفع السر المهني واحداث ادارة متخصصة تعنى بمكافحة التحيل الجبائي مثلما هو الشان داخل البلدان المتطورة التي نخص بالذكر منها المانيا وفرنسا وايطاليا.

الجرائم الجبائية:

وأفاد ان الحديث عن العدالة الجبائية صلب الفصل 10 من الدستور في ظل الاصرار على عدم ايجاد الاليات الناجعة الكفيلة بمكافحة الفساد والتهرب في المجال الجبائي وكذلك الابقاء على الثغرات التي تطبع التشريع الجبائي والتي يستغلها فاقدو المواطنة للتهرب من القيام بواجبهم الجبائي وعدم تفعيل القوانين غير الجبائية كالقانون عدد 75 لسنة 2003 متعلق بمكافحة تبييض الاموال والجرائم الجبائية ومواجهة مصالح المراقبة الجبائية بالسر المهني حتى لا تقوم بمهمتها الاساسية المتمثلة في تكريس العدالة الجبائية من خلال مكافحة التهرب الجبائي يبقى ضربا من ضروب النفاق والكذب المفضوح والضحك على الذقون
وتساءل هل بامكان حكومة التكنوقراط ان تصدر قانونا مشابها للقانون الفرنسي عدد 1117 لسنة 2013 والمتعلق بمكافحة الفساد والتهرب الجبائي والذي احدث خطة وكيل جمهورية مالي ؟علما ان الاتحاد الاروبي اعتبر التهرب الجبائي ماسا بامنه القومي.
واشار الى انه عندما يدرك الشعب التونسي أن الثورة الجبائية بإمكانها القضاء على الفاسدين والمتواطئين معهم مثلما فعل الشعب الأمريكي في القرن الثامن عشر أي قبل كتابة دستوره، عندها ستتغير الأمور نحو الأفضل. .