مازال التوتر سيد الأوضاع في ليبيا وخاصة في العاصمة طرابلس حيث تتواصل منذ أيام الاشتباكات بين الجيش الوطني الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق فيما تتصاعد الدعوات الدولية للتهدئة في البلاد ووقف اطلاق النار خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها العالم على وقع مخاطر انتشار فيروس كورونا.

وطالبت الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي و9 دول أجنبية، اليوم الثلاثاء، بوقف فوري للقتال في ليبيا؛ من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدي فيروس كورونا.جاء ذلك، في بيان مشترك لسفارات الجزائر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى حكومتي تونس والإمارات العربية المتحدة.

ودعا البيان "جميع الأطراف في ليبيا إلى إعلان وقف فوري وإنساني للقتال، وكذلك وقف النقل المستمر لجميع المعدات العسكرية والأفراد العسكريين إلى ليبيا من أجل السماح للسلطات المحلية بالاستجابة لتحدي الصحة العامة غير المسبوق الذي يشكله فيروس كورونا المستجد".وشدد على دعم "جهود السلطات الصحية الليبية في جميع أنحاء البلاد"، من أجل "اتخاذ جميع التدابير اللازمة لدعم صحة ورفاهية جميع الليبيين".

وتابع البيان:"ستمكن مثل هذه الهدنة المقاتلين من العودة إلى ديارهم لتقديم الرعاية اللازمة للأقارب الذين قد يكونون أكثر عرضة للخطر".وأعربت هذه الدول عن آمالها أن "تؤدي هذه الهدنة الإنسانية إلى اتفاق الطرفين الليبيين على مشروع وقف إطلاق النار الذي يسرته الأمم المتحدة في 23 فبراير والذي تمّ التوصل إليه في جنيف في إطار اللجنة العسكرية المشتركة الليبية 5 + 5، والعودة إلى الحوار السياسي".

وفي بيان منفصل، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا انضمامها لـ"الشركاء الدوليين في دعوتهم جميع أطراف النزاع إلى إعلان وقف فوري للأعمال القتالية لأغراض إنسانية، فضلا عن وقف النقل المستمر لجميع المعدات العسكرية والأفراد إلى ليبيا".ودعت البعثة "جميع الأطراف في ليبيا إلى اتخاذ هذه الخطوة الشجاعة في توحيد جهودهم في مواجهة هذا الوباء".

وتابعت:"فيروس كورونا لا يعترف بأي حدود أو انتماءات وقادر على اختراق كل الجبهات، لذا فإننا ندعو جميع الليبيين إلى توحيد صفوفهم فورا وقبل فوات الأوان لمواجهة هذا التهديد المهول والسريع الانتشار".كما طالبت بـ"تطبيق آلية موحدة لمواجهة وباء كوفيد-19 في ليبيا بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والوكالات الأخرى العاملة في ليبيا وأصدقاء ليبيا".

تأتي هذه الدعوات للتهدئة في وقت تتواصل فيه الاشتباكات الميدانية،حيث أعلنت عملية بركان الغضب،أن المدفعية الثقيلة التابعة لقوات الوفاق استهدفت قوات الجيش في محيط منطقة الوشكة.وبثت عملية بركان الغضب عبر صفحتها بموقع "فيسبوك"،  تسجيلا مصورا قالت إنه يظهر قيام المدفعية الثقيلة التابعة لقوات 301 المنتمية للمنطقة العسكرية الوسطى بعملية بركان الغضب باستهداف مصادر النيران من عربة راجمات لقوات الجيش في محيط الوشكة.

وتصاعدت وتيرة الاشتباكات خلال الايام القليلة الماضية،وتمكن الجيش الوطني الليبي من الحاق خسائر كبيرة في صفوف قوات الوفاق والمرتزقة الموالين لتركيا.وقال المكتب الإعلامي للكتيبة 128،في وقت سابق، إن سرية المدفعية التابعة لها استهدفت تجمعا للمرتزقة السوريين المدعومين من أنقرة في محور عين زارة جنوبي العاصمة طرابلس.

وأرسلت القيادة العامة للجيش الليبي، تعزيزات ضخمة لوحداتها المتمركزة في محاور جنوب وجنوب غربي العاصمة طرابلس.وقال عقيلة الصابر المسؤول الإعلامي بقوة عمليات إجدابيا التابعة للجيش الليبي: "إن القيادة العامة أرسلت تعزيزات ضخمة لقوة عمليات إجدابيا المتمركزة في محور عين زارة جنوب العاصمة طرابلس".وأضاف الصابر في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن القيادة العامة عززت قوة عمليات إجدابيا بمدرعات مصفحة حديثة الصنع، بالإضافة لعتاد لتطوير القتال والعمليات ضد المستعمر التركي والمليشيات الإرهابية المدعومة من طرفه.

وتستمر المواجهات المسلحة بين الجيش الليبي وقوات حكومة الوفاق على أكثر من جبهة في غرب البلاد ووسطها، بعد خرق الهدنة وس اتهامات لتركيا بتأجيج الصراع في البلاد.أكد خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي، أن عدد مرتزقة أردوغان الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس حتى الآن بلغ نحو 5 آلاف من المرتزقة.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن المحجوب قوله أن المرتزقة دخلوا إلى العاصمة عبر طرق عدة منها مطار مصراتة وزوارة، عبر طائرات، موضحا أن هناك معلومات عن 1000 من المرتزقة يتم تجهيزهم في تركيا، وتابع: نؤكد أنه لا يوجد إشكالية في حضورهم إلى ليبيا، خاصة أننا بإمكاننا استهداف أي موقع أو أي هدف، ونفذنا ضربات دقيقة ضد المليشيات في الفترة الماضية.

وأكد أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، الأحد، أن تركيا قامت ببناء محطات رادار وصواريخ قرب مصراتة ومعيتيقة.وأضاف - المسماري في مؤتمر صحفي - أن الاشتباكات تهدف لمنع المليشيات من استغلال الهدنة، مؤكدا أن من يقود العمليات الإرهابية في ليبيا شخص تركي اسمه الحركي أبوالفرقان.

وأكد المسماري أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جلب 7500 مرتزق سوري للقتال في صفوف المليشيات الإرهابية لصد تحرير المدن الليبية من قبل قوات الجيش الليبي، موضحا أن أردوغان أرسل ألف ضابط وفرد تركي، بالإضافة لإرسال ما بين 300 و400 مرتزق أسبوعيا إلى غرب ليبيا.بينما قدر عدد الإرهابيين الذين جلبتهم تركيا من جبهة النصرة وداعش بنحو 2000 إرهابي، مضيفا أن 190 عنصرا سوريا هربوا إلى أوروبا.

وتسعى تركيا للاستحواذ على ثروات ليبيا من خلال دعمها للمليشيات المسلحة التي تسيطر على طرابلس، بالمال والسلاح، حيث نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن مسؤول بارز في الجيش الوطني الليبي تأكيده "قيام تركيا على ما يبدو بتزويد الميليشيات الموالية لحكومة السراج بذخائر مدفعية بأعداد كبيرة"، موضحاً أن "هذه الميليشيات لم تكن تمتلك مؤخراً الذخائر المدفعية، وأغلب رمايتها لا تنفجر، لأنها مخزَّنة بشكل سيئ، وأحياناً من دون صمام تفجير".

وأشار إلى أن "الأتراك زودوا الميليشيات بالمدفعية للتأثير في المناطق التي حررها الجيش، بهدف تسهيل وصول القذائف إليها، ما يسبب هلع المواطنين، خصوصاً بعد أن عجزت الميليشيات عن تحقيق أي تقدم ميداني". وأضاف:"بعد استهداف أطقم المدفعية التركية هرب الأتراك الذين يعملون على المدافع، وأصبحت الميليشيات هي من يستعمل هذه المدافع بشكل عشوائي لإيقاع الخسائر بالمدنيين".

وتزيد التدخلات التركية من تأجيج الأوضاع في ليبيا والتي باتت تشكل خطرا كبيرا يتهدد المنطقة خاصة في ظل استمرار تدفق المرتزقة والارهابيين اليها في وقت تزداد فيه مخاطر انتشار فيروس كورونا.يشار إلى أن حكومتي الشرق والوفاق الوطني في ليبيا اتخذتا إجراءات احترازية لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، مساء الأحد، تسجيل نحو 11 ألف حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد خلال الـ24 الساعة الأخيرة، في جميع أنحاء العالم، ووفاة 343 شخصا.وتسبب انتشار فيروس كورونا المستجد بالمزيد من "إجراءات الإغلاق" حول العالم، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد المصابين بالفيروس جميع التوقعات.