ما تتمتع السواحل والمحيطات بإمكانات هائلة للغذاء والوظائف وسبل العيش المستدامة يمثل دعامة كبيرة للاقتصاد في أي بلد. وهذا المجال يعرف بالاقتصاد الأزرق الذي يعتبر بديلا للاقتصادات الأخرى.
وفي إفريقيا التي تعتبر القارة الأفقر عالميا، يعتبر الاقتصاد الأزرق تعزيزا مهما ويحتل مكانة مهمة في الدول الساحلية التي توفر لها المحيطات موارد كبيرة تغطي بها بعض الإشكاليات الكبيرة التي تعانيها حيث يدعم ما يقرب من 50 مليون شخص تقريبا.
ويرتكز الاقتصاد الأزرق على ركيزتين؛ الأولى هي الغذاء اعتمادا على الصيد المستدام وتربية الأحياء المائية والتكنولوجيا الحيوية البحرية، والثانية هي السياحة عبر استثمار السواحل في خدمات سياحية وقد خطت بعض الدول بالفعل خطوة هامة في هذا الإطار.
وإيمانا بنجاعة هذا الاقتصاد التزم البنك الدولي منذ سنوات، بدعم انتقال البلدان الساحلية الأعضاء نحوه، وهو القطاع الذي يعزز الاستخدام المسؤول لموارد المحيطات مع تأكيده على ضرورة الالتزام بالمسؤوليات البيئية.
وفي هذا الإطار حاورت مجموعة البنك الدولي، ماريا صراف، رئيسة قسم البيئة والموارد الطبيعية والاقتصاد الأزرق لشمال أفريقيا والشرق الأوسط في نوفمبر الماضي، فقالت إن الاقتصاد الأزرق هو كل الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالمحيطات والبحر وكل البنية التحتية في الدول الساحلية من القارة، وهو يسعى إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية النظم البيئية المائية.
وتضيف صراف أنها اكتشف منذ إشرافها على إدارة محفظة غرب أفريقيا، ومؤخراً في شمال أفريقيا، أن التحديات والفرص غالباً ما تكون متشابهة إلى حد ما، خاصة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط حيث الفرص هائلة. ففي دول حوض البحر الأبيض المتوسط، المغرب، الجزائر، تونس، لبنان.. يعيش بالفعل ثلاثة أرباع السكان في المنطقة الساحلية. يعتبر دور الصيد مهمًا جدًا من الناحية الاقتصادية، كما أن إمكاناته السياحية هائلة. لذا فإن الاقتصاد الأزرق يقدم العديد من الفرص.
كما قالت: "لدينا العديد من البرامج الرائدة. لدينا مشروع إقليمي يسمى SFISH، 'صيد الأسماك باللغة الإنجليزية'. يركز هذا البرنامج على دول البحر الأحمر وخليج عدن. ويهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي، وبالتالي الموارد التي تتقاسمها البلدان. وهناك برنامج آخر وهو برنامج بقيمة 350 مليون دولار لدعم الحكومة المغربية في تطوير اقتصاد أزرق قادر على التكيف مع تغير المناخ. يتضمن هذا البرنامج عدة أهداف وأنشطة: تثبيت الكثبان الرملية لمكافحة تآكل السواحل؛ تطوير المناطق البحرية المحمية؛ المراقبة البيئية للشواطئ؛ إدارة مخزونات الأسماك، وتنمية السياحة المستدامة، ونمو قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية".
وعلى الرغم من الآفاق المستقبلية لهذا الاقتصاد وتسليط مجموعة البنك الدولي الضوء على مشاريع لدعم الاقتصاد الأزرق في أفريقيا، لكن هناك تحديات من الضروري التركيز عليها من بينها مكافحة تغير المناخ والتلوث والصيد الجائر وهي من الأمور الضرورية للحد من مشاكل الأمن الغذائي وخلق فرص العمل.