في ظل تواصل الصراع الداخلي في ليبيا منذ سنة 2011 وعدم الاهتداء إلى تسوية تضفي إلى الاستقرار في المشهد السياسي، لازال الاقتصاد الليبي في تراجع متواصل، إذ تفاقم عدد الباحثين عن العمل في البلاد خلال سنة قليلة من ذلك قال مركز التوثيق والمعلومات التابع لوزارة العمل والتأهيل، إن عدد الباحثين عن العمل في ليبيا يبلغ (54142) باحثا مسجلا في 31 مكتب عمل بالمناطق خلال الفترة من 1 يناير حتى 30 سبتمبر سنة 2018.
ولازال يعيش الشعب الليبي أجواء اقتصادية غير مناسبة حتى بعد الحصاد للمشهد الاقتصادي لعام 2018، من تطورات في الإصلاحات الاقتصادية والتي أعلن نتائجها كبح التضخم لأسباب تغير سعر الصرف الدينار وفرض الرسوم على النقد الأجنبي.
وتعتبر السياسات الاقتصادية المتبعة ، خلال السنوات الماضية، أحد أهم الدوافع لانهيار قيمة العملة الليبية بشكل واضح، وبالتالي تفشي موجات الغلاء، والفقر، والإحباط الأمر الذي استدعى إلى تبني فرض رسوم على النقد الأجنبي لصبح موردا من موارد ليبيا.
يرى مراقبون أن أحد أسباب هذا الانهيار أن مصرف ليبيا المركزي يتباطأ ويتلكأ في تنفيذ الاعتمادات المستندية، أو إلى جشع الموردين وكبار التجار واستغلالهم للأزمة نتيجة ضعف الدولة وغياب أجهزتها الرقابية و دورها في حماية المستهلك.
فضلا عن أن أغلب الدولارات التي باعها البنك المركزي تراكم جزءا كبيرا منها عند تجار السوق السوداء، مما عزّز من أرصدتهم بالعملة الأجنبية وبالتالي فإن أي تراجع من المركزي عن بيع الدولار بسبب صدمة خارجية يتعرض لها الاقتصاد الليبي كانهيار أسعار النفط بالأسواق الدولية، أو صدمة داخلية مثل الإغلاقات المتكررة لحقول النفط، سينجم عن ذلك عودة السوق السوداء وبقوة بعد أن تجمّعت وتراكمت لديهم أرصدة كبيرة من الدولار.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن نحو 72 مليار دولار من احتياطات البنك المركزي بالعملة الصعبة تبخرت خلال الأعوام الثمانية الماضية، بعدما كانت عند مستوى 130 مليار دولار قبل الأزمة.
من جانب آخر،اعتبر محللون حزمة الإنقاذ، التي كشفت عنها حكومة الوفاق الوطني في طرابلس لإصلاح الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تعيشها ليبيا منذ سنوات، مغامرة غير محمودة العواقب بسبب الخلافات الحادة بين السلطتين الماليتين في الشرق والغرب.
ويهدف هذا الإجراء المتأخر إلى تقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية البالغ 1.4 دينار للدولار والسعر في السوق الموازية الذي يتراوح بين ستة وسبعة دنانير للدولار.
وتعتمد البلاد، التي دخلت في فوضى شاملة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، بشكل شبه كلّي على الاستيراد لتأمين كل حاجاتها بما فيها الغذائية، بينما تنفّذ معظم عمليات تمويل الواردات عبر طرابلس حيث توجد كل البنوك تقريبا، بينما لا تعرض البنوك في مدينة بنغازي إلا خدمات محدودة وتعاني أصلا من نقص حاد في السيولة.
يجدر التذكير أن قطاع النفط يشهد تحسنا ملحوظا حيثاستعرض رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله مراحل إنشاء مبانٍ جديدة للمؤسسة في مدينة بنغازي من بينها المركز النفطي للصيانة والخدمات الفنية، الذي سيسهم بشكل كبير في تخفيض التكاليف فضلاً عن دوره في الرفع من كفاءة الموظفين.
من جهة أخرى وفي سياق تحسين الخدمات النفطية في ليبيا، أعلنت شركة الخليج العربي للنفط عبر حسابها بموقع فيسبوك في شهر نوفمبر الماضي أنه تم ربط بئر الإنتاج"ي" بحقل النافورة النفطي مع منظومة الإنتاج.
وتعوّل الدولة على إنتاج ما بين 1.3 إلى 1.5 مليون برميل نفط يومياً في العام المقبل، على أساس سعر نفط 60 دولاراً للبرميل.
وعلى الرغم من المشاكل الأمنية الحالية التي أثّرت على الإنتاج من حقول النفط الليبية، فإن إيرادات المؤسسة الوطنية للنفط تلقت دعماً هذا العام من ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج، ورصدت المؤسسة الوطنية للنفط ارتفاع إيرادات 2018 إلى 24.2 مليار دولار، بزيادة 76% عن عام 2017.