يواجه العالم صدمة اقتصادية حادة اعتبرها الخبراء "أقوى سقوط حر" لم يشهده الاقتصاد قبلا، حتى في الركود الكبير، ففي حين امتد الانكماش بعد عام 1929، على مدى  أربع سنوات، فإن الانهيار الاقتصادي الحالي بسبب الفيروس التاجي يحدث على مدى أشهر قليلة.

كشف صندوق النقد الدولي، أنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3.0٪ خلال عام 2020، نتيجة جائحة كورونت (كوفيد-19) ليمثل أكبر انخفاض منذ الكساد الكبير و تشير التوقعات أيضاً، إلى حدوث خسائر أكبر بالناتج المحلي في 2020، تتركز بالاقتصادات الغنية في الغرب، والتي يتوقع أن تنكمش بنسبة 6.1 % في المتوسط. 

ويتوقع البنك الدولى، انخفاض التحويلات العالمية إلى أدنى مستوى لها بنحو 20% العام الجاري، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم بسبب جائحة كورونا. وأرجع البنك الدولى انخفاض التحويلات إلى انخفاض أجور ومعدلات توظيف العمالة المهاجرة، وهي الشريحة الأكثر تعرضًا لفقدان الوظائف والأجور في أي أزمة اقتصادية في البلد المضيف. وسط توقعات بانخفاض التحويلات إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بنسبة 19.7 %.

ومن المتوقع أن تنخفض تدفقات التحويلات في جميع المناطق، لا سيما في أوروبا وآسيا الوسطى (27.5 %)، تليها أفريقيا جنوب الصحراء (23.1 %)، وجنوب آسيا (22.1 %)، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا (19.6 %)، وأميركا اللاتينية والبحر الكاريبي (19.3 %) وشرق آسيا والمحيط الهادي ( 13 %).

بخصوص البلدان الأكثر تضرراً، فإن توقعات صندوق النقد الدولي تشير خصوصاً إلى إيطاليا وإسبانيا، البلدين الأكثر تضرراً من بين اقتصادات أوروبا بجائحة كوفيد19 ،  حيث يُتوقع أن ينخفض إجمالي الناتج المحلي بنحو 9.1% في إيطاليا، و8% بإسبانيا، في حين يُقدَّر أن يصل انخفاض إجمالي الناتج المحلي في بريطانيا إلى 6.5%  وانكمش اقتصاد الاتحاد الأوروبي بـ3.5 % خلال الربع الأول من العام الجاري،  وقد حذر رئيس المفوضية الأوروبية للشؤون الاجتماعية، نيكولا شميت، أمس الإربعاء من خطر تحول الأزمة الاقتصادية في أوروبا إلى "اجتماعية"، مؤكدًا أن الاقتصاد الأوروبي قد دخل مرحلة كساد "غير مسبوق".

وسجّل الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول من العام تراجعاً حاداً لم تعرفه البلاد منذ عقود ، مع دخولها في الإغلاق بهدف احتواء انتشار فيروس كورونا، وانحدر أكبر اقتصاد في العالم بمعدل سنوي قدره 4.8 في المئة وهي المرة الأولى التي يعاني فيها الاقتصاد الأمريكي منذ عام 2014 الذي انتهى بتوسّع قياسي.

أما الاقتصادات الناشئة، فيُتوقع أن يتراجع معدل النمو في الصين من 6.1% العام الماضي، إلى 1.2% في 2020، وهو التراجع الأدنى منذ عقود، في حين سيصل معدل النمو بالهند إلى 1.9%، منخفضاً عن 4.2%.

كما انعكس انتشار الفيروس على النمو الاقتصادي والطلب العالمي على النفط، اللذي شهد أقوى انتكاسة له على مر التاريخ  حيث تراجعت قيمة العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بشكل غير مسبوق، ليهبط سعرالبرميل إلى سالب 37 دولاراً،في أبريل الماضي،  وهو أدنى مستوى منذ بدء بيع العقود الآجلة (عقود تلزم ببيع منتج معين في تاريخ معين بأسعار محددة) عام 1983. وتشهد التبادلات النفطية انتعاشة طفيفة خلال هذه الأيام لتحسن الطلب مع بدء الفتح التدريجي للاقتصادات حول العالم وتخفيف قيود مواجهة "كورونا"، إضافة إلى تقلص المعروض مع إعلان تخفيضات طوعية من السعودية بمقدار مليون برميل يوميا.

'كساد فيروسي' لم يشهده العالم من قبل، فرضه الفيروس التاجي (كوفيد-19) و كبد العالم خسائر بشرية و اقتصادية واجتماعية اعتبرها الخبراء سريعة التفشي طويلة مدى التشافي و الانتعاش، على غرار الوباء، لتبقى كل الأزمات مرتبطة بلقاح يقضي على الأزمة الوبائية ويحد من انتشار الفيروس.