في عصر يوم في منتصف أبريل الماضي تعالت صرخات امرأة من البدو من داخل بيتها المبني من دور واحد في قرية الطويلة المصرية.

ووفق ما نشرته اليوم صحيفة العرب، قال علي أبو فريج، أحد سكان القرية الواقعة في شمال شبه جزيرة سيناء المصرية، إنّ الصرخات كانت عالية حيث جذبت انتباه جيرانها، لافتا إلى أنه شاهد رفقة عدد من سكان المنطقة أربعة رجال مثلمين ينطلقون مبتعدين في سيارة تويوتا لاند كروزر.

وأضاف أبو فريج “عندما ذهبنا لنفهم ما الذي حدث، فوجئنا بالزوج مقيدا ويقول إنّ المسلحين قد اختطفوا زوجته وهربوا بها”.

وقد اختفى المسلحون حينها، ليكشفوا لاحقا أنهم ينتمون إلى “ولاية سيناء”، أحد أخطر التنظيمات المتشددة في مصر.

وتابع أبو فريج أنّ أهل القرية عثروا بعد يومين على جثة البدوية البالغة من العمر 32 عاما ملقاة على طريق بالقرب من القرية “وكانت مصابة بطلقتين في الرأس وقطع في الرقبة”.

وقال اثنان من زعماء القبائل في المنطقة إنّها تعرّضت للاغتصاب. وأوضح أحدهما، وهو الشيخ موسى الدلح من قبيلة الترابين، إنه تم العثور مع جثتها على ورقة تفيد أنها قتلت لأنّها تعاونت مع الجيش المصري.

وقد مر حادث اختطاف البدوية وقتلها، في هدوء في حينه ولم ينتشر الخبر على نطاق واسع في الصحف المصرية. لكن الجيش المصري كان يأمل في أن يمثل ذلك الحادث نقطة تحول في صراعه مع المتطرفين الإسلاميين في المنطقة.

حيث إنّ عشرة من زعماء القبائل الذين أغضبتهم حادثة الاختطاف، وحوادث أخرى شديدة القسوة إنّهم سيشاركون في المعركة ضدّ المتشدّدين رغم شعورهم بأنّ الحكومة “تهملهم” منذ سنوات.

ويلفت خبراء إلى أنّ الجيش المصري يحتاج إلى كل ما يمكن تقديمه من مساعدات، خاصة بعد أن بايعت جماعة “ولاية سيناء”، تنظيم “الدولة الإسلامية الأكبر في سوريا والعراق” وشنت سلسلة من الهجمات الجريئة، آخرها الهجوم المنسق الذي شنه مسلحون تابعون لها مع بداية يوليو الجاري، على قوات الأمن، والذي أدى إلى نشوب أعنف اشتباكات شهدتها المنطقة منذ عشرات السنين، أسفرت عن مقتل 17 جنديا وسقوط أكثر من 100 مسلح، حسب الحصيلة الرسمية.

وإلى حد الآن ظلت القبائل البدوية في شمال سيناء بعيدة عن القتال، رغم أن الجماعات المتشددة ضمت مجندين من شبابها، لكنّ زعماء القبائل يقولون إن اختطاف البدوية في أبريل الماضي مثل لهم إهانة شديدة، فقد ارتكب المسلحون فعلا يمس من الشرف وهو ما لا يمكن للقبائل السكوت عليه.

حيث قال الشيخ موسى الدلح “أن يصل الأمر إلى أن يختطفوا امرأة من بيوتها ويغتصبوها بمنتهى الهمجية ومن ثمة يقومون بذبحها وفصل رأسها عن جسدها، ويضعون معها ورقة يقولون فيها هذه ضريبة التعامل مع الجيش، فهذه تعتبر منتهى الهمجية”.

وتكافح الحكومة المصرية للحفاظ على الأمن، خاصة في سيناء. ويقول مسؤولون مصريون إن بعضا من أخطر العناصر المتشددة في البلاد أرست لنفسها موطئ قدم في المنطقة خلال حكم الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.

ومنذ عزل مرسي في صيف 2013 في أعقاب ثورة شعبية واسعة على حكمه وحكم الإخوان، سعى الرئيس عبدالفتاح السيسي للقضاء على المتشددين من خلال إعلانه عن حملة ضدّ الإرهاب، أدّت إلى سقوط مئات من رجال الشرطة والجيش إلى حدّ الآن.

ويرى مراقبون أنّ الدور الذي يمكن أن يلعبه البدو في هذه الحملة على الإرهاب من شأنه أن يساعد القوات المصرية على إتمام مهامها بنجاح ودحر المتشددين.

وقال مسؤول أمني كبير إنه رغم امتلاك الدولة أسلحة متطورة وأعدادا أكبر فإن العدو ما زال يلحق بقواتها خسائر بشرية متكررة. وأضاف أن الأمر يتطلب استراتيجية جديدة لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل أي خطة.

وأضاف أنّ الأيام قد تثبت أن التغلب على هذه المشاكل والفوز بتأييد القبائل له أهمية حاسمة في جهود الحكومة لاحتواء المتشددين.

ورغم أن الجيش المصري هو أكبر الجيوش العربية إلاّ أنه في الأساس قوة تقليدية، أما في سيناء فهو يواجه عدوا كثير الحركة على دراية أكبر بطبيعة الأرض وتضاريسها كما أنه أفضل في خوض حرب العصابات.

ويبدو أنّ الجيش إلى حدّ الآن غير راغب في إشراك القبائل مباشرة في القتال، بل هو يفضّل استخدامها في عمل المخابرات والمساعدات اللوجيستية.

وخلال جولة في الآونة الأخيرة في قرى شمال سيناء قال عيد أبو سالم (34 عاما) من قرية التومة إنه سمع عن التحرك لدعم الجيش من خلال التلفزيون.

وأضاف أن الكثير من المتشددين ينتمون للقبائل ولذلك لن يكون من السهل على القبائل أن تدعم الجيش. وقال “بعضهم نعرفه بالاسم. لكنهم يختفون ويظهرون فجأة، وعندما يخرجون لتنفيذ عملية يتلثمون وبعد التنفيذ يعودون ليعيشوا حياتهم بشكل عادي جدا.