اعتبر الخبير الاستشاري التونسي في الاستثمار، محمد الصادق جبنون، أنّ الوعود التي قدمّها المترشحون للانتخابات الرئاسية والمتعلقة بإحداث طفرة كبيرة في الاقتصاد التونسي بتونس “لن تجد طريقها للتطبيق في الواقع الاقتصادي التونسي” لعدة أسباب.
وتابع جبنون في تصريح لوكالة الأناضول أنّه في الأصل ووفقا للدستور الجديد، (تم اقراره مطلع 2014) فإن رئيس الجمهورية ليست له صلاحيات اقتصادية واسعة وتتركز صلاحياته في مجال العلاقات الخارجية والدفاع، باعتبار أنّ السلطة التنفيذية الفعلية هي بيد رئيس الحكومة خصوصا في المجالات الداخلية”، مضيفا أنّ رئيس الجمهورية تبقى له بعض العناصر المؤثرة في السياسة الاقتصادية للبلاد.
وتتمثل هذه العناصر حسب محدثنا في تطوير العلاقات الديبلوماسية وذلك في إطار ما يعرف بالديبلوماسية الاقتصادية الخارجية، مشيرا إلى أنّ هذا المعطى يرتبط بمدى علاقات رئيس الجمهورية بالبلدان الأجنبية وخاصّة تلك الفاعلة في المجال الاقتصادي ومدى قدرته على الربط معها وتقديم صورة جاذبة للاستثمار، إلى جانب علاقاته مع المؤسسات المالية العالمية ومنها أساسا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها.
يذكر أنّ الاستثمارات الخارجية في تونس تراجعت بـ – 12,5 في المائة في العشرة أشهر الأولى من السنة الحالية مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب أرقام رسمية.
ومن العناصر الأخرى التي تعتبر من صلاحيات رئيس الجمهورية هي حق المبادرة التشريعية الذي يمنحه الدستور التونسي له بمعنى طرح قوانين، قد تكون اقتصادية، على البرلمان لبحثها.
وفي هذا السياق، أوضح محمد الصادق جبنون أنّ هذا المعطى يمكن أن يلاحظ حين يحين تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي فيها نوع من الصعوبة والتي يمكن أن توجد فيها نوع من التضحيات التي تتحمّلها الطبقات الصغرى والمتوسطة وفي هذا الإطار يمكن لرئيس الجمهورية تقديم مشاريع قوانين لتعديل هذه الإصلاحات أو آثارها.
وبالنسبة إلى البرامج الاقتصادية التي قدمها مختلف المترشحين للرئاسية، أكدّ محدثنا أنها تبقى “مجرّد وعود خيالية وخاصّة فيما يتعلّق بمسألة التنمية الجهوية باعتبارها مقسمّة بين الحكومة المركزية في العاصمة تونس وبين مختلف السلط الجهوية (الجماعات العمومية المحلية) التي أحدثها الدستور (الجهات، الأقاليم، البلديات)، مشيرا إلى أنّه بمقتضى اللامركزية على الصعيد المالي فأنّها هذه السلط سوف تتحمّل جزء كبير من تنفيذ مشاريع التنمية في الجهات المحرومة”.
وشدّد الاستشاري في الاستثمار على أنّه في هذا الإطار فإنّ لرئيس الجمهورية “دور معنوي أكثر منه دور حقيقي واقعي”.
وتطرّق محدثنا إلى أنّ الإشكال الرئيسي في تونس هو إشكال الفقر والتهميش الجهوي والذي يلعب عليه كل المترشجين بدرجات مختلفة، من خلال تكثيف الوعود في هذا الاتجاه، ولكن من المؤكد أن لرئيس الجمهورية دور الرقابة وجق “الفيتو”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الانتخابات الرئاسية في تونس التي ستعقد يوم الأحد المقبل، ترشّح إليها 27 مترشحا قدّم خمسة منهم استقالاتهم في حين يواصل بقية المترشحين حملاتهم الانتخابية من خلال استعراض مختلف برامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وباعتبار أنّ الجانب الاقتصادي يحتل مكانة هامّة في هذه الفترة نتيجة الأزمة التي يمر بها الاقتصاد التونسي فإنّ مختلف المترشحين سعوا إلى تقديم مشاريع اقتصادية تهدف إلى تجاوز الأزمة الحالية والوصول بتونس إلى برّ الأمان.
وقد ركّز أغلبهم على تحقيق التوازن الجهوي والحدّ من البطالة والفقر حيث تضمنت معظم البرامج الاقتصادية للمترشجين للرئاسية على حلولا يرونها مناسبة لتجاوز الأزمة الاقتصادية ومنها أساسا العمل على جلب الاستثمارات باعتبارها المحرّك الأساسي لتوفير مواطن الشغل وخلق الثروة وذلك بإعادة الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب.
ومن الحلول الأخرى التي قدمّها المترشحون العمل على ضمان التقسيم العادل للثروات بين مختلف مناطق البلاد وتحقيق التوازن الجهوي، وتحقيق الهدنة الاجتماعية في إطار العقد الاجتماعي بين مختلف الأطراف الاجتماعية والقيام بالإصلاحات الهيكلية الضرورية.
وفي هذا الإطار، تعهد المترشح عن حركة نداء تونس، الباجي قائد السبسي، بتوفير ما يعادل 70 مليار دولار للنهوض بالاقتصاد التونسي في فترة ولايته (5 سنوات) والعمل على تحقيق الأمن والاطمئنان باعتبارهما المحرّك الأساسي لدفع عجلة الاستثمار، إلى جانب العمل مع الحكومة لدفع التنمية وتوفير الشغل وفك العزلة عن الجهات المهمشة والرفع من مستوى التعليم والخدمات الصحية والإدارة والنقل. يذكر ان السبسي في حال انتخابه رئيسا سيتعامل مع حكومة ينتظر ان يشكلها حزبه الذي يرئسه وصاحب الأكثرية البرلمانية، نداء تونس، ما يعني أنه ستكون له ميزة يتفرد بها عن باقي المترشحين تتمثل في التناغم بين الرئاسة والحكومة بما يمكنه أكثر من تنفيذ رؤيته الاقتصادية.
ووعد المترشح المستقل ورئيس الجمهورية الحالي محمد المنصف المرزوقي بمواصلة الإجراءات التي اتخذها خلال الثلاث سنوات الماضية وذلك من خلال العمل أكثر على “الديبلوماسية الاقتصادية” بهدف استقطاب المستثمرين الأجانب وتنويع الأسواق الخارجية.
من جهته، قال المترشح عن حزب الاتحاد الوطني الحرّ، سليم الرياحي، أنّ رئيس الجمهورية سيكون راعي التنمية في الجهات وسندا لمجهودات الحكومة، إلى جانب العمل على استثمار العلاقات الخارجية من أجل جلب الاستثمارات الضخمة الى تونس، فيما وعد المترشح عن الجبهة الشعبية (يسار) حمّة الهمامي، بالعمل على تحسين ظروف عيش الشعب التونسي، وتوفير مواطن الشغل والحدّ من البطالة، وتحسين المقدرة الشرائية وحمايتها، وتحسين البنية الأساسية وتوفير مرافق العيش الكريم، وتوفير خدمات الصحة والسكن اللائق والنقل والثقافة والترفيه والبيئة السليمة.