على الساحة الدولية، لا يغيب اسم الرئيس عمر البشير بسبب عقود من النزاعات الدموية في السودان حيث شهد على تقسيم البلاد وانفصاله عن الجنوب لكن يبدو ان مناطق ريفية في البلاد استفادت من حكم دام 26 عاما، فرانس برس.

وبالنسبة لاحمد المؤدى، فان البشير وحزب المؤتمر الوطني الحاكم، المرشحان للانتخابات الرئاسية والبرلمانية يوم الاثنين، هما السبب في علاجه في مستشفى قريب من منزله في بلدة شندي على ضفاف نهر النيل بدلا من ان يقبع بعيدا في أحد مستشفيات الخرطوم.

ويقول المؤدى (82 عاما) الذي كان مستلقيا على نقالة بانتظار ان يراه الاطباء بسبب مشكلة في القلب «قبلهما (البشير وحزبه) لم تكن شندي لتحلم بمستشفيات مثل هذه«.

ويحوي المستشفى النظيف والمنظم على المعدات الضرورية. وقد بني كمستشفى تعليمي تابع للجامعة القريبة التي انشئت في العام 1994.

واسست الدائرة المحيطة بالبشير «حزب المؤتمر الوطني» في منتصف التسعينات ولجأ الحزب الى المشاريع التنموية كوسيلة لبناء قاعدة شعبية.

ويوضح المحلل مجدي الجزولي ان هذا حصل في بلاد الخدمات فيها ضعيفة جدا.

ولم تؤثر اتهامات المحكمة الجنائية الدولية للبشير بارتكاب مجازر حرب في دارفور او حتى العزلة الدولية التي عانى منها السودان على شعبية حزب المؤتمر الوطني بين تجار ومزارعي شندي.

واطاح البشير في 1989 بحكومة منتخبة ديموقراطيا، لكنها واجهت حربا اهلية دامية ضد المتمردين الجنوبيين جعلتها في حالة مضطربة. لذلك عمد حزب المؤتمر الوطني بعد وصوله الى الحكم الى ردم فجوة غياب التنمية في مناطق مثل شندي.

ويقول الجزولي ان «مستشفى واحدا ومدرسة واحدة كانا كفيلين بإحداث تحول«.

وتبعد شندي في شمال السودان عن الخرطوم 190 كيلومتراً ويفصل بينهما طريق اسفلتي انتهت السلطات من بنائه في العام 1995. وغالبية سكان المدينة يتحدرون من قبيلة البشير نفسها.

وبعيدا عن المستشفى، يقع سوق المدينة مصدر الموارد الرئيسي فيها.

ومنذ انقلاب البشير تحت اسم «الانقاذ الوطني» يقول التجار ان البنية التحتية في المدينة «تحسنت بشكل كبير«.

ويوضح سليمان حسين، وهو يقف بالقرب من كشكه لبيع البصل الذي يزرع في حقول يرويها النيل، ان «الشوارع الجيدة والمياه والكهرباء جميعها وُجدت مع الحكومة الحالية«.

وقد لعب الحزب الحاكم ورقة المناطق الريفية، فعمد الى الوصول الى مناطق مثل شندي عانت في السابق من تهميش النخبة الحاكمة في الخرطوم.

وفي هذا الصدد، يوضح نائب «حزب المؤتمر الوطني» في شندي احمد الحسن نمر، ان «المؤتمر الوطني حزب كبير، وقد نظم صفوفه، وأنشأ مؤسسات بدأت من شعبة الاساس«.

وبالنسبة له، من السهل معرفة اسباب الدعم القوي للحزب الحاكم. واشار الى سد مروي الذي انتهي من بنائه في العام 2009 وكلف ملياري دولار. وضاعف السد من قدرات السودان على انتاج الطاقة الكهربائية لتتمتع شندي اليوم بالكهرباء على مدار اليوم. ويتابع ان «السودانيين وجدوا ان ثورة الانقاذ تهتم بهم اكثر من اي حزب آخر«.

وان كان ذلك ينطبق على شندي، فانه لا ينعكس على مناطق اخرى في السودان لم تنل الكثير في ظل حكم البشير والمؤتمر الوطني.

ويشرح الجزولي ان هذا «الاقتصاد مسبب للانقسامات، فهو انتج بعض الرابحين الا انه ايضا انتج الكثير من الخاسرين«.

وعلى سبيل المثال، ادى بناء سد مروي الى تشريد الآلاف الذين تلقوا الاوامر بمغادرة منازلهم لإفساح المجال امام المشروع.

كذلك فان المناطق الغنية التي كانت بمثابة المصدر الرئيسي لتمويل مشاريع حزب المؤتمر الوطني انجرت الى النزاعات الدموية الدائرة في البلاد.

وبرزت العديد من المشاريع التنموية في شمال البلاد بالاعتماد على عائدات النفط الذي يضخه السودان من الحقول الجنوبية، وحيث واجهت الحكومة حركة تمرد بين العامين 1983 و2005.

لكن المشاريع التنموية تلك لم تصل الى الجنوب بل تركزت الثروات في الشمال حيث الغالبية العربية.

وفي العام 2010، بلغت عائدات النفط 11 مليار دولار قبل ان ينفصل الجنوب ويعلن استقلاله في 2011 لتخسر الخرطوم بالنتيجة نحو 75 في المئة من مواردها النفطية.

ولا تزال القوات الحكومية تقاتل متمردين في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان كما في دارفور حيث يشتكي المتمردون من التهميش السياسي والاقتصادي. ولكن تلك النزاعات المستمرة تبقى بعيدة عن شندي التي حازت مؤخرا على مشروع تنموي جديد يتمثل بجسر يمتد فوق النيل.

ويقف حسب الرسول محمد علي بثيابه البيضاء في حقله الواقع على مقربة من الجسر ليعبر بفرح عن محصوله. ويروي «بالامس بعت الطماطم في عطبرة. في الماضي كان من الصعب علي ان اقوم بذلك، كنت بحاجة الى ايام بكاملها لنقل المنتجات«.

وبالنسبة اليه فان هذا الجسر ليس سوى دليل على ان حزب المؤتمر الوطني هو الخيار الافضل. وتابع «مع الحكومة الحالية الامور اصبحت اسهل بكثير«.