تواجه ليبيا تحديات كبيرة في قطاع البنية التحتية، الذي يعاني من تدهور مستمر نتيجة للصراعات السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضية. وتأثر هذا القطاع الحيوي بتراجع الاستثمارات، وضعف الصيانة، ما انعكس سلبا على جودة الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون في مختلف المجالات، مثل الطرق، والكهرباء، والمياه، والاتصالات.

يعد قطاع المواصلات من أكثر القطاعات المتضررة، حيث تعاني شبكة الطرق والجسور من تهالك كبير بسبب غياب الصيانة والتوسع العمراني غير المنظم. كما أن الازدحام المروري في المدن الكبرى مثل طرابلس وبنغازي يتفاقم نتيجة ضعف وسائل النقل العام، والاعتماد المفرط على السيارات الخاصة. هذه التحديات تجعل من تطوير وتوسيع شبكات الطرق أولوية ملحة لدعم النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة.

أما في قطاع الطاقة، لا تزال ليبيا تعتمد بشكل أساسي على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء، لكن الشبكة الكهربائية تواجه مشكلات كبيرة تتمثل في الانقطاعات المتكررة بسبب تهالك البنية التحتية وتأخر تنفيذ مشاريع التوسعة والصيانة. 

Peut être une image de 1 personne

وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإصلاح محطات التوليد مثل محطات الزاوية والخمس والسرير، إلا أن البلاد بحاجة إلى استثمارات كبرى في مشروعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتأمين احتياجاتها المتزايدة وتخفيف الضغط على الشبكة الحالية.

أما فيما يتعلق بالمياه والصرف الصحي، فإن تدهور البنية التحتية أدى إلى مشاكل في إمدادات المياه الصالحة للشرب، خاصة مع تعرض منظومة النهر الصناعي لاعتداءات متكررة تؤثر على استمرارية تدفق المياه إلى العديد من المناطق. 

كما تعاني شبكات الصرف الصحي من الإهمال والتوسع غير المنظم، مما يزيد من المخاطر البيئية، ويستدعي خططا عاجلة لإصلاحها وتطويرها.

وفي مجال الاتصالات، تعاني ليبيا من ضعف خدمات الإنترنت والهاتف المحمول، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى شبكات حديثة. وعلى الرغم من بعض المحاولات لتعزيز خدمات الاتصالات من خلال مشاريع الربط بالألياف البصرية، إلا أن هذا القطاع لا يزال بحاجة إلى استثمارات جادة لتحديث البنية التحتية وضمان استقرار الخدمات، بما يواكب التطورات الرقمية العالمية.

ورغم هذه التحديات، لا تزال هناك فرص كبيرة لتطوير البنية التحتية في ليبيا، خصوصا من خلال تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستقطاب الاستثمارات وتحسين الخدمات. 

كما أن التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة يمكن أن يساهم في توفير حلول مستدامة لمشكلات الكهرباء، إلى جانب الحاجة إلى خطط وطنية لإعادة تأهيل الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي، لضمان استدامة الخدمات الأساسية وتحقيق التنمية الشاملة.

فتحسين البنية التحتية في ليبيا لا يعد مجرد ضرورة خدمية، بل هو عامل أساسي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق نقلة نوعية في مستوى معيشة المواطنين. ومع توفر الإرادة السياسية والاستثمارات المناسبة، يمكن أن يشهد هذا القطاع تحسنا ملحوظا في السنوات المقبلة، مما يسهم في دفع عجلة التنمية وتعزيز الاستقرار في البلاد.