في الوقت الذي دخلت فيه المواجهات العسكرية بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج أسبوعها الخامس،تتزايد المؤشرات حول تدخل أطراف دولية في النزاع الدائر على تخوم العاصمة الليبية في محاولة لدعم المليشيات المسلحة.

إلى ذلك،تداولت وسائل اعلامية صورا نشرتها القوات الموالية لحكومة الوفاق من داخل ساحات القتال في ضواحي العاصمة طرابلس، تبرز ما كانوا يحملون معهم من أسلحة وعتاد.وكان لافتا ظهور صورة شاحنة تحمل صاروخاً غير مألوف لم يظهر سابقاً ضمن الترسانة العسكرية والوسائل القتالية التي تمتلكها الميليشيات المسلحة، ويشبه صاروخ إم 302 بعيد المدى شديد التدمير.

وقالت "العربية نت" في تقرير لها،أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها رصد هذا النوع من الصواريخ في ساحات المعارك بليبيا، حيث ظهر الصاروخ مركباً على قاعدة إطلاق فوق سيارة دفع رباعي تابعة لقوات الوفاق، بحسب صور نشرتها صفحة "تجمع ثوار تاجوراء"، الموالية لـ"الوفاق"، قالت إنها التقطت خلال تصدي قوات تاجوراء ومصراتة لمحاولة تقدم قوات الجيش الليبي في محور منطقة الزطارنة شرق طرابلس، يوم الجمعة الماضي، ليعيد نشرها القيادي في القوة الثالثة مصراتة، أشرف تنتون، ويؤكد أن هذا الصاروخ هو واحد من ضمن 20 ألف صاروخ تمتلكها قواتهم.

وبحسب التقرير فقد خلفت الصور المتداولة لهذا الصاروخ على مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً بين الليبيين وتساؤلات بشأن الدعم العسكري الذي تقدمه إيران للميليشيات المسلحة، وما إذا أصبحت صواريخها وأسلحتها شريكاً أساسياً في الهجمات التي تشنها قوات حكومة الوفاق ضد الجيش الليبي في معركة تحرير طرابلس.

وأضافت "العربية نت" أن ما يعزز هذه الفرضية هو أن ظهور هذه الصواريخ يأتي بعد أيام فقط من ضبط سفينة إيرانية مدرجة على لوائح العقوبات الأميركية والأوروبية في ميناء مصراتة، كانت متجهة إلى وجهة غير معلومة، أظهرت مقاطع فيديو صورت داخلها، أنها محمّلة بآلاف الصواريخ المطابقة والمشابهة للصاروخ الذي ظهر لدى قوات حكومة الوفاق.

وخلال اليومين الماضيين،تداول ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر،مقطع فيديو يظهر شحنة الأسلحة التي وصلت إلى ميناء مدينة مصراتة الليبية عبر سفينة إيرانية، مع تعليق شخص مجهول، قيل إنه أحد العاملين في ميناء مصراتة، وهو يقول إنها عبارة عن 20 ألف صاروخ سيتم تجهيزها للمشاركة في معركة طرابلس القائمة بين قوات الجيش الوطني الليبي والميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس.

ويأتي التدخل الايراني بالتزامن مع آخر تركي في الصراع الدائر في العاصمة الليبية،حيث أقرت حكومة الوفاق،حيث أكدت على لسان مهند يونس الناطق باسم المجلس الرئاسي، خلال مؤتمر صحافي عقده في طرابلس، إن حكومة الوفاق "قامت بتفعيل الاتفاقيات القديمة مع تركيا حول التعاون العسكري، وطلبت منها ومن بعض الدول الأخرى الداعمة أمورا جديدة".

ولم يوضح طبيعة هذه "الأمور الجديدة"، كما لم يذكر أسماء الدول الأخرى التي وصفها بـ"الداعمة"، حيث اكتفى بالقول إنها "ستصل من تركيا ومن كل الدول الداعمة (…) بما يمكن حكومة الوفاق من صد الهجوم على العاصمة".وهو ما اعتبره مراقبون دليلا على دعم تركيا لقوات الوفاق بالسلاح والعتاد الحربي.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال الاثنين الماضي، خلال اتصال هاتفي برئيس الحكومة، فائز السراج إن "بلاده ستسخّر كل الإمكانيات لدعم الحكومة الشرعية (الوفاق)، وأنها ستقف بكل حزم إلى جانب الليبيين لمنع المؤامرة وصد العدوان ضد "طرابلس"، وأنه لا وجود لحل عسكري في ليبيا، وأن المسار السياسي هو المسار الوحيد لبناء الدولة المدنية".بحسب زعمه.

وسارع الصادق الغرياني مفتي ليبيا المعزول، والمدرج على قائمة الإرهاب في عدد من الدول العربية،الى شكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد أن أعلن الأخير دعمه الكامل للميليشيات بقوة وحزم بالذخيرة والسلاح النوعي.وطالب الغرياني المقيم في إسطنبول في مداخلة تلفزيونية بثتها مساء الخميس الماضي،قناة "التناصح"، حكومة السراج "بعدم تفويت فرصة الموقف التركي" ودعاها إلى رصد الأموال، وإبرام الاتفاقيات مع تركيا لأنها لن تجد إلا من وصفه بـ"الصديق" في وقت الشدة.

وتتهم تركيا بالوقوف وراء العديد من سفن السلاح التي ضبطت خلال السنوات الماضية متجهة نحو ليبيا لدعم المليشيات الموالية لسلطات أنقرة.ويرى كثيرون أن التصريحات الأخيرة تعكس اعترافا ضمنيا بتدخل تركيا لتأجيج الصراع في ليبيا وزعزعة استقرارها،وبات دعمها السياسي والعسكري للمليشيات المسلحة علنيا. 

ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن بشير الأحمر عضو البرلمان الليبي،قوله إن الشعب الليبي يعرف تمام المعرفة تورط تركيا في دعم الميليشيات والمتطرفين، وهذا الأمر ليس خافيا على الجميع.وأضاف الأحمر أن الإعلان عنه بهذا الشكل يعكس الكثير من الصلف والعدوانية خاصة وأنه يأتي فيما "تتقدم فيه قوات الجيش الوطني لاستعادة طرابلس، وتطهيرها من المتطرفين الذين يريدون إبقاء ليبيا في مربع اللادولة".

وفي وقت سابق، جدد الناطق باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري اتهامه لتركيا بالتدخل وتغذية الصراع في طرابلس.وقال خلال مؤتمر صحافي، مساء السبت، إن هناك خطوطا مفتوحة من تركيا ومالطا جوا وبحرا لدعم مجموعات طرابلس بالسلاح والمقاتلين، مضيفاً أن رحلات جوية مباشرة من تركيا إلى مصراتة تنقل مسلحين من "جبهة النصرة" قاتلوا في سوريا.كما أكد أن عدد المقاتلين الأجانب في ازدياد، متوقعاً حدوث عمليات انتحارية.

وحددت المجموعة،التي يترأسها اللواء عبد السلام الحاسي، مساء أول من أمس، أسماء تسعة عناصر، قالت إنهم ينتمون إلى "القاعدة" و"داعش"، وخلايا "بيت المقدس". بالإضافة إلى عدد آخر من الإرهابيين التابعين للإرهابي المصري هشام عشماوي، الذي اعتقله الجيش الوطني،خلال الأشهر الماضية في مدينة درنة بشرق البلاد.

وأضافت المجموعة أنها "تضع هذه الحقيقة أمام كل الذين يقاتلون إلى جانبهم، وأهالي مصراتة، ووزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة لمخاطبة نظيرتها الإيطالية بهذا الأمر"، معتبرة أن "السلطات الإيطالية خصصت هذا المستشفى الميداني لمكافحة الإرهاب لا لدعمه".

يذكر أن السلطات الإيطالية قد دشنت مستشفى ميدانى فى مدينة مصراتة غرب البلاد لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للمدنيين فى المدينة، إلا أن الجيش الوطنى الليبى تحدث فى عدة مناسبات عن تلقى قيادات إرهابية للعلاج فى المستشفى الإيطالى.

وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي،طالب في وقت سابق إيطاليا بإغلاق مستشفاها العسكري في أقرب وقت ممكن، حيث اعتبر المسماري أنه لم تعد هناك دواعٍ إنسانية لبقاء المستشفى بعد القضاء على تنظيم "داعش" في مدينة سرت الساحلية نهاية العام 2016.

لكن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي،نفى تقديم إيطاليا أي دعم عسكري لميليشيات مصراتة، المتحالفة مع حكومة السراج، عبر المستشفى الإيطالي الميداني بمصراتة.وقال كونتي خلال مشاركته في منتدى "الحزام والطريق" الثاني للتعاون الدولي في بكين، إن "موظفينا في مصراتة لا يقدمون أي دعم للأنشطة العسكرية، أو شبه العسكرية، أو غيرها من الأنشطة. لدينا مستشفى عسكري حيث نعالج الجرحى المدنيين، وما نحن على استعداد للقيام به هو علاج المقاتلين المصابين، ليس فقط من حكومة الوفاق، أو من جيش السراج ومصراتة. ولكن أيضاً من قوات الجيش بقيادة حفتر".

وأطلق القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر عملية عسكرية لتأمين العاصمة طرابلس والقضاء على التشكيلات المسلحة والجماعات الإرهابية.لكن التدخلات الخارجية من شأنها اطالة أمد الصراع وتعميق الانقسامات بين الأطراف الليبية وهو ما يهدد بتواصل الفوضى وغياب الاستقرار في هذا البلد الممزق منذ سنوات.