استبعد المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان أن تؤدي الحرب الروسية الأوكرانية إلى انعكاسات مباشرة على دول المغرب العربي مبينا في مقابلة مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن دول أوروبا الغربية هي الخاسر الأكبر في هذه الحرب.
إلى نص الحوار:
ما طبيعة الدور الروسي في دول المغرب العربي؟
روسيا لديها علاقات مع كل دول المغرب العربي من موريتانيا إلى ليبيا وبالتأكيد لها حلفاء استرايجيين بينهم الجزائر وليبيا قبل إسقاط النظام عام 2011 واليوم هناك معادلة روسية في المنطقة أساسها استمرار تمددها في المياه الدافئة والجميع يعلم أن روسيا لها حظوظ قوية وفاعلة في شرق ليبيا تحققت جراء نجاحها في مساندة الأطراف الليبية المعادية لتمدد جماعات الإسلام السياسي عبر دعم قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر بعكس أوكرانيا التي ليس لديها علاقات بحكم أنها دولة وجدت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وبذلك فإن علاقاتها محدودة بدول المنطقة وترتبط معها بمصالح بسيطة مثل السياحة ودراسة الطلاب في جامعاتها ولكن لا يوجد تبادل تجاري أو ثقافي أو سياسي بالمعنى الحقيقي للكلمة وإنما هي علاقات في مستوى عادي وليس مميز مثل علاقات روسيا بعدد من دول المنطقة.
برأيك ما التداعيات السياسية لهذه الحرب على منطقة المغرب العربي؟
عندما نتحدث عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على منطقة المغرب العربي فكأننا نعتبر منطقتنا المغاربية قريبة أو مجاورة لساحة النزاع الروسي الأوكراني وهذا بعيد عن الحقيقة لكن الحرب لها تداعيات على كل دول العالم سواء القريبة من منطقة النزاع أو البعيدة عنه، وأعتقد أن أول هذه التداعيات ستكون على الدول الغير نفطية التي ستعاني من ارتفاع أسعار النفط وهذا سيؤثر على ميزانيتها مثل تونس أما الجزائر وليبيا فستستفيدان من ارتفاع أسعار النفط لأن ذلك سيساهم في تحسين الأوضاع المالية للدولتين.
ولا أعتقد أن الحرب الروسية الأوكرانية لها انعكاس مباشر على دول المغرب العربي هي فقط انعكاسات ناتجة عن الأزمة الدولية بشكل عام ورغم عدم قناعتي بأن هذا النزاع سيستمر طويلا إلا أنني أتوقع ارتفاع أسعار القمح والمواد الأساسية والنفط ولكن بالتأكيد فإن الخاسر الأكبر في هذا النزاع هي دول أوروبا الغربية لأنها ستكون المتضرر الأكبر وستدفع أكبر فاتورة نتيجة هذه الأزمة.
إلى أي مدى تتخوف من تعرض دول المغرب العربي لضغوط غربية للتحشيد ضد روسيا؟
لن يكون هناك ضغط أوروبي على دول المغرب العربي لأن الدول الغربية مازالت ملتزمة بتفاهمات ما بعد أزمة الصواريخ الروسية في كوبا سنة 1962 والقاضية باحترام تفاهمات بين الدول الكبرى بعدم الاقتراب والدخول في صدامات بالقرب من حدودها الجغرافية وقد شاهدنا أن كل الدول تخلت عن أوكرانيا حيث أراد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن يصنع دورا سينمائيا ويصنع أزمة فاكتوى بنارها وفهم متأخرا أن كل الوعود التي أعطيت له كانت مجرد كلاما غير واقعي.
برأيك إلى أي مدى ستؤثر الحرب على الدور الروسي في المنطقة؟
أعتقد أن هذا الأمر مرتبط بنجاح إدارة روسيا للأزمة الحالية وما يمكن أن تحققه من مكاسب سياسية على الأرض وهذا سيؤثر بشكل مباشر على الدور الروسي في المنطقة والعالم لذلك فإن نجاح روسيا وخروجها منتصرة من الحرب سيعزز موقف موسكو الذي يتقدم في القارة الإفريقية على حساب تراجع أمريكي فرنسي واضح المعالم بعد فشل فرنسا في إدارة الأزمة في مالي وبعد الهزيمة الأمريكية في أفغانستان
هل طول أمد الحرب سيكون له آثارا على منطقة المغرب العربي؟
أعتقد أنه ليس لأوكرانيا والدول المساندة لها القدرة على إطالة أمد الحرب مع روسيا التي تملك قوة ساحقة وأعتقد أن أوكرانيا فهمت أنه تم التخلي عنها لذلك فإن هذه الحرب لن تكون طويلة الأمد ولكن سيكون هناك نوعا من المناوشات وصولا إلى اتفاق سياسي بأن تبقى أوكرانيا على الحياد في العلاقات الدولية ولا تدخل الحلف الأطلسي لتهديد عمق الأمن القومي الروسي كما ستكون روسيا ملتزمة باحترام حدود أوكرانيا وبالتالي يكون هناك اتفاق غير معلن يتضمن هذه النقاط التي تحدد شكل ومستقبل العلاقات بين البلدين.