تتواصل تفاعلات التصعيد المفاجئ في العلاقات المغربية الفرنسية، إثر اتهام جمعية فرنسية غير معروفة تدعى "حركة المسيحيين لإيقاف التعذيب" اتهامها مدير المخابرات المغربية، عبد اللطيف حموشي، بالتورط في تعذيب سجينين مغربيين.

حادث دبلوماسي بين الرباط وباريس، لم تشهده العلاقات المغربية الفرنسية حتى في أوج عز سنوات التوتر في الثمانينيات،  بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتيران.

الاتهام، أخذ على محمل الجد من قبل السلطات الأمنية الفرنسية، التي استدعت المسؤول المغربي الذي كان في الديار الفرنسية، للمثول أمام قاض للتحقيق ، مما خلق رجة قوية وغير مسبوقة في العلاقات بين الرباط وباريس.

سبعة عناصر أمن فرنسيين توجهوا، يوم الخميس الماضي، إلى مقر إقامة السفير المغربي بباريس شكيب بنموسى، مطالبين بتنفيذ استدعاء موجه إلى مدير المخابرات الداخلية المغربية، عبد اللطيف حموشي، للمثول أمام أحد قضاة التحقيق.

 "حركة المسيحيين لإيقاف التعذيب" وهي جمعية فرنسية مغمورة اتهمت مدير المخابرات الداخلية المغربية، بالتورط في تعذيب سجينين، أحدهما مزدوج الجنسية، يدعى عادل المطلاسي، كان قد اعتقل عام 2008، وأدين في ملف للمخدرات قبل أن يتم ترحيله إلى فرنسا، والثاني هو النعمة أسفاري، أحد المدانين في ملف مخيم "إكديم إيزيك" قرب العيون بالصحراء، المتمثل في قتل عدد من عناصر الأمن المغاربة.

 السجينان يتهمان إدارة الحموشي بتعذيبهما قبل عرضهما على القضاء.

الإجراء الأمني الفرنسي صدم الأوساط الدبلوماسية المغربية، حيث سارع  السفير المغربي في باريس، شكيب بنموسى، بعد مرور أكثر من أربع وعشرين ساعة من التشاور والاتصالات، إلى إصدار بيان شديد اللهجة، استنكر فيه عدم احترام المساطر والأعراف الدبلوماسية في التعامل مع المسؤولين الكبار للدول، واستباحة الأمن الفرنسي لمقر إقامته بالعاصمة باريس.

الرد الرسمي للمغرب كان بيانا غير معتاد أصدرته وزارة الخارجية المغربية، شجبت فيه الحادث، بعدما قامت باستدعاء السفير الفرنسي بالرباط، شارل فريز، حيث أبلغته الوزيرة  المغربية المنتدبة في الخارجية، امباركة بوعيدة، باحتجاج المغرب القوي، لما اعتبرته «إجراءات فجة ومنافية لقواعد الدبلوماسية». 

لهجة شديدة يفسّرها كون عبد اللطيف الحموشي كان يوجد في فرنسا في إطار مهمة رسمية رافق خلالها وزير الداخلية محمد حصاد للمشاركة في لقاء أمني، شارك فيه إلى جانب كل من المغرب وفرنسا، كل من إسبانيا والبرتغال.

اللقاء كان مخصصا لتدارس سبل التعاون والتنسيق لمحاربة الجريمة العابرة للقارات، خاصة منها الإرهاب وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية.

. بيان رسمي للخارجية الفرنسية، كشف طابع المفاجأة، حيث طالب بدوره بتسليط الأضواء على حقيقة ما وقع، حيث قال المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، رومان نادال، إن بلاده استجابت لطلب المغرب المتمثل في: « تسليط الضوء بأسرع وقت ممكن على هذا الحادث المؤسف، في إطار روح الصداقة المطبوعة بالثقة التي تربط بين فرنسا والمغرب».

من جانب آخر، علم لدى مصادر دبلوماسية مغربية، أن الزيارة التي كان مقررا أن يقوم بها نيكولا هيلو ، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي من أجل حماية كوكب الأرض، الاثنين للرباط، قد تم تأجيلها بطلب من المغرب، في انتظار الحصول على توضيحات بشأن شكاية تقدمت بها منظمة غير حكومية في حق المدير العام للمخابرات المغربية بخصوص "تواطؤ مزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب".

كما يأتي تأجيل زيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي المكلف بحماية البيئة بطلب من الرباط في انتظار قيام السلطات الفرنسية بتقديم توضيحات بخصوص الأقوال الجارحة والعبارات المهينة التي نسبت للسفير الفرنسي في واشنطن الذي شبه المغرب بـ"العشيقة التي نجامعها كل ليلة، رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها ".

وكان بلاغ لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة  المغربية ، مصطفى الخلفي ، قد أكد أن الحكومة المغربية تستنكر بشدة، الأقوال الجارحة والعبارات المهينة، المنسوبة للدبلوماسي الفرنسي .