تحاول أنقرة استغلال ورقة الإخوان قدر المستطاع من خلال قياداتهم الموجودة على أراضيها لاستهداف مصر في سياق مسعاها لجعل نفسها ورقة صعبة في المعادلة الإقليمية ولم لا الدولية، هذا الطموح التركي “يدفع بوعي أو بدونه” إلى انشطار جماعة الإخوان إلى نصفين.

وكشفت مصادر مطلعة عن وجود تصدع كبير في صفوف جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر.

وتحدثت هذه المصادر عن أن الانقسام بات واضحا خاصة بين قيادات الإخوان بالخارج وتحديدا أولئك الذي يتخذون من تركيا مقرا لهم وبين قيادات الداخل الذين يوجد معظمهم في السجون المصرية.

وتتمحور أوجه هذا الانقسام في كيفية إدارة الصراع مع الدولة المصرية، حيث تتبنى قيادات الإخوان الموجودة في تركيا لغة التصعيد ضد الدولة، سواء عبر المنابر الإعلامية للتنظيم الأم المتواجدة معظمها بأنقرة أو من خلال السعي للتأثير واستقطاب شباب الجماعة بالداخل للقيام بأعمال عنف وفوضى في مصر.

بالمقابل يتبنى شق من قيادات الجماعة الموجودين في السجون المصرية مواقف أكثر مرونة من بينها ضرورة القبول بإجراء مصالحة مع الدولة وعدم التمسك بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي إلى الحكم، لإدراكهم بتآكل شعبيتهم في الداخل وانعدام أفق الخيارات أمامهم.

وتعزو المصادر أسباب تمسك الشق “الراديكالي” للإخوان الموجود في أنقرة بالتصعيد ضد الدولة المصرية إلى الوعود التي قطعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمواصلة دعمهم والعمل على تدويل قضيتهم في المحافل والملتقيات الدولية.

يذكر في هذا السياق قيام رجب طيب أردوغان مؤخرا ومن على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة بالتهجم على مصر واتهام النظام الحالي بالانقلاب العسكري على “الشرعية”، الأمر الذي أثار حفيظة القاهرة وعدد من الدول العربية التي اعتبرته تدخلا “سافرا” في الشؤون الداخلية للدول.

وتقول المصادر إن الدعم التركي لجماعة الإخوان لم يتوقف فقط على الجانب التسويقي لما يسمونه “مظلمة الإخوان” بل يتعداه إلى تخصيص تمويلات مالية كبيرة لفائدة القيادات الإخوانية لاستغلالها في شراء أصوات في الداخل المصري ولدعم التحركات التحريضية ضد مصر في عدد من الدول الغربية، فضلا عن توظيف جزء من هذه الأموال في تشييد شبكات إعلامية ضخمة مهمتها الأساسية تشويه ثورة 30 يونيو والنظام المصري الحالي برئاسة عبدالفتاح السيسي.

للإشارة فإن أبرز القيادات الإخوانية التي تعول عليها أنقرة في إرباك المشهد المصري نجد على سبيل المثال لا الحصر الأمين العام للإخوان محمود حسين وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة المنحل عمرو دراج، بالإضافة إلى جمال حشمت عضو مجلس شورى الجماعة.

وكانت ذات المصادر كشفت عن لقاءات شبه منتظمة تتم بين هؤلاء وأردوغان لعل آخرها تلك التي حصلت عقب صلاة العيد والتي ضمت هذه المرة عمرو دراج، وأشرف بدر الدين القيادي بحزب الحرية والعدالة المنحل، وحمزة زوبع المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، والداعية الإخواني وجدي غنيم، ومدير مكتب يوسف القرضاوي السابق عصام تليمة (ومعظم هذه القيادات تم ترحيلها مؤخرا من قطر لتحتضنها أنقرة) وقد جدد الرئيس التركي دعمه اللامحدود لتحركاتهم.

ويقول متابعون إن تركيا تحاول توظيف قيادات الإخوان خدمة لأجندتها التدميرية التي تستهدف فيها الدولة المصرية، حيث تعتبر أنقرة أن عودة القاهرة القوية إلى الساحة الإقليمية والدولية ستعني أفول نجمها، وهي التي باتت تطمح للهيمنة على المنطقة وجعل نفسها رقما صعبا في المعادلة الإقليمية.

وفي هذا السياق اعتبر السفير المصري لدى تركيا سابقا فتحي الشاذلي في تصريحات صحفية أن استضافة الرئيس رجب طيب أردوغان للإخوان في بلاده ودعمه اللامتناهي تأتي في سياق “مسعاه لتحقيق حلم الخلافة في تركيا والذي يراوده منذ زمن بعيد”.

ويرى المراقبون أن استمرار تركيا على هذا النهج في دعم جماعة الإخوان ومواصلة تحريضها على مصر سيفقدها ثقلها السياسي في المنطقة، وسيجعلها في عزلة إقليمية هي في غنى عنها بالنظر للأزمات التي تحيط بها، وفقا لصحيفة العرب.

وفي هذا الصدد يقول آرون شتاين أستاذ في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن “في ظل هذا المناخ لا يمكن أن تكون لتركيا علاقات وثيقة مع قوى كبرى في المنطقة باستثناء قطر”.